ببيته الكائن بحي "دار البابور" بأعالي حي بلكور الشّعبي، استقبلنا الشيخ شمس الدّين الجزائري، حيث جمعنا به حديث مشوّق تطرّق فيه لبداياته، مساره الدّراسي وكيف تحوّل من التّدريس إلى تأسيس الجمعية الخيرية الاسلامية التي كان وراء تجميدها فعله للخير »خارج القانون«، ليعرج الحديث عن مشايخه والعلاّمة الجليل محمّد رحو، رحمه الله، الذي حوّله إلى رجل دين وهب حياته كلّها للدعوة إلى الله، رفضه لإسلام »أبو خلّيطة« وكيف وصفه سلفية الجزائر ب»ظلام الدّين« بينما يداعبه محبّوه بتسمية »الشيخ شميسو«، لنتعمّق معه في حياته الخاصّة التي تكشف عن وجه الآخر، سعيد في حياته، صديق لبناته، محبّ للمطالعة ومتألّم وحزين لما يحدث في العالم من حولنا. لمن لا يعرف الشيخ شمس الدّين الجزائري، كيف كانت البداية؟ أنا من مواليد 17 جانفي 1965 بالجزائر العاصمة، من أب مجاهد يدعى »بوروبي عبد القادر« وأم شريفة من الصالحات تدعى » مولاوي فاطمة الزهراء«، والحمد لله تعرّفت على طريق المسجد وعمري 5 سنوات، تتلمذت على يد معلّمي الأول في القرآن الكريم وهو الشيخ »عمي اسعيد« كما كان ينادى، ثم تتلمذت على فضيلة الشيخ العلامة الفقيه المصلح الشيخ »محمّد رحو« رحمه الله وعنه أخذت العلم والفقه والعقيدة والمنطق واللغة والتفسير وعلم الحديث ومختلف العلوم الإسلامية، عائلتي الكبيرة هي مليار ونصف مسلم وأما عائلتي الصغيرة فأنا متزوّج والحمد لله وعندي 11 بنت وولد، وأسأل الله أن يزيدني منهم، فأنا أحب الأطفال. ومن أكبر نعم الله عليّ أن وهبني طفلا معاقا ذهنيا من فئة » تريزومي 21«، عمره اليوم سبعة عشرة سنة، ومنذ أن منّ الله عليّ به زاد الخير والبركة في بيتي، والله تبارك وتعالى وهبني إياه لأحافظ عليه وأرعاه وأدرّسه وأنال الأجر، كيف لا يفرح إنسان بوجه من وجوه الجنة بداخل بيته، والحمد لله أن وفّقني في أن أوفّر له كل سبل السعادة وهو اليوم متفوّق في دراسته ويكتب ويقرأ عاديا، وبخصوص ترتيبي وسط عائلتي الكبيرة المتكوّنة من 7 ذكور و3 بنات فأنا الثاني بعد أخي الأكبر، لأب كان ضابطا في الولاية الرّابعة، ومنضوي تحت لواء جبهة التّحرير الوطني، وتعلمت منه حب الوطن وفهمت منه أنّ كل شيء يسقى بالماء إلا الوطن يسقى بالدّماء، ووالدتي تعلّمت منها الصّدق والأمانة والعفاف، وكلّ خير وصلني فمن دعواتها لي والحمد لله أن وفّقني في مرافقتها إلى الحجّ مرّتين وهذه نعمة عظيمة أنعمها الله عليّ. وماذا عن مسارك الدّراسي؟ درست الابتدائي بمدرسة حسين نور الدين ببلكور ثم بإكمالية حامّة البحرية ثمّ بثانوية روشاي بوعلام، ثمّ التحقت بمعهد تكوين الأساتذة وأحمد الله وأشكره أنّ تعليمي الأساسي كان مسجديا على يد عالم جليل وثلّة من المشايخ، وبعدها التحقت بالمعهد التّكنولوجي بالحرّاش حيث درّست مادّة اللّغة العربية، كما أسّست الجمعية الخيرية الاسلامية وعمري لا يتجاوز أربعة وعشرين سنة، كنت أصغر رئيس جمعية في الجزائر إن لم أقل في الوطن العربي وانتشرت مشاريعها في أقطاب الجزائر كلّها وبعض مشاريعها أخذها الأشقّاء العرب خاصّة مشروع نصف الدّين وهدية لكلّ يتيم والعائلة المنتجة وأخرى كثيرة انتشرت شرقا وغربا، وقد جمّدت الجمعية بعد 13 سنة من النّشاط المعتدل والمعتمد، لأسباب يعرفها العام والخاصّ، تخصّ قرارا تعسّفيا بتهمة مساعدة الشباب على الزواج، هذا ما حمله قرار الاحالة »هذه الجمعية فكّرت في مساعدة الشّباب على الزواج«، وكلّ الناس التفّوا حولنا بمختلف طبقاتهم وشرائحهم وانتماءاتهم، وقد فصلت المحكمة لصالحنا بالبراءة مرّتين ولكنّ أعيد تجميد الجمعية بدون سبب. بعد تجميد الجمعية هل توقّف الشيخ شمس الدّين عن فعل الخير؟ بعد تجميد الجمعية ومنعنا من فعل الخير تحت ظلّ القانون، عدنا إلى تقاليد المجتمع الجزائري الذي يفعل الخير بلا قانون، فمن يريد أن يفعل الخير في الجزائر لا يشترط أن يطلب تصريحا أو يقدّم تبريرا، والحمد لله نحن نفعل الخير بعيدا عن القانون، بعد أن كنّا نتمنّى فعله تحت ظلّ القانون، فماذا نفعل هل نغيّر القانون أم نترك عمل الخير؟ فالواجب أن يتغيّر القانون بحيث يمكننا فعل الخير. ما هي الشخصيات التي تأثّرت بها طيلة مشوارك؟ الشخصية القدوة هو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الذي جاء ليعلّم البشرية ويخرجها من الظّلمات إلى النّور، ثمّ بعد ذلك شخصيات كثيرة في واقعي أهمّها الشيخ الجليل محمّد رحو الذي نهلت من علمه ومن حاله وأخلاقه وصاحبته وخدمته وتعلّمت منه والحمد لله، وتأثّرت بالكثير من قادة الأمّة الاسلامية ومنهم الامام السنوسي الجزائري الذي حارب الاستعمار الإيطالي، والأمير عبد القادر الذي قاد الجهاد ضدّ فرنسا لمدّة سبعة عشر سنة، عمر المختار في ليبيا، الخطّابي في المغرب، الشهيد حسن البنّا وغيرهم كثير. ماذا أعطاك النّضال في مجال الدّعوة إلى الله، وماذا أخذ منك؟ الحمد لله، العمل لإسعاد النّاس يصنع سعادة للمؤمن، فأنا كنت دائما سعيدا والذي يراني كذلك يخال أنّه ليس لديّ مشاكل، بينما حياتي كلّها مشاكل ولكنّني في قرارة نفسي سعيد، فمثلا عندما أقف أمام المحكمة لأنّني ساعدت النّاس على الزّواج فهذا يصنع لي سعادة لأنّ مشروعي قد وصل إلى الآذان الصمّ والأعين العمي، فعندما يقع لي مشكل لأنّني سترت فقيرا ومسحت دمعة يتيم وناضلت لأجل دار لليتامى وحاربت أعداء الجزائر الذين يريدون زرع الفتن في أوساطها، فهذا يصنع لي سعادة، النضال من أجل العمل الخيري منح لي سعادة لا مثيل لها ومنح النّاس كذلك سعادة كبرى، حينما نعلم أنّ الجمعية الخيرية كانت تشرف على 51 ألف يتيم فهذا معناه أنّنا أعطينا الكثير للمجتمع، وسعادتنا أن الكثير من هؤلاء اليتامى هم اليوم مهندسون وأطبّاء ورجال في الجيش، بينما أخذ النّضال منّي كلّ حياتي، فلا يمكن أن تعطي هذا المسار شيئا من حياتك، لا بدّ أن تمنحه كلّ حياتك وحياة أهلك وأطفالك وزوجتك وكلّ أحبّائك، لا يمكن السير في هذا المسار برجل واحدة لا بدّ برجلين ويدين وعقل متفتّح وقد منحت حياتي كلّها للنّاس والحمد لله منحوني بدورهم هذا الحبّ الذي نراه. وصفك السّلفيون في الجزائر ب"ظلام الدّين"، ما سرّ هذه العداوة؟ الاسم الحقيقي لهؤلاء هو "الحشوية"، فالشّعب الجزائري كلّه سلفي، فلا يوجد مسلم لا يحبّ أبا بكر ولا عثمان ولا عمر ولا عليّ، أو لا يحبّ الاقتداء بالسّلف الصّالح، فإذا كانت السلفية هي الاقتداء بالسّلف الصّالح، الحمد لله الشعب الجزائري سلفي مائة بالمائة، لكن الذين وصفوني ب "ظلام الين "و"طامس الدّين" وغيرها من الأسماء التي تدخل في باب التنابز بالألقاب هم الحشوية، وقد وصفوني بهذا لأنني أرفض إسلام »أبي خلّيطة« ولا أمسك العصا من الوسط، أنا أقول إنّ الحشوية طائفة ضالّة يجب التحذير منها، وعلى وزير الشؤون الدّينية أن يصنّف الوهابية والحشوية كطائفة ضالّة ممنوعة في الجزائر كالتشيّع والقاديانية والبهائية. لا يمكن أن نقول إنّ الشعب الجزائري يتعرّض إلى هجمة طائفية ثمّ لا نحدّد هذه الطّوائف التي تهجم عليه ونسكت ونمرّ عليها مرور الكرام، فكما صنّفنا الارهاب كحركة تدميرية يجب محاربتها لا بدّ من تصنيف الفكر الارهابي كفكر يجب محاربته، وأنا أتساءل هل يجوز محاربة الارهاب والسكوت عن الفكر الذي أنتجه؟ ولذلك بما أنني أحارب الارهاب في صورة الحشوية التي أنتجته فلا بدّ أن يحاربني هؤلاء ويسمّونني ظلام الدين، والحقيقة هي التي سمّاني بها ربّ العالمين هي شمس الدّين ولست ظلام الدين وسأبقى شوكة في حلق هؤلاء. كيف واجه الشيخ شمس الدين تحذيرات الشيخ محمّد علي فركوس من فتاواه؟ وهل فركوس حذّر من فتاوايّ فقط؟ لقد خرج عن كلّ المذاهب الأربعة، وهو ليس مجتهدا وليس مالكيا ولا حنفيا ولا حنبليا ولا شافعيا ثمّ هو ليس مجتهدا لا تجوز له الفتوى، أنا ناقل حينما أقول قال المالكية فأنا أنقل عن المدرسة المالكية، هو حينما يفتي من أين يأتي بفتاواه، ولذلك من المنطقي جدّا، رجل يحارب المذاهب الأربعة ويحارب العقيدة الأشعرية التي هي عقيدة أهل السنّة ويحارب تصوّف أهل السنّة والجماعة ويحارب كلّ الزّوايا في الجزائر وكل أتباع الأئمّة الأربعة، فمن المنطقي جدّا ان يحذّر منّي، بل من الغريب أن لا يحذّر منّي، وأنا أحمد الله أن يحذّر منّي هؤلاء لأنّ ذلك يجعلني في صفّ مشايخ الجزائر. أثار منهاجك المبتكر في الردّ على اسئلة المتّصلين بك عبر برنامجك »انصحوني« الذي يذاع على قناة خاصّة، جدلا كبيرا وانقسم النّاس بين مؤيّد ومعارض، ما تعليقك على ذلك؟ الحمد لله، الرجل العظيم هو الذي يختلف عليه النّاس، هؤلاء تعوّدوا على الردّ على الأسئلة على الطريقة المشرقية، أنا لست مشرقيا أنا جزائري وأجوبتي لا بدّ أن تكون جزائرية، لذلك انا أجيب على الأسئلة بالطريقة الجزائرية التي يفهمها كلّ النّاس ولذلك أنا أسأل هؤلاء الذين يزعمون أنّ منهجي أثار جدلا، هل الشّعب الجزائري يفهم أجوبتي؟ هل التفّ حول هذه الحلقة؟ الملايين تشاهد الحلقة وتسمع إليها من داخل الجزائر وخارجها، وحتّى الذين لا يرضون بمنهجي مادام أنّي نجحت في إيصال الاسلام إلى العجائز والشيوخ في القرى والمداشر والجبال والشباب وكلّ النّاس التي تبحث عن الحقّ فهذا دليل على أنّ منهج الاجابة على الطّريقة الجزائرية لا بدّ أن يكون منهجا ناجحا، أنا لست سعوديا حتى أجيب على الطّريقة السعودية ولست سوريا حتى أجيب على الطريقة السورية، أنا جزائري والحمد لله ربّ العالمين، ولذلك أنا أتعجّب يتحدّث السعودي باللّهجة السعودية هذا مقبول، يتحدّث السّوري بالعامية السّورية مقبول، والمصري بالمصرية مقبول، ولكن أن يتحدّث جزائري بالعامية الجزائرية، أثاروا حوله الزّوابع والعواصف، هذا لعمري في العالمين عجيب. من النّاس من يرى أنّك تلجأ أحيانا إلى تعليقات ساخرة للردّ على بعض الأسئلة، وذهب آخرون إلى التّشكيك في صحّتها، ما ردّك؟ أوّلا السخرية منهج قائم، وهي ليست في الاجابة بل تبدأ من السّؤال، على المفتي أن يجيب على أسئلة النّاس مهما كانت تظهر لبعض النّاس سخيفة، هي بالنّسبة للسائل ليست سخيفة، فعندما يسألني إنسان: هل كلب أهل الكهف كان من فصيلة » دوبرمان« أم » شيان بارجي«؟، هو بالنّسبة إليه سؤال مهمّ، وحينما يسألك آخر عمّن عقد زواج آدم وحوّاء أم أنّهما تزوّجا دون عقد، فهذا سائل عليّ أن أجيبه، هل على المفتي أن لا يجيب إلاّ على الأسئلة الخطيرة والعظيمة، هو مفتي لجميع النّاس، سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يعلّمهم كلّ شيء حتى الدّخول إلى بيت الخلاء أكرمكم الله، تجدون أحاديث صحيحة في تعليم النّاس كيفية ذلك، وحسب هؤلاء ما على المفتي الاجابة إلا على الأسئلة المهمّة، ثمّ من يحدّد أن يكون هذا السؤال مهمّا أم لا؟. بخصوص الشقّ الثاني من سؤالكم، آلاف الأسئلة تصل إلى قناة »النّهار« مباشرة، وإلى مركز الأثير الذي به أكثر من 14 موظّفة لاستقبال الأسئلة التي تردني يوميا ويسلّمنها لي بأمانة، الأسئلة تصلني يدا بيد وتصلني عن طريق الايميل والهاتف، عن طريق والدتي والأهل، تترك لي في السيّارة وعند البقال والخضّار والمكتبات عندما أذهب لأقتني من هناك تمنح لي العشرات من أسئلة النّاس تركوها لي عندهم، أجدها عند الجيران وتمنح لأطفالي، فالنّاس تحاصرني بالأسئلة في كلّ مكان، هكذا تصل الأسئلة إليّ، والسرّ في نجاح برنامجي أنني أقول فيه كلمة الحقّ ولكونه يبثّ في قناة شجاعة يقف عليها السيد أنيس رحماني، الذي لا أعرف عنه إلا خيرا وجمعتني به كلمة رجال، ولما رأيت القناة تقول كلمة الحقّ وتشجّعني عليها وهي لا تسكت على الباطل أطلقت عبرها برنامجي الذي أحبّه النّاس ونجح في لمّ شملهم والتفافهم حوله. ما علاقتك بالسياسة والسياسيين؟ ولماذا لم تنضو تحت لواء أي حزب اسلامي؟ أنا لست سياسيا، أنا رجل علم ودعوة، أدعو إلى الله على بصيرة والحمد لله وأنصح الجميع وأنظر إليهم كلّهم بنظرة واحدة، والمسافة بيني وبين كلّ السياسيين هي مسافة واحدة، وإنّما عندي قاعدة هي أنّ موقفي من أيّ سياسي هو موقفه من الإسلام، إن كان يحبّ الاسلام مائة بالمائة أحبّه مائة بالمائة، وإن كان يحبّه 50 بالمائة أحببته 50 بالمائة وهكذا، من لا يحب الاسلام لا نحبّه، موقفي من أيّ سياسي هو حسب موقفه هو من الاسلام. أنا لم أنضو تحت أي حزب لأنّ الدّعوة إلى الله لا بدّ أن توجّه لكلّ المسلمين وليس لفئة دون غيرها، فإذا دخلت أيّ حزب فستعادي كلّ من ليس معك، ثمّ إن الأحزاب أصيبت بثلاثة أمراض يعرفها الكثير من النّاس، الولاء للتّنظيم قبل الولاء للإسلام وطاعة القيادة قبل طاعة الاسلام وأخوّة التّنظيم قبل أخوّة الإسلام، وهذه أمراض خطيرة ورثها أبناء التّنظيمات، لذلك أنا لا أنتمي لأي حزب إسلامي، وهذا لا يعني أنني أعادي الأحزاب الاسلامية أو غيرها، وإنّما لهم طريقهم ولي طريقي، أمّا علاقتي بالسّياسيين فأنا أرى أنّهم جزائريون مسلمون وأعامل السياسي على أنّه فرد من الشّعب الجزائري، إن كان بحاجة إلى فتوى أفتيناه، وإن كان بحاجة إلى نصيحة نصحناه، وإن تقدّم إلينا طالبا مشورة قدّمناها له، وأكثر من هذا لا أفعله. بصراحة، من أحبّ الوزراء في حكومة سلال إلى قلبك؟ أحب الوزراء إلى قلبي هو الوزير عبد المجيد تبّون، أسأل الله أن يوفّقه »ويبعّد عنه عين كلّ حاسد« لأنه يعمل بصدق ونيّته صادقة في رفع الغبن عن الشّعب الجزائري من ناحية السّكن، وكنت جدّ سعيد عندما أسند اليه انجاز مشروع المسجد الأعظم وهذا توفيق من الله ودعوت الله له في الحجّ بأن يوفّقه في إنهاء أزمة السّكن في الجزائر. يلقّبك محبّوك ب» الشيخ شميسو« ألا ترى أنّ في ذلك إنتقاصا من شأنك؟ أنا لا أرى أيّ إنقاص في ذلك، المحبّ يسمّيك »شميسو«، »شمّوسي« وكيفما يشاء، وأنا لا أرى شيئا ينقصني من خلال هذه التسميات فإن سمّوني مثلا شمس الدين فهذا يزيد من شأني وإن سمّوني »شميسو« فهذا لا ينقص من شأني؟، ثمّ إنني لا أرى أنّ لي قدرا بين النّاس ينقص، الحمد لله أنا أرى أنّ كلّ النّاس أفضل منّي. هل صحيح أنّ للشيخ شمس الدّين أربع زوجات؟ ليس لديّ أربع زوجات وإنّما رزقني الله بزوجتين صالحتين، ولي 11 ابنا وإبنة، وأنا سعيد معهما ولولاهنّ لما تفرّغت لهذه الدّعوة، أدعو الله لهما بكلّ خير وأن يرزقهما الجنّة وأن تقرّ أعينهما برؤية رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أنا جدّ راض عنهما وهما مصدر سعادة لي. وما هي علاقتك ببناتك؟ أنا أب البنات ودعوت الله أن يرزقني 10 بنات، لديّ 9 بنات، 6 بناتي والأخريات أخواتهنّ من الرّضاعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم »من رزقه الله بنتا فأحسن تربيتها وتسميتها كانت له حجابا من النّار«، أوّلا أحسنت تسميتهنّ ثمّ أحسنت تربيتهنّ وأنا صديق لبناتي، أحاورهنّ وأداعبهنّ وأساندهنّ وأسمع لهمومهنّ ويصارحنني بكلّ شيء، فأنا لست ذلك الأب المتجبّر الذي يخشاه أولاده ويفرّون من أمامه ولا يجلسون معه، أنا عكس ذلك تماما، بكيت البارحة عندما عدت من السّفر فاستقبلتني ابنتي الصغيرة بأغنية تقول كلماتها »دخل قوس قزح إلى بيتنا عندما جاء أبي«، ففرحت كثيرا. من يعرف الشيخ شمس الدّين عن قرب يؤكّد أنّك كثير الأسفار، هل لك أن تخبرنا عن السّبب؟ أنا أسافر كثيرا لأنني مطلوب كثيرا في الولايات، حيث تصلني يوميا دعوات لأحاضر في المراكز الثقافية والمساجد وغيرها، ولو استجبت لجميع الدّعوات لما دخلت يوما إلى بيتي. هل تطالع في أوقات فراغك؟ أنا ليس لي أوقات فراغ، أنا أطالع دائما، ولست من أنصار المطالعة في أوقات الفراغ، فأنا أجعلها من أوقات العمل فإذا لم أطالع كتابا مثلا عليّ أن أطالع يوميا الصّحافة الوطنية وأنا أقرأ في كلّ مكان مسافرا ومقيما، أقرأ في بيتي وفي الفنادق وعند الانتظار وقد أصبت بداء القراءة وعمري 5 سنوات، حيث كنت أطالع سلسلة المسلم الصّغير، فداء القراءة لمن يصاب به لا يشفى منه أبدا، حاليا أطالع كتبا تحذّر من الارهاب والعنف حتى أستقي منها أقوال العلماء المعتدلين. على ذكرك لذلك، كيف يعيش الشيخ شمس الدّين أخبار الارهاب الأعمى الذي يهدّد دولا شقيقة ويتواجد على حدودنا؟ أنا اتألّم لتلك المشاهد، فالذي فجّر نفسه أمام النّاس في ملعب فرنسا، في الفقه المالكي المعركة لا تكون إلاّ على أرض معركة، وهؤلاء نقلوا المعركة إلى ملعب أو ملهى، ولو سئل ضحايا هذه التّفجيرات لقالوا إنهم ضدّ العديد من السياسات المنتهجة أو لا يعلمون شيئا عن المعركة، ولذلك أحذّر هؤلاء الشباب من نقل المعركة إلى غير أرض معركة، أنا أتألم حين أسمع بأن شابا فجّر نفسه لأنه اعتنق الفكر الوهابي، لأني كنت أتمنى لو أنه كان مهندسا في شركة أو مستثمرا أو طبيبا أو ربّ أسرة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم » يأتي زمان على أمتي لا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قتل«. أنا أتألم لأنّ الشعب الجزائري مستهدف في وحدته، الاستعمار العالمي حاول ضرب الجزائر عن طريق الإرهاب، ثلّة من أبنائنا اعتنقوا الفكر الوهابي وكفّروا المجتمع وخرجوا عليه بالسّلاح، وكان كلّ العالم يتفرّج وفرنسا كانت تطرح سؤال من يقتل من في الجزائر، وترك الشّعب الجزائري لوحده يحلّ مشكلته، والحمد لله وفّق الله الجزائر لذلك، والآن عندما سوّقت المشكلة في العالم، وفيما كانوا ينتظرون تحوّل الجزائر إلى معول هدم للعالم، ها هي أضحت المعول الذي يقتدى به في محاربة الارهاب الذي حسمت مشكلته، والذي يقلقني هؤلاء الدّواعش الذين عثروا عليهم على الحدود الليبية الجزائرية، لذلك أدعوا كلّ أئمّة المساجد أن يخصّصوا جمعة للدعاء للجيش الوطني الشعبي الذي يجاهد بلا هوادة لحماية حدودنا ويرفعون من معنويات هؤلاء البواسل الذين أسأل الله أن يمنحهم شجاعة أهل بدر لحماية الجزائر والمحافظة عليها آمنة. حاولوا تدمير الجزائر من خلال الارهاب فلم يفلحوا، حاولوا تخريبها من خلال قضية تيقنتورين فلم ينجحوا والحمد لله حسمها الجيش الوطني، ثم حاولوا من خلال أحداث غرداية فكان مصيرها كسابقاتها، وهم يحاولون اليوم تسريب عناصر داعش إلى الجزائر لتعيش ما أسمّيه »الخراب العربي« وأسأل الله أن لا يوفّقهم وأن يطفئ نارهم بإذنه، وأشير هنا إلى أن الارهاب ليس من الاسلام وعلى تونس أن تحلّ مشاكل الارهاب من خلال المنهج المالكي المعتدل والوسطي لمسجد الزيتونة وعلمائه، لأن تخلّيها عنه جعل البعض من شبابها يعتنق الفكر الوهابي، وماذا ننتظر من ذلك غير تحريم التّفكير ثمّ التّكفير ثمّ التّفجير. ما هي أكلتك المفضّلة؟ لست ممّن يشترطون أكلة معيّنة، آكل حلالا طيّبا والحمد لله. كلمة أخيرة؟ أشكر جريدة "صوت الأحرار" الطيّبة التي أطالعها يوميا باستمرار، الجريدة الوطنية التي يقف عليها وطنيون والتي انحازت دائما إلى الوطن، ومن انحاز إلى وطنه لا يلام، أعانكم الله وسدّد خطاكم التي أباركها.