تباينت مواقف القيادات النقابية من النيّة التي أظهرتها وزيرة التربية نورية بن غبريت في التعامل مع المطالب العمالية والنقابية المرفوعة، منها من قبلت مرحليا بإرجاء أمرها إلى ما بعد 15 أكتوبر القادم، ومنها من استكثرت طول هذه المدة، وتمسكت باستئناف الحوار مع الوصاية والسلطات العمومية المعنية الأخرى قبل هذا التاريخ، وفي كلتا الحالتين، فإن هذه القيادات النقابية أوكلت البثّ في أمر هذه التهدئة التي اختارتها وزيرة التربية إلى قواعدها العمالية والنقابية، وهي بالنسبة إليها المخولة قانونا بالإقرار فيها. لم يعد يفصلنا عن التحاق أساتذة الأطوار التعليمية الثلاثة: ابتدائي، متوسط وثانوي بمؤسساتهم التربوية سوى يوم واحد فقط، من أجل توقيع محاضر التنصيب، وخمسة أيام فقط عن استقبال التلاميذ داخل الأقسام الدراسية، ومع أن وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت كانت اجتمعت في لقاء إعلامي الأسبوع الماضي بنقابات التربية العشر المعتمدة رسميا، وخرجت منه وهي تبدو مرتاحة بعض الشيء مما تكون لمسته لدى بعض القيادات النقابية التي اجتمعت بها، خاصة وأنها عرضت على الجميع تهدئة من هنا إلى غاية يوم 15 أكتوبر القادم، أين ستشرع من جديد في الاجتماع بالنقابات العشر، وجمعيات أولياء التلاميذ بصورة انفرادية، وتعود وإياها لاستئناف الحوار والنقاش حول مجمل المطالب المهنية والاجتماعية لموظفي وعمال القطاع، وكذا مجمل الانشغالات والإشكالات التي يعيشها التلاميذ وقطاع التربية عموما. وحتى وإن كانت الوزيرة بن غبريت قد اطمأنت لممثلي النقابات وهي حاضرة معها في اللقاء الإعلامي السابق، إلا أنها لم تكن تعلم أن هذه القيادات النقابية قد فضلت العودة في ما استمعت إليه من قبل الوزيرة إلى قواعدها العمالية والنقابية، وقررت أغلبيتها عقد جمعيات عامة في الأيام الأولى من الدخول المدرسي المنتظر يوم 6 سبتمبر الجاري، وهذه الجمعيات العامة هي التي ستتولى الرد على السيدة بن غبريت بقبول التهدئة من عدمها، ومن بين أبرز هذه النقابات الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين )إنباف(، الذي يرى أن »الفترة من هنا إلى غاية 15 أكتوبر طويلة، ومن غير المؤكد أن يقتنع بها عمال وموظفو القطاع، المنضوين تحت لوائه«، وكان الاتحاد أصدر تصريحا صحفيا مباشرة عقب اللقاء الإعلامي المشار إليه أعلاه، قال فيه : »إن الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين يؤكد مرة أخرى تمسكه بجميع المطالب المرفوعة التي تضمنتها المحاصر المشتركة للبثّ فيها في أقرب وقت، خاصة الرتب الآيلة للزوال لجميع أسلاك التربية، ويُحذر من مغبة استمرار سياسة التسويف والمماطلة في معالجة القضايا العالقة، ويهيب بالأسرة التربوية البقاء مجندة ومستعدة لأي مستجدّ«. ونفس الشيء بالنسبة لنقابة المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية )كناباست( ، التي ترى أنه»لا داعي لتأجيل الحوارات الثنائية مع النقابات إلى غاية التاريخ الذي تريده الوزيرة بن غبريت«. وهذا الأمر ينطبق أيضا على نقابات أخرى حتى وإن كانت أقل حدة في مواقفها، وهي جميعها مُتهيّبة من قواعدها المستعجلة من أمر مطالبها المهنية والاجتماعية، والتي هي نفسها ترى أنها »ملّت من المراوغات والمماطلات إزاء هذه المطالب المشروعة«. أما على مستوى القواعد النقابية وبعض القيادات النقابية منفردة، التي يُنتظر أن تكون لها كلمتها في الجمعيات العامة المنتظر عقدها، فترى أن »منهج وذهنية ولغة خطاب وزارة التربية مازالت ثابتة ولم تتغير، وكأنها أصبحت أمراضا مزمنة لا علاج لها ولا دواء يُشفيها، فكل الذين تعاقبوا على هذا المبنى يرون أن نجاحهم مرتبط بدخول مدرسي هادئ، ونجاح فلكلور امتحانات نهاية السنة، هذه هي رهاناتهم وجوهر إصلاحاتهم. ومحتوى اللقاء الإعلامي السابق هو استهزاء بالأسرة التربوية، التي أصبحت وفق منظور وزارة التربية بمثابة الثور الذي يتبع ويجري وراء كمشة عشب وُضعت أمامه في عصا ودار الدنيا وراءها ولم يلتحق بها«. وترى هذه الأعداد الواسعة من النقابيين والعمال والموظفين بالقطاع أن »ما بدر من وزيرة التربية غير كاف، ولا يبعث على الاطمئنان، لأن المُراد منه هو محاولة ربح الوقت، وضمان دخول مدرسي هادئ، لا أكثر ولا أقل«.