لم يحدث أن أخذ مشروع قانون المالية مثل هذا الجدل والتهويل الذي صنعه بمناسبة المصادقة على ميزانية الدولة لسنة 2016، بعد أن خرجت مناقشات بعض النواب عن حيزها التشريعي إلى استغلال سياسي بحت بعد أن حاد بعضهم عن الأعراف التي تحكم هذه الهيئة التشريعية، شاهدها العام والخاص، قبل أن يرمي نواب المعارضة بسهامهم نحو كتلة الأغلبية الممثلة في حزب جبهة التحرير الوطني واتهامهم بالتصويت على قانون »يشكل خطرا على البلاد« ، وأن الأمين العام للأفلان هو من أرغمهم على ذلك- على حد زعمهم. ما تم ملاحظته خلال التصويت على قانون المالية لسنة 2016 الأسبوع الماضي هو التجانس الكبير الذي تميزت به كتلة حزب جبهة التحرير الوطني، حيث صادق جميع النواب على مشروع القانون رغم تباين وجهات النظر خلال المناقشات التي سبقت عملية التصويت، غير أن بعض الأحزاب التي تضع نفسها في خانة المعارضة حاولت التأثير على هذا التجانس من خلال ادعاءات ومغالطات لا أساس لها من الصحة. ولأن المعارضة لم تجد ما تقنع به الشعب من خلال برامج واضحة أو بدائل للخروج من الأزمة الاقتصادية، حاولت استثمار قانون المالية لأهداف حزبية ضيقة يعرفها العام والخاص، وهو أمر ليس بجديد عليها، فكما حاولت سابقا إيهام الرأي العام بان البلاد في خط، سعت نحو تكرار نفس الأسطوانة من خلال ادعائها بان نواب حزب جبهة التحرير الوطني صوتوا على قانون هو ليس في صالح الشعب، كما أنها ادعت بأن الأمين العام للأفلان هو من أرغم نواب الحزب على التصويت على هذا القانون. وما يفند هذه الادعاءات أن قانون المالية لسنة 2016 لم يمس إطلاقا بالمكاسب الاجتماعية للجزائريين، من خلال التحويلات الموجهة لدعم مختلف الجوانب التي تهم المواطنين على غرار السكن، التعليم، والصحة، فضلا عن التحويلات المالية الموجهة لدعم المواد الغذائية الأساسية، في الوقت الذي سيعزز فيه قانون المالية التنمية المحلية من خلال قانون الاستثمار الذي لم بمس مطلقا بالشركات الإستراتيجية عكس ما تروج إليه أحزاب المعارضة. فليس من المعقول أن ممثلي الشعب الذين صادقوا على برنامج رئيس الجمهورية هم ضد إرادة الشعب الذي اختارهم. ومن المتعارف عليه في أعرق الديمقراطيات في العالم أن الأقلية تخضع لقرارات الأقلية، حيث أن المعارضة من حقها إبداء الرأي لكن من واجبها احترام قرارات الأغلبية، لكن نواب المعارضة لدينا خرجوا عن قواعد اللعبة من خلال مسرحية لم تجد لها مشاهدين بعد أن مل الشعب من تمثيلياتها، في الوقت الذي أبدى فيه نواب الأفلان تجانسا كبيرا رغم أن بعضهم عبر عن رأيه بكل ديمقراطية خلال المناقشات وتم اخذ العديد من هذه الآراء والاقتراحات بعين الاعتبار. ومن هذا المنطلق فإن نواب حزب جبهة التحرير الوطني قد أكدوا على أنهم كتلة واحدة متجانسة، متضامنون فيما بينهم، ومرتبطون ارتباطا وثيقا مع مبادئ حزبهم، التي استلهمها من قيم أول نوفمبر، ولن تؤثر فيهم كل محاولات تشتيت صفهم أو التشكيك في وطنيتهم لأنهم مقتنعون بأن الحكومة تنفذ برنامج رئيس الجمهورية الذي هو رئيس حزبهم الذي يسعى من أجل تحقيق تنمية شاملة. وكان الأمين العام للأفلان قد أكد خلال ترؤسه اجتماع مع كتلة الحزب بالمجلس الشعبي الوطني قبيل التصويت على قانون المالية أن التصويت على هذا القانون سيفوت الفرصة على المعارضة التي تدعي أن هذا القانون خطر على الجزائر، وأضاف سعداني أن نواب الأفلان واعون بهذه المسؤولية وسيسقطون معادلة المعارضة التي تهدف إلى التهويل وإثارة الجدل، مؤكدا أن قانون المالية هو برنامج حكومة الرئيس ولا يمكن للأفلان أن يعثر أداء حكومته. كما وضع سعداني النقاط على الحروف حين أكد أن كتلة الأفلان متضامنة ومتجانسة وتصويتها على قانون المالية خدمة للمواطن وللجزائر، مؤكدا على أن المعارضة لا يمكن لها تفويت برنامجها على حساب الأفلان والذي اعتبره "أمرا مستحيلا"، مضيفا بأن قانون المالية مر على مجلس الوزراء وعلى حكومة الأفلان وهو الآن بين أيدي نواب الأفلان، مشيرا إلى أن النواب هم قياديون بالحزب"وسيفوتون الفرصة على الذين سيأخذون الأبواق ويدعون بأن الأفلان باع البلاد«، مشددا على أن الأفلان يتحمل مسؤوليته. وأوضح سعداني أنه لا يمكن لأحد أن يزايد على حزب جبهة التحرير الوطني أو على نوابه، مخاطبا إياهم قائلا "أنتم الأغلبية، صوتوا كما تتفقوا جميعا، إنه برنامج حكومة الرئيس".