لفت التقرير السنوي الذي تعده اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها الخاص بسنة 2014، إلى تسجيل تقدم في مجال حقوق الإنسان على أكثر من صعيد خاصة فيما يتعلق بالحقوق الاجتماعية فقد سجلت 2014 تحسنا ملحوظا في قطاع السكن والصحة مقارنة مع سابقاتها، إلى جانب جملة الإصلاحات التي تمت مباشرتها في قطاع العدالة والقوانين التي تم سنها لحماية المرأة من العنف، غير أن التوصيات التي خرج بها التقرير حملت عديد التدابير التي من شانها تجاوز النقائص التي قال إنها لا تزال تشوب بعض القطاعات، والتي أرجع السبب الرئيس فيها إلى سوء التسيير وعدم تطبيق القوانين ميدانيا. اقترح التقرير السنوي لحقوق الإنسان بالجزائر لسنة 2014، الذي تعده اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها، اعتماد قانون إطار يسمح بتعويض النساء اللاتي تعرضن للعنف ومتابعتهن، كما أكد ضرورة تشجيع النساء ضحايا العنف على تقديم شكاوي ضد المعتدين أيا كانوا للحد من الظاهرة، مسجلا إحصاء أكثر من 6985 امرأة تعرضت للعنف خلال التسعة أشهر الأولى من 2014. شكلت مسألة حقوق المرأة صلب الفصل الثالث من التقرير السنوي لحقوق الإنسان بالجزائر، فقد خصص هذه السنة حيزا هاما لتقييم مدى مكافحة العنف الممارس ضد النساء بالجزائر، من خلال اقتراح جملة من التوصيات من شأنها مكافحة هذه الظاهرة التي قال إنها »أخذت أبعادا مقلقة في المجتمع الجزائري«، ولقد اقترحت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها، تسعة إجراءات من شأنها استكمال المسار القانوني الذي باشرته السلطة، بالدعوة إلى »توسيع مفهوم العنف الزوجي ليشمل الجانب الخاص بالعنف المنزلي (العنف ضد الأم، البنت، الزوجة)، وكذا اعتماد »قانون إطار يسمح بمعالجة خصوصيات مشكل العنف ضد النساء«، حيث اقترحت اللجنة في هذا الصدد تعويض النساء المعنفات عن الضرر الذي لحق بهن وكذا ضمان توفير العناية والمتابعة الملائمة لهن. إلى ذلك، أوصى التقرير باستحداث تعريف للاغتصاب ومواصلة تحسيس المجتمع حول هذه الآفة مع ضرورة إشراك المسجد بصفته مؤسسة اجتماعية مسؤوليتها المساهمة في مكافحة العنف، كما دعت لجنة فاروق قسنطيني السلطات العمومية إلى تحري مدى تطبيق نصوص القوانين خاصة في حالة رفض مصالح الشرطة تلقي شكاوي من طرف ضحايا العنف المنزلي، وفي المقابل اقترح التقرير وضع رقم أخضر خاص بضحايا العنف مع تأسيس مراكز استقبال ودعم جديدة لتقديم الخدمات المتخصصة لضحايا العنف على أساس الجنس. وسجل التقرير السنوي للجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها في إحالته على ملف العنف الممارس ضد المرأة أنه »من الضروري تشجيع النساء ضحايا العنف على تقديم شكاوي ضد المعتدين أيا كانوا«، لافتا إلى أن مستويات التبليغ تظل ضعيفة لعدة أسباب حصرها في »خوف الضحايا من الانتقام، التصورات المتأصلة بخصوص صون الشرف العائلي وكذا تبعية النساء الاقتصادية والاجتماعية لأزواجهن وغيرهم من الأقارب الذكور، إلى جانب قلة معرفة الضحايا بحقوقهن في الحماية وكيفيات تقديم الشكوى وفقا للتشريع الساري«. وبلغة الأرقام، تحدث التقرير عن أكثر من 6985 امرأة تعرضت للعنف خلال التسعة أشهر الأولى من 2014، 5163 منهن تعرضن لعنف جسماني، 1508 كن ضحايا سوء معاملة، 27 سقطن ضحايا قتل عمدي، 208 امرأة تعرضت لعنف جنسي و71 كن ضحايا تحرش جنسي، وقال التقرير إن أغلب المعنفات متزوجات حيث رصدت الأرقام المستقاة من قبل مصالح الشرطة القضائية للمديرية العامة للأمن الوطني، 3847 ضحية متزوجة، 1975 عازبة و791 مطلقة، مقابل 440 امرأة يتيمة و1186 لم توضحن وضعيتهن. أما فيما يتعلق بالوضعية الأسرية لمرتكبي أفعال العنف، فقد أشار التقرير إلى أن أغلب المعنِفين هم الأزواج ب 3533 متزوج، 2272 من العزاب، فيما لم يوضح 3862 وضعهم وهم على الأغلب غرباء عن الضحية، لفت التقرير إلى أن أغلب النساء اللاتي تعرضن للعنف بدون مهنة بإحصاء 4713 ربة منزل، 1330 موظفة، 103 إطار سامي، 374 طالبة و87 متقاعدة، حيث أشار التقرير إلى أن أغلب حالات الاعتداء على النساء بدون مهنة كانت من الأزواج، فيما كانت هوية المعتدين متنوعة بالنسبة للطالبات المعنفات. استقلالية العدالة والقضاء تمثل شرطا جوهريا لإرساء دولة قانون حذر التقرير السنوي حول حقوق الإنسان بالجزائر لسنة 2014 الذي أعدته اللجنة الوطنية الإستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها، الجزائر من تنامي ظاهرة الفساد الذي ينخر اقتصاد البلاد ويكبح نموه، مؤكدا أن الجزائر تبدو البلد الأقل تجهيزا قبل أن تدعو إلى إشراك الجميع بشكل فعلي في معركة مكافحته، واقترح التقرير أن تكون التقارير السنوية التي يصدرها مجلس المحاسبة محل ترويج إعلامي كبير من اجل رفع دعاوي فورية للتصويب والمتابعة والإلزام، فيما أكد أن عصرنة وإصلاح قطاع العدالة لا يزال يبحث عن تطبيق أفضل في الميدان، داعيا إلى التوقف عن اللجوء المفرط إلى الحبس الاحتياطي الذي يؤدي إلى آثار سلبية على حياة المتقاضي ويضر بمبدأ قرينة البراءة. تأسف التقرير السنوي حول حقوق الإنسان بالجزائر لسنة 2014 الذي أعدته اللجنة الوطنية الإستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها، لعدم تطبيق بعض الإصلاحات في قطاع العدالة على الميدان والتي لاتزال غير مرئية على غرار الحبس الإحتياطي، قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة، مشيرا في هذا الصدد إلى الآثار السلبية التي يعاني منها المتقاضي لاسيما في الحبس المؤقت، الذي دعا التقرير بخصوصه إلى إيقاف اللجوء المفرط إليه والذي يضر بمبدأ قرينة البراءة، وتطرق التقرير إلى انتشار ظاهرة المخدرات، داعيا إلى مراجعة القانون المتعلق بالوقاية منها ومكافحتها لأنه يأخذ الشباب كرهينة، بدل تقديم المساعدة لهم ويرى انه من غير المعقول وضع شاب في السجن بمجرد حيازته كمية صغيرة من المخدرات. كما شدد التقرير على استقلالية العدالة والقضاء التي تمثل حسبه شرطا جوهريا لإحلال الديمقراطية الحقة وإرساء دولة قانون من شانها وضع حد لديمقراطية الواجهة، ورهن التقرير نفسه جعل عدالة نوعية، بتعزيز القطاع من خلال توظيف قضاة جدد وتوزيع القضايا على عدد كاف من القضاة، بالإضافة إلى منح آجال كافية من أجل التداول حول هذه القضايا، معربة عن تأسفها بعدم إسناد بعض قرارات العدالة لمراجع وتعهدات دولية وإقليمية للجزائر، بالإضافة إلى غياب التعليل في بعض القرارات القضائية الصادرة باسم الشعب، كما أعرب التقرير عن قلقه من التسريح التعسفي لبعض أمناء الضبط الذين سعوا للانتظام في إطار نقابي من أجل تسوية مشاكلهم الإجتماعية والمهنية، بالإضافة إلى عدم وجود إطار منظم للتكفل بهم دون اللجوء للقوة ومعاقبتهم بالتسريح. ولفت التقرير إلى ما يشوب تسيير الشأن العام من مخالفات مما يتعارض مع مسار التنمية مما يهدد حقيقيا للحمة الإجتماعية، بالإضافة إلى الفساد الذي ينخر الموارد الوطنية بحيث يستفيد منها ? يضيف التقرير ? أقلية على حساب الأكثرية وهذا ما يساهم في استمرارية الفقر والضعف الإجتماعية وهذا ما يمس بالحقوق الأساسية للمواطنين ويقوض مبدأ دولة القانون، مشيرا ذات التقرير في نفس الوقت إلى رغبة السلطات العمومية في القضاء على هذه الظاهرة. واقترح التقرير أن تكون التقارير السنوية التي يصدرها مجلس المحاسبة محل ترويج إعلامي كبير من اجل رفع دعاوي فورية للتصويب والمتابعة والإلزام، كما أوصى بالتطبيق الفعلي للتشريع الذي يفرض على المسؤولين التصريح بممتلكاتهم من اجل الوصول إلى شفافية أفضل للحياة السياسية والإدارية. كما تطرق إلى تهريب رؤوس الأموال الذي قال بأنه يمثل نزيفا قاتلا لنظامنا المالي واقتصادنا بشكل عام، مشيرا إلى أن الجزائر عرفت في سنة2012 تهريب 2.7 مليار دولار بشكل غير شرعي، ما يشكل حسبه خسارة وفرصا ضائعة على التنمية والإزدهار للبلاد، كما أوضح أن التهريب الضريبي بدوره يمس قسطا كبيرا من الاقتصاد الوطني الذي يقوضه اقتصاد مواز يعرف تداول مبالغ هائلة ولا يخضع تماما للضرائب، مشيرا إلى عجز الدولة في القضاء عليها. الظروف الاجتماعية للجزائريين تحسنت والسكن أبرز الأسباب نبه التقرير السنوي لحقوق الإنسان في الجزائر لسنة 2014 السلطات العمومية إلى ضرورة معالجة القصور الموجود في الآليات الخاصة بتوزيع السكن، ووضع حد للفوضى المسجلة في هذا المجال، وعلى الرغم من تثمينه للأثر الإيجابي الذي أحدثه إطلاق أكبر عملية ترحيل منذ الاستقلال على تحسين الظروف الاجتماعية للجزائريين دعت اللجنة إلى التكفل بالأشخاص المحتاجين فقط. سلطت لجنة فاروق قسنطيني في تقريرها السنوي الجديد حول حقوق الإنسان الضوء على مكمن العجز في مواجهة طلبات السكن المتزايدة سنويا بأكثر من 300 ألف طلب جديد، وعلى العكس تماما من التقرير الماضي لسنة 2013 الذي تحدث عن » عدم تسجيل تحسن كبير في النتائج على الرغم من الجهود المبذولة من طرف السلطات العمومية«، أبرزت اللجنة الاستشارية في تقريرها المنتظر رفعه على رئيس الجمهورية المكتسبات المحققة في مجال السكن وما أثارته من انعكاسات إيجابية على الظروف الاجتماعية للجزائريين. وجاء في التقرير أن إطلاق أكبر عملية ترحيل في 2014 منذ الاستقلال عبر كامل ولايات الوطن، خاصة بالعاصمة،كن لها مفعولا هاما، حيث استفادت نحو نصف مليون عائلة من إعادة الإسكان، ليسجّل التقرير ارتياحه مقارنة بملاحظاته السابقة، وبعدما قدم عرضا مفصلا حول الجهود الطموحة التي تبذلها الدولة للقضاء على أزمة السكن سواء ضمن المخطط الأخير 2010-2014 أو الجديد 2015-2019، لفتت تقرير قسنطيني إلى موجات الغضب والاحتجاجات والصدمات التي تواصل عمليات توزيع السكنات إثارتها وحساسية هذه المشكلة التي تسعى السلطات العمومية في الغالب لاحتوائها وتهدئة الغاضبين أثناء الزيارات الميدانية أو عرض الحصائل. كما أثار التقرير مشكل التضارب الموجود بين الأرقام الرسمية المقدمة من طرف السلطات العمومية حول نسب إنجاز البرامج المسطرة في هذا القطاع الحساس وتلك التي تقدمها هيئات أخرى غير رسمية على غرار المهندسين المعماريين والوكالات العقارية، قبل أن ترصد اللجنة الحقوقية أن السكن لا يزال دائما وأبدا الشغل الأول للمواطن رغم الوسائل السخرة من قبل الدولة. وأوصت اللجنة بمعالجة الجلل الموجود في الآليات الخاصة بتوزيع السكن من أجل النجاح في مواجهة الأزمة، قبل أن تضيف بأن التمويل لا يكفي وحده لحل أزمة السكن بل يقتضي توفير وسائل تسمح باستهداف الأشخاص الذين يستحقون فعلا الحصول على سكن، حيث اقترحت التكفل بالأشخاص المحتاجين فقط وفقا لترتيب أولوي و وضع آلية مراقبة وتسيير حسن وإيجاد شروط لخلق سوق حقيقي للعقار وتنظيم سوق الإيجار. ودعت إلى تشجيع البنوك والمؤسسات المالية الأخرى للاستثمار والمشاركة أكثر في مجال الترقية العقارية من أجل وضع حد للمضاربة.