أسوأ ما يعترض الكاتب في مسيرته الإبداعية أن لا يلتفت إليه أحد أو أن لا يقال له أوووف.. تمر كلماته ونصوصه دونما صدى ليس لأنها دون المستوى بل لأن الحسد صنعة جزائرية خالصة في المشهد الثقافي والإعلامي والسياسي والاقتصادي أيضا. هناك إصرار عجيب على اغتيال الروح الشفيفة وتجفيف رشحات القلم السيّال في الفكر والأدب، ويكاد العداء للناجحين أو مشاريع الناجحين في كل الميادين يتحول إلى قاعدة حياة بعدما كانت قاعدة تسيير. هناك »حرّاقة« كُثر من الأدمغة والبطالين ممن نعرف وممن لا نعرف، وهذه الدهشة أو الإعجاب القادم من وراء البحر لجزائريين تفوقوا وأحسنوا صنعا في مجال تخصصهم الإعلامي أو الثقافي أو الإبداعي ليس مفاجئا إلاّ من منطلق أننا نزهد فيهم حينما يكونون معنا وحينما يغادرون نكتشف عناصر قوتهم وتألقهم على طريقة »لا نبي في قومه«..! الأدب ليس استثناء في هذا الشأن، وما فعلته الروائية الرائعة أحلام مستغانمي أو فضيلة الفاروق في لبنان وما فعله عمارة لخوص في إيطاليا وقبلهم آسيا جبار في باريس والمفكر الكبير محمد أركون وآخرون، إنما هو دليل أن العقدة هي في هذا الاعتراف القادم من الضفة الأخرى.. قد تضيق الأرض بما رحبت حتى ولو كانت الأم، إذا ما ضاق الأهل ولم يعبأوا لإنجازات أبنائهم وتفوقهم. وتبقى الأكثرية من الأدباء والشعراء عموما يرابطون في صمت، ويعانون من كافة أشكال التهميش وضعف المدد المعنوي والمادي في أمة لا تلتفت إلاّ لبطولة أرباب القدم وأما أرباب القلم فلهم أرباب السيف في الانتظار بآخر الطريق أو حتى في منتصفه.. فهل في ظل هذه الظروف التي عاناها»ياسين« بطل شرفات بحر الشمال لا نملك إلاّ المغادرة مثلما فعل المبدع واسيني في روايته؟ هل هي الطريق الوحيدة لانتزاع الاعتراف واللحاق بالعالمية؟ ليس في الأفق بوادر لثقافة الجميل ونصرة المثقف والمبدع، فهامش الحرية ضاق والتدجين يكاد يبلغ محطته الأخيرة وأما التميز الإبداعي والفني فهو من قبيل فاكهة الأهداف..! أما بعد: "البغاث بأرضنا يستنسر" مثل عربي