مدني مزراق يرد على رسالة بوتفليقة التي نشرت بمناسبة الذكرى العاشرة لاستفتاء السلم والمصالحة الوطنية، وخلاصة رده أنه مصر على ممارسة السياسة، وأنه مستعد للرد على بوتفليقة وإسماعه ما لم يسمعه من قبل، وأن موقفه مبني على وعود صريحة تلقاها من قبل كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين بأن حقوق عناصر جيش الانقاذ المنحل، المدنية والسياسية، محفوظة. في تفاصيل رد مزراق تلميحات إلى أن جهة ما تكون قد أوحت إلى بوتفليقة بما جاء في الرسالة، وهذه نقطة حساسة جدا، فمزراق يعتقد أن الموقف في السلطة ليس موحدا بخصوص الوضع السياسي لعناصر جيش الانقاذ المنحل، وهو بهذا يستغل الصراع السياسي المفترض بين أجنحة السلطة، وهو صراع روجت له وسوقته جهات رسمية عن قصد لتحقيق مكاسب سياسية. عندما تقول السلطة إن مدني مزراق لا يحق له أن يمارس السياسة فالسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو: ما السياسة في نظر السلطة؟ هل المقصود بها تأسيس أحزاب سياسية فقط ؟ استنادا إلى الدستور يحق لكل مواطن يتمتع بحقوقه السياسية والمدنية أن يؤسس حزبا سياسيا، ومفتاح القضية في هذه الحالة يصبح: هل مدني مزراق وعناصر جيشه المنحل هم الآن في وضع المتمتع بحقوقه المدنية والسياسية؟ لن ننتظر جوابا نظريا فالوقائع تخبرنا بأنهم فعلا متمتعون بتلك الحقوق، وأهم هذه الوقائع هو تنظيم مدني مزراق لتجمعات سياسية في مناسبات انتخابية سابقة، والأهم من هذا هو استقباله من قبل مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى في إطار المشاورات حول تعديل الدستور، وهذا ما لا يمكن إخراجه من دائرة النشاط السياسي، وبعده لن نكون بحاجة إلى التذكير بالحضور الدائم لمدني مزراق على الساحة السياسية منذ نزوله من الجبل. تقريب الصورة قد يحتاج إلى مثال، لم يسمح لعلي بن حاج بأي نشاط سياسي، ولم نشاهده أبدا في وسيلة إعلامية محلية، ولم نقرأ له مقابلة في جريدة، ولا يشك أحد من الجزائريين بأنه ممنوع من ممارسة السياسية، والمنع يجري تطبيقه بكل صرامة، والمقارنة بين وضع بن حاج ومزراق تغني عن كل تعليق. بقي تفصيل قد يكون مهما، بعد تصريحات مزراق التي يتحدى فيها بوتفليقة استدعت وزارة الاتصال مدير قناة الوطن التي أجرت المقابلة مع مزراق دون أن تستدعي أي جهة مزراق نفسه، وهذا يعني أننا قد نصبح في وضع كاريكاتوري، مزراق يمارس السياسة، ومن يتحدث عنه أو يفتح له مجال الحديث يدفع الثمن.