إسرائيل تتفاوض وتستعد للحرب، هذه هي القاعدة التي حكمت سلوك هذا الكيان الإرهابي منذ نشأته، أول أمس طلب الرئيس الأمريكي، الحائز على جائزة نوبل للسلام، باراك أوباما، من الكونغرس منح إسرائيل 205 مليون دولار من أجل تسريع إنتاج نظام للدفاع الصاروخي قصير المدى. وحسب البيت الأبيض الأمريكي فإن أوباما »يقر بالتهديدات التي تشكلها لإسرائيل الصواريخ والقذائف التي تطلقها حماس وحزب الله«، والأولوية في هذه الحالة هي مزيد من تسليح إسرائيل، لكن الرسالة الحقيقية للإدارة الأمريكية تفيد بأن تل أبيب تحضر لعدوان جديد في المنطقة، فخلال الأسابيع الأخيرة تم تداول فرضية القيام بعمل عسكري ضد إيران بشكل أكثر جدية من أي وقت مضى، ومعلوم أن الاستعداد لمواجهة الرد المحتمل على العدوان هي من ضمن الإجراءات التي قد تمهد لإعلان حرب جديدة. هذا هو الضغط الذي يطلب محمود عباس من أمريكا ممارسته على إسرائيل، فالعقوبة التي سلطت على نتنياهو بعد الإعلان عن بدء البناء في أكبر حي استيطاني في القدسالشرقية هي منحه المال لإنتاج مزيد من الصواريخ المضادة للصواريخ، وفي هذا الرد تشجيع مباشر للحكومة الإسرائيلية، التي لم تعد توصف بأنها حكومة يمين متطرف، على المضي قدما في سياساتها الحالية، وهو تأكيد على الالتزام الأمريكي بالدفاع عن الخطوات العسكرية التي تنوي هذه الحكومة القيام بها في المستقبل القريب، وفي المقابل تتراجع التسوية في سلم الأولويات الأمريكية والإسرائيلية. إسرائيل تبحث عن مزيد من القوة من أجل سحق أعدائها، وفي مقابل ذلك يصر محمود عباس وسلطته ومن يدعمه من العرب على تجريد الفلسطينيين حتى من السلاح الأبيض، وإسقاط خيار المقاومة بشكل نهائي، والدخول في معركة المفاوضات بصدور عارية، ورغم الرسائل الأمريكية الواضحة تستمر المهزلة، ويصر المفاوضون على الاستخفاف بالشعب الفلسطيني وبالعرب جميعا من خلال الزعم بأن أمريكا ستجبر إسرائيل يوما على وقف الاستيطان وعلى منح الفلسطينيين الأرض المحتلة لإقامة الدولة الموعودة.