يتواصل نهار اليوم الإضراب الوطني المفتوح، الذي شرع فيه بداية من أول أمس الأطباء العامون والأخصائيون، والصيادلة، وقد دخل نهار اليوم يومه الثالث بنسبة استجابة، قدرتها النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، التي هي المؤطرة له والمشرفة عليه ب 87 بالمائة، وهو الأمر الذي تسبب في شلل عديد الهياكل الصحية العمومية، وخلق متاعب كبيرة للمرضى والمواطنين. دخل نهار اليوم الإضراب الوطني المفتوح، الذي دعا إليه المجلس الوطني للنقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية يومه الثالث على التوالي، وقد سجل حسب القيادة الوطنية للنقابة نسبة استجابة، قدرت ب 87 بالمائة، وهي نفس النسبة التي سجلها الإضراب الوطني المنتهي، المتقطع لثلاثة أيام من كل أسبوع ، الذي تواصل على مدى شهر كامل. وحسب المعلومات المستقاة عن هذا الإضراب، فإنه مسّ المستشفيات والعيادات والهياكل الصحية الأخرى عبر كامل التراب الوطني، وقد تضرر من ذلك الكثير من المرضى، ولاسيما منهم المرضى الذين كانت منحت لهم مواعيد للفحوص الطبية المختلفة، وإجراء العمليات الجراحية لدى المختصين، وقد استثني من الإضراب الحد الأدنى من الخدمات الصحية، المتعلقة بالحالات الاستعجالية المستعصية، إلى جانب المصابين، أو الذين يشتبه في إصابتهم بمرض أنفلونزا الخنازير، وهذا ما كان قرره المجلس الوطني للنقابة، حيث دعا جميع العمال المضربين التجند للتكفل بكل الحالات وبدون استثناء، والاستعداد إلى حملات التلقيح ، التي ينتظر الشروع فيها على نطاق واسع. ويبدو مما هو مصرح به رسميا من النقابة أن الإضراب لن يتوقف حتى يستجاب للمطالب المرفوعة، التي يمكن حصرها وتحديدها بالأساس في فتح أبواب الحوار والنقاش الحقيقية بين الأطراف المعنية، ولابد من خوض مفاوضات صلح وتحكيم ، يحضرها طرف ثالث، ومراجعة الموقف من القانون الخاص الذي يراد تمريره عن طريق إدارة الوظيف العمومي، والتوجه نحو اعتماد وتبني المشروع المعد من قبل اللجنة المختلطة ، المشكلة من وزارة الصحة والنقابات، وهذا الذي يراد تمريره لا يستجيب أصلا مثلما قالت النقابة لانشغالات وتطلعات الشرائح المضربة، وكذا القبول بتشكيل لجنة مختلطة ، تسند لها مهمة مناقشة نظام المنح والتعويضات، وتتولى هي نفسها إعداد مشروع النظام الذي يجب أن تتبناه إدارة الوظيف العمومي، والسلطات العمومية المعنية، إلى جانب النظر في المطالب الأخرى، ومنها إعادة النظر في الخارطة الصحية الجديدة، ومنظومة المؤسسات العمومية للصحة الجوارية، والعمل على رفع الضغوط الإدارية، والممارسات غير القانونية المتبعة في حق بعض العمال والنقابيين في عدد من الولايات. وما يلاحظ هنا، وبالنظر إلى ما تطالب به هذه الشرائح المضربة، فإن ما هو ملقى من مسؤولية على المديرية العامة للوظيف العمومي، هو أكبر وأهم مما هو ملقى على الوزارة الوصية، ذلك أن هذه الأخيرة أكدت وما زالت تؤكد أن جزء هاما مما تطالب به هذه الشرائح هو خارج عن إرادتها، ومنه على سبيل المثال الوثيقة المعدة من قبل المديرية العامة للوظيف العمومي، الخاصة بالقانون الخاص، وكذا جملة المنح والتعويضات الواجب إقرارها، والوزارة ليست حرة في إقرار كل ما يقدم لها من اقتراحات، فهي نفسها تتقاسم الضغط مع النقابات من قبل هذه الأخيرة، التي تستمد سلطتها من سلطة الوزارة الأولى ورئاسة الجمهورية، وهذه بالضبط حسب بعض العارفين هي العقدة التي يصعب على وزارة الصحة وبقية الوزارات المعنية الأخرى تجاوزها مع المطالب المطروحة من قبل عمالها وموظفيها، وهذا بطبيعة الحال ما لا تراه نقابة ممارسي الصحة العمومية، حيث أنها تعتقد جازمة أن الجزء الأكبر من إرادة تحقيق هذه المطالب هو بيد الوزارة، لأنها هي نفسها كان يفترض فيها أن تدافع عن كل المطالب العمالية المشروعة، وتُفهم كل من هو غير مقتنع بذلك بأن الإبقاء على ما هو كائن اجتماعيا ومهنيا بالنسبة إلى هذه الشرائح العمالية، هو أمر مُضرّ بالقطاع، وبنوعية الخدمات الصحية التي تقدم فيه، ومن تمّ بصحة المجتمع كله، وربما هذا هو الفرق الحاصل بين ما تراه هذه النقابة ، التي هي في إضراب،والنقابة الأخرى لأخصائيي الصحة العمومية، التي يرأسها الدكتور محمد يوسفي، التي قررت الدخول فيه بداية من 4 جانفي المقبل، حيث لا ترى هذه الأخيرة أية مبررات لوضع وزارة الصحة في قفص الاتهام، لأن الوزير نفسه مثلما قالت، أعد معهم جزءا هاما مما أنجز ، وتم تقديمه كما هو لمديرية الوظيف العمومي، وهو حتى الآن من المدافعين عنه، والحريصين على إقراره، وهذا طبعا ما صرح به الدكتور يوسفي في الندوة الصحفية التي نشطها أول أمس بالعاصمة.