ما الفرق بين تيري هنري، اللاعب الفرنسي، وجمهورية مصر العربية؟ الأول فرد، والثانية بلد، لكن شجاعة تيري هنري »وأدت الفتنة، وإصرار مصر على الكذب والمغالطات والتضليل أشعل النار بين شعبين شقيقين. تيري هنري اللاعب الدولي الفرنسي الشهير صنع الحدث في العالم بصراحته وشجاعته، حينما اعترف أمام وسائل الإعلام الدولية أنه أخذ الكرة بيده ومررها لزميله الذي سجل هدف تأهل فرنسا للمونديال، وكانت عملية اللمس واضحة تماما للمشاهدين على التلفاز. وقد طالبت ايرلندا من الفيفا إعادة المباراة لكن الأخيرة رفضت لعدم وجود قانون يسمح بذلك. لكن تيري هنري قال للصحافة أن »إعادة لعب المقابلة حل منصف« وأضاف أنه يشعر بالخجل من الطريقة التي تأهلت بها فرنسا لكأس العالم 2010. وصراحة يكفي الايرلنديين هذه التصريحات، التي تستحق التقدير، وتضمن الاحترام للفريق الايرلندي. وكانت تلك التصريحات كافية لإطفاء »شحنة اللاعبين والمشجعين في إيرلندا«، ولو لم يفعل تيري هنري ذلك، لربما زادت حدة التوترات الإعلامية بين باريس وإيرلندا. لماذا لم تكن " مصر : أم الدنيا قدوة لتيري هنري ، حتى أصبح هو قدوة لها ؟ لقد ضرب المثل في الحضارة والتعقل والتواضع والروح الرياضية. هل لو اعتذر المصريون للجزائر جراء الاعتداء غير المبرر الذي تعرض له الفريق الجزائري في القاهرة كانت الأمور تتطور إلى الوضع الذي هي عليه من العار والخزي ؟ ماذا كان يضر المصريون لو قال المصريون »إن شرذمة من الشباب هي التي هاجمت الحافلة التي تقل اللاعبين على غفلة من رجال الأمن، وأنها تأسف لما حدث وتعد بأنه لن يتكرر«، وأن الفاعلين سيحاكمون ويلقون جزائهم ، ماذا كان يضر مصر لو قالت ذلك ولو »كذبا« ؟ هل كان الأمر يصل إلى ما وصل إليه التوتر بين مصر والجزائر ؟. لكن المشكلة هي أن »إخواننا« في مصر، راحوا يصنعون الأكاذيب، وبكل أسف مازالوا يصرون عليها، ويسوقونها.. بل أكثر من ذلك يبتكرون أكاذيب جديدة حول مباراة الخرطوم. والغريب في الأمر، أن الفنانين المصريين دخلوا على الخط، وقالوا أنهم يقاطعون الجزائر .. إن الفنان ليس هو الذي يقاطع .. الجمهور هو الذي لديه حق مقاطعة الفنان .. وأغرب ما سمعت على الفضائيات أن فنانة مصرية مشهورة تقول أنه لن يهدأ بالها حتى ترى الجزائر تنهزم وتخرج في الدور الأول من المونديال .. هل أصبحت أم الدنيا عاقرا ولم تعد قادرة على إنجاب الوعي ؟ لقد غاب الوعي تماما.. ثم قرأت ما كتبته الصحافة عن خطاب الرئيس المصري حسني مبارك أمام مجلس الشعب المصري، يقول فيه أنه »لن يقبل بأي مساس بالمصريين في الخارج« والإشارة واضحة إلى الجزائر .. هكذا في تصريح غير مسبوق، وكأننا على أهبة »إعلان الحرب« .. فبدل السعي نحو التهدئة، صنعت مصر من انهزامها الرياضي في بلد محايد قضية لتصدير مشاكلها الداخلية. كلمنى أحد الصحفيين الأوروبيين في أبوظبي عندما كنا في وفد إعلامي بمناسبة احتفالات الإمارات بعيدها الوطني قائلا : »إن وعي تيري هنيري يزن أم الدنيا كلها « .. فكرت كثيرا في هذه المقولة .. ووجدت أن فيها جانبا من الصحة