ما نزال نسمع ومنذ أزمة الاقتصادية في الجزائر عام 1986 بعد انهيار أسعار البترول، التي لم تستفد السلطة من درسها المكلف اجتماعيا وسياسيا، خطابا أجوف من كثير من المسؤولين و الخبراء المتزلفين فحواه نقل التكنولوجيا من الدول الغربية والشركات الأجنبية الكبرى عن طريق تشجيع الاستثمار.. ألا يثير مثل هذا التصور استغراب العاقلين من متتبعي قضايا النزاعات السياسية وطبيعة النظام الدولي؟ لقد بات معروفا بأن العالم انتهى من حقبة الحرب الباردة لتبدأ حرب جديدة هي حرب المعرفة التي تقوم أساسا على نزاعات قانونية وسياسية واقتصادية ومخابراتية من أجل الحصول على حق الوصول إلى المعرفة والتكنولوجية خاصة ذات الاستخدام السلمي وعلى رأسها طبعا التكنولوجيا النووية والطاقات الجديدة والبيوتكنولوجي والكيمياء الحيوية.. من المهم الانتباه إلى أن المعرفة لا تعطى هكذا..فقد دلت الأحداث أن المعرفة سلطة ومن الطبيعي أن الحصول عليها يتطلب نضالا وعزما كبيرين، وأن الصدقات التكنولوجية من أكبر الأوهام وأن لا معرفة للكسالى من الشعوب والدول والمجتمعات.. ! إنه لأمر بائس حقا أن تستمع لتلك المقاربات السخيفة أحيانا من قبل البعض لاستجداء دول الشمال حتى تبيع أسرارها وقدراتها التكنولوجية للجزائر ضمن مقاربة التعاون شمال جنوب التي لم تعد تصلح في ظل الأسواق والتحالفات والمحاور الجديدة. في كثير من المناسبات وبشهادة المنصفين فإن العزم ينقص الإطارات والمؤسسات الجزائرية في الوصول إلى بعض التكنولوجيات مع أنها متاحة ووصل إليها كثير من دول الجنوب مثل إيران والبرازيل والهند وتركيا وجنوب إفريقيا، وثبت أن هناك كسلا ما في مكان ما يجعل الجزائريين يشعرون بالحصار وقلة الحيلة، بل وبانعدام الشغف.. لا نريد مقارنة قد لا يتسع المقام لها بين النضال الكبير من بعض الدول للوصول إلى المعرفة لأنها لا تؤمن بالصدقات ولا تتوسل الوهم الكبير الذي لا نزال نعيشه واسمه التحويل التكنولوجي.. ! وحدها الإرادة السياسية تحرر الشعوب والدول بتمتين قاعدتها التنموية على أساس التعليم النوعي واستخدام القدرات البشرية المتاحة في العلم والتكنولوجيا بدل الكسل وانتظار الآتي الذي لا يأتي من الغرب، وانتظار وهم تحويل التكنولوجيا الذي رأيناه في مشاريع تجميع وتركيب بدل التصنيع والابداع..! أما بعد: "إن العالم يشهد سباقا محموما بين الدول الصناعية المتقدمة من أجل الإنفاق على المعرفة والتكنولوجيا، والمعرفة وحدها الضمان للنجاح في الحروب القادمة" فلاديمير بوتين