دعا الوزير الأول الفرنسي فرنسوا فيلون مجلس الدولة في رسالة تم نشرها إلى العمل على تحضير مشروع قانون يعرض على المجلس الوطني الفرنسي الهدف منه منع ارتداء البرقع أو النقاب وذلك قبل نهاية شهر مارس المقبل، طلب فيلون يأتي 3 أيام بعد التقرير الذي خلصت إليه المهمة البرلمانية حول البرقع والنقاب، وبالمقابل عبرت عديد الجهات عن رفضها القاطع لمثل هذه القوانين التي تتعارض بكل بساطة مع الحريات الشخصية التي تكرسها قوانين الجمهورية الفرنسية. سارع فرنسوا فيلون في توجيه طلب رسمي إلى المحكمة الإدارية العليا بفرنسا من أجل أن تساعد الحكومة حتى تتمكن هذه الأخيرة من التعبير عن انشغالات البرلمانيين وترجمته في شكل مشروع قانون يتعلق بمنع ارتداء البرقع يتم إعداده في ألأقرب الآجال وعرضه على البرلمان الفرنسي، الرسالة وجهت إلى جون مارك نائب رئيس مجلس الدولة. وحسب ما صرح به فيلون فإن ارتداء البرقع أو النقاب يصطدم مع قيم الجمهورية الفرنسية، ومن غير المعقول أن نقبله في مجتمعاتنا، لأنه رمز للتفريق بين مواطني الجمهورية ويتعارض مع المساواة بين الرجال والنساء، حيث ارتكز الوزير الأول في تصريحاته هذه على التقرير الذي قدمته المهمة البرلمانية يوم الثلاثاء الفارط بعد ستة أشهر من العمل، والذي ينصح أصحاب هذه المهمة من خلاله بمنع ارتداء البرقع أو النقاب في المصالح العمومية كالإدارات، المستشفيات، المدارس ومختلف وسائل النقل. من جهته أكد وزير الدفاع الفرنسي ايرفي موران خلال استضافته في حصة »قضايا الأربعاء« التي تعرض بإحدى القنوات الفرنسية أن ارتداء البرقع أو النقاب يبقى خيارا خاصا بأصحابه، وعبر عن رفضه القاطع لسن أي قانون يمنع ارتداء النقاب أو البرقع في كل مكان. أما دومنيك روسو، أستاذ في القانون الدستوري الفرنسي فقد اعتبر أن منع ارتداء البرقع أو النقاب هو اعتداء صارخ على قيم الجمهورية الفرنسية وحقوق الإنسان، كما لم يستبعد في هذا السياق أن يتم رفض مشروع القانون الذي سيعرض لاحقا من طرف المجلس الدستوري، ناهيك عن كون تطبيق مثل هذا القانون على أرضية الواقع يبقى أمرا شبه مستحيل لان القانون غير مخول بمعالجة مثل هذه القضايا الاجتماعية فالقاعدة القانونية عامة ومجردة، فيما نجد أن ارتداء البرقع هو خيار خاص وشخصي. ومن هذا المنطلق فإنه من غير المنطقي سن قانون لمنع ارتداء النقاب أو البرقع، فالقوانين التي تنظم الحياة العامة موجودة ويمكن للمسؤولين اللجوء إليها وهذا ما حدث بالفعل-يقول الأستاذ روسو- عندما أيد المجلس الدستوري حكم سنة 2008 يقضي بعدم منح الجنسية لامرأة مغربية متزوجة من رجل فرنسي وأم لثلاثة أطفال مولودين بفرنسا وذلك لأنها رفضت الاندماج داخل المجتمع الفرنسي، كما أن القانون يسمح لأعوان الأمن والإدارة التحقق من هوية المرأة التي تضع نقابا لغرض معين، ربما نحن بحاجة إلى بعض لوائح تصدر عن طرف البرلمان أكثر من قوانين. ولم يتردد المختص في القانون الدستوري في الدعوة إلى عدم التفريق بين مواطني الجمهورية في إطار تكريس ثقافة الحياة المشتركة التي تجمع هؤلاء حول مبادئ عالمية تتعلق باحترام حقوق الإنسان، ورفض المتحدث الخلط بين القضايا وتسييسها على حساب فئة معنية دون الأخرى، وإن كان النقاب ولا بد منه فلنترك هؤلاء الأشخاص يتطورون وفق مفاهيمهم وتصورهم للأشياء لأن هذا حقهم.