مازال مصير المطالب المهنية الاجتماعية لعمال، وموظفي قطاع الوظيف العمومي مجهولا، على مستوى الوزارة الأولى، وهي حتى يومنا هذا تلفها حالة كبيرة من التضبيب على مستوى اللجنة الحكومية المشتركة، المكلفة بمعالجة هذا الأمر، في الوقت الذي مازال فيه إضراب ممارسي الصحة العمومية متواصلا، ومقرر أن تلتحق به شريحة أخرى من السلك شبه الطبي بداية الشهر المقبل، وفي الوقت الذي مازال فيه عمال التربية الوطنية في حالة تأهب للدفاع عن المشروع، المعدّ من قبلهم، مع وزارة التربية الوطنية، الخاص بنظام المنح والتعويضات. رغم التفهم الكبير الذي أظهرته بعض الوزارات، وسعت بشفافية إلى تجسيد المطالب المرفوعة، وفي مقدمتها وزارة التربية الوطنية، ووزارة التعليم العالي، إلا أن كل ما بُذل من جهود على مستوى هاتين الوزارتين لم يثمر حتى الآن بما يوازي أو يساوي هذه الجهود، على مستوى الوظيف العمومي والوزارة الأولى، ومازالت جهود هذه الأخير عند حدود تشكيل اللجنة الحكومية المشتركة، التي تتكون أساسا من الوزارة الأولى، الممثلة بالمديرية العامة للوظيف العمومي، وزارات: المالية ،العمل، التربية الوطنية، التعليم العالي، والصحة، ورغم أن الوزير الأول أحمد أويحي كان حث هذه الهيئات الرسمية المعنية على التسريع بإنجاز هذه المطالب، وخص بالذكر مطلب نظام المنح والتعويضات، إلا أنه حتى هذه اللحظة مازال عمال وموظفو هذه القطاعات ينتظرون، ولم تتحقق مطالبهم حتى اليوم. وإذا ما تمعنّا في حالة الانتظار والترقب التي يوجد عليها عمال وموظفو الوظيف العمومي، في القطاعات المذكورة سابقا، نلاحظ أن عمال التربية هم حتى هذه اللحظة مقارنة بغيرهم في وضع شبه مريح، لأنهم ومهما أظهروا من قلق حاليا، فقد قطعوا خطوة معتبرة مع وزارة التربية، حيث أنها أجلستهم إلى جانبها، واستمعت لمطالبهم، وانشغالاتهم، وأعدت مشروعا نهائيا وإياهم، خاصا بالمنح والتعويضات، متضمنا لجزء هام من مقترحاتهم، وحوّلته إلى الوزارة الأولى، التي هي بدورها تكون حولته إلى اللجنة الحكومية المشتركة، المشار إليها سابقا، وإلى الآن لم يصدر أي شيء عن هذه الأخيرة، وبناء عليه، وزارة التربية متفهمة لهذا القلق الكبير، وحالة اللاّإرتياح، التي يوجد عليها هؤلاء، جراء البطء الكبير، الذي تجري به الأشغال على مستوى ما بعد وزارة التربية، وهذا الأمر على أية حال هو الذي أرّقهم بعض الشيء وأقلقهم، ودفعهم أول أمس إلى تحذير السلطات العمومية في تقرير جديد، أصدرته نقابة »كناباست«، تسلمت »صوت الأحرار« نسخة عنه، وهم يعنون بذلك الوزارة الأولى، ومديرية الوظيف العمومي، حذروها فيه من مغبة الوقوع في عمليات الحذف والبتر، لما تضمّنه المشروع المقدم من قبل وزارة التربية ونقابات القطاع، ومن الآن وقبل أن تظهر القرارات النهائية بشأن ما قدم من مقترحات، بشأن المنح والتعويضات، فإن النقابات تهدد بالعودة إلى الاحتجاج والإضراب في حال تسجيل انتكاسة لما قدموه مع وزارة التربية ، وهم يرون أن وزارة التربية هي أولى وأحق من أية جهة رسمية باقتراح ما تراه مناسبا لهم، وما كان لاقتراحاتها أو الاقتراحات التي توافق عليها أن تغير، لأنها أعلم من أي كان وأدرى بحقيقة الوضعيات المزرية والصعبة التي يعيشها عمال وموظفو القطاع، وقد فعلت ما كان يجب عليها أن تفعله. وزارة التعليم العالي هي الأخرى خطت خطوة معتبرة إلى حد ما مع أساتذة وموظفي قطاعها، حيث اجتمعت بممثليهم لعدد من المرات، واستمعت لمطالبهم وانشغالاتهم، وأبدت هي الأخرى استعدادا كبيرا لمقترحاتهم المتعلقة خاصة بنظام المنح والتعويضات، وقد جمعتها كلها، وكانت أمس فقط في اجتماع مع النقابة الوطنية للأساتذة الجامعيين، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين، من أجل إعداد الحوصلة النهائية لمشروع المنح والتعويضات، ويبدو أنهم اتفقوا على المشروع النهائي، قبل أن يحال على الوزارة الأولى . وتبقى وزارة الصحة التي هي الأخرى سعت نحو نقاباتها، وأظهرت لها نوعا من الاستعداد للدفاع عن مطالبها من تلقاء نفسها، ودون أن توسع دائرة الشراكة في التفكير حول أرضية القانون الخاص، الصادر شهر نوفمبر الماضي، المطالب بمراجعة بعض ما جاء فيه، وحول نظام المنح والتعويضات، المطالب بتشكيل لجنة وزارية نقابية خاصة بشأنه، وما هو ملاحظ عن هذه الأخيرة أن مصاعبها مازالت متواصلة بتواصل الإضراب المفتوح الجاري من قبل الأطباء العامين، والأخصائيين، والصيادلة، وجراحي الأسنان، وكذا التجمعات التي تنظمها بين الحين والآخر النقابة الوطنية للأخصائيين النفسانيين، والإضراب الوطني المتقطع بثلاثة أيام كل أسبوع، الذي أقرته الاتحادية الوطنية لمستخدمي الصحة العمومية، المنضوية تحت نقابة»سناباب« بداية من يوم 2 فيفري القادم، وعليه فإن الكثير من المتتبعين للشأن النقابي يرون أن وزارة الصحة مطالبة اليوم قبل الغد، بإذابة بعض الجليد الذي يفصلها عن هذه الشرائح، وهم يرون أنها هي الأولى من أية جهة كانت بالدفاع عنها أمام الوزارة الأولى، ويتم هذا بتشكيل اللجنة الوزارية التي يطالبون بها، ومنحهم أذن الاستماع لما يطالبون به والسعي وإياهم إلى تحقيق ما هو ممكن التحقيق على مستوى اللجنة الحكومية، صاحبة الحق في اتخاذ القرارات النهائية المنتظرة.