أكد الدكتور والمناضل الثوري بيير شولي أن ثورة أول نوفمبر تختلف عن بقية الحركات التحررية التي صاحبتها في تلك الفترة من حيث أنها لم تكن مسيرة من طرف شخصية كارزماتية، ولكنها كانت خاضعة لبيان أول نوفمبر الذي كانت تتحكم في مبادئه روح الجماعة حيث ظلت هذه المباديء محترمة إلى غاية الاستقلال، وأكد شولي في حوار ل »صوت الأحرار« أنه وبعد مرور كل هذه السنوات لم يندم ولو مقدار ذرة عن اختياره طريق النضال في سبيل استقلال الجزائر. حاورته: سهام مسيعد ** عايشتم الشهيد محمد العيشاوي ومسيرته النضالية، فكيف تعرفتم عليه، وما طبيعة علاقتكم به؟ *بداية العلاقة مع الشهيد محمد العيشاوي كانت عندما خلقنا منتدى شبانيا للنقاش السياسي، وكنا نتناقش فيه كطلبة وكشبان،كنا نتطرق إلى عدة مسائل سياسية وغير سياسية، ثم شارك معنا في مجلة »الوعي «التي ضمت أيضا عددا من الشباب من بينهم أختي ماري جولي، السيدة جاكي نورينعو، إيزابيل كاتي، بيير روش، وقد كنا جميعا نتحدث دائما ونناقش أفكارنا، كنا نرى تحرك كل من تونس والمغرب ضد الاستعمار، وهنا سألت محمد العيشاوي ذات مرة عندما يأتي اليوم الذي تنطلق فيه الثورة في الجزائر ماذا نفعل فقال لي عندما سيأتي هذا اليوم تأكد أنك ستكون معنيا مثلنا. **يقال إن محمد العيشاوي قد شارك في صياغة بيان أول نوفمبر؟ *أولا أريد أن أشير إلى أن الرسالة التي تسلمتها خلال تكريم الأفلان للشهيد محمد العيشاوي عشية الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير على أساس أنني بعثتها إليه عندما كان في سجن تيزي وزو لم تكن مني بل كانت رسالة من إحدى الممرضات تدعى إيزابيل كاتي، ثانيا لا أعرف ما إذا كان العيشاوي قد كتب بيان أول نوفمبر لكنني أعرف أنه كان يعمل في الرقن في تلك الفترة، لكن من المهم التأكيد على أن محمد العيشاوي كان متطوعا بجيش التحرير الوطني، وقد عاش لمدة 3 سنوات بفرنسا، حيث كان يشارك في إصدار مجلة »المغربي« التي تم بعثها رفقة عدد من الطلبة من أمثال رضا بسطانجي، وفي فرنسا التحق العيشاوي بمدرسة الصحافة بباريس، وقد سمحت له إقامته هناك بالتكوين والعمل بالصحافة، فضلا عن التعرف على شخصيات لعبت دورا بارزا في الإعداد لثورة التحرير وتفجيرها، ومن هؤلاء محمد بوضياف ومراد ديدوش، وفي فرنسا تمكن العيشاوي من كتابة موضوع عن أحوال العمال الجزائريين هناك وظروفهم القاسية، وقد أثارت المجلة التي كان يشتغل فيها جدلا بنقلها لعدة وقائع مهمة، على الرغم من أنها كانت مجلة يشرف عليها عدد من الطلبة، وبعد أن عاد العيشاوي إلى الجزائر في سنة 1953 تعاون أيضا مع نفس المجلة، لكنه في الوقت ذاته اشتغل في مجلة أخرى تحمل عنوان:»الجزائر الحرة«، وبعد أن كانت هناك مشاكل في الحركة الوطنية على إثر انفجار أزمة الخلاف بين أنصار مصالي والأمانة العامة للحزب مطلع 1954، كان العيشاوي جاهزا لسلوك درب الثورة، اشتغل العيشاوي أيضا في مجلة الأمة الجزائرية، وقد تم توقيفه للمرة الأولى في نوفمبر 1954حيث حيث وضع في سجن تيزي وزو، بعد أن ألقت قوات الاحتلال الفرنسي القبض كل الأشخاص الذين كانوا معروفين بانتماءهم للتيار الوطني، وقد تعرض العيشاوي للتعذيب على يد الضباط الفرنسيين، وهو ما جعله يقدم شكوى ضد هؤلاء، وهي الرسالة التي قرأت على مسامع الجميع عشية تكريمه من طرف حزب جبهة التحرير الوطني عشية الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير. ** كيف كان وقع اندلاع ثورة نوفمبر في نفوسكم؟ * بما أننا نتحدث عن ثورة الفاتح من نوفمبر فإنني أود أن أشير إلى أن هذه الأخيرة لم تأت هكذا، ولم تكن مجرد ثورة غير منظمة، بل على العكس من ذلك سبقها عمل تحضيري طويل جدا من أجل ضمان نجاحها، لقد كان مجيء أول نوفمبر بمثابة متنفس للجميع وتحريرا لكل أنصار التيار التحرري من حالة الاحتقان التي كانوا يعيشونها آنذاك. لا بد أن أتطرق هنا أيضا إلى ملاحظة غاية في الأهمية، تتمثل في أن كل الحركات التحررية في العالم آنذاك كان يقودها قائد ما، لكن ثورة نوفمبر كانت تقوم على نص مكتوب لا غير وهو أمر محير فكيف يسير بيان مكتوب ثورة بأكملها، فقادة الثورة كانوا أشخاصا غير معروفين، وهو أمر يجب أن نقف عنده كثيرا، حيث أنه لأول مرة ينجح ذكاء جماعي في بعث ثورة ما وليس شخصية كارزماتية على عكس الثورات التحررية التي شهدتها تلك الفترة و التي كان لها قادة معروفون من أمثال نيلسون مانديلا وغيره، ومما كان لافتا للنظر أيضا هو أن كل المبادئ التي وردت في بيان أول نوفمبر تم احترامها إلى غاية 1962 ما يعني أن الأهداف التي تم تسطيرها قد تحققت. ** عندما اندلعت ثورة التحرير، كنتم من صناعها الأوائل، كيف اخترتم الوقوف إلى جانب الجزائر رغم أن أصولكم فرنسية، هل كان موقفكم ذلك مبنيا على أساس إحساسكم بالانتماء إلى الجزائر التي ولدتم فيها، أم من منطلق مباديء الثورة على الاحتلال التي كنتم تؤمنون بها؟ * كان ذلك خيارا فأنا جزائري، اخترت أن أكون مع الثورة، لقد قبلتني الثورة لأنني جزائري، وهنا أريد أن أفتح قوسا بخصوص عديد من الصحفيين الذين يغالطون الحقيقة عندما يتحدثون عن أني فرنسي متعاطف مع الثورة الجزائرية، وهذا غير صحيح فأنا جزائري كنت في قلب ثورة التحرير، أجل لقد كنت داخل الثورة، أنا جزائري بثقافة فرنسية كما هو الحال مع كثير من الجزائريين من ذوي الأصول الأجنبية والأوروبية فهذا ليس أمرا غريبا، بالنسبة لي الأمة هي إرادة الجميع. يعود خياري إلى أسباب تاريخية أيضا، تتعلق بمحيطي العائلي الذي نشأت فيه، والذي كان منفتحا على المسائل الاجتماعية العامة، وكذا إلى مشاركتي في النقابات الطلابية وحركات الشبان وفي مختلف الملتقيات، لقد كان بعض الشبان من ذوي الأصول الأوروبية على اطلاع بمشكلة الجزائر، من خلال تكوينهم السياسي والفلسفي وقد كان رد فعلهم في تلك الفترة بأشكال مختلفة، فبعضهم انسحب خلال الثورة وبعضهم قرر خوض المعركة إلى نهايتها، ومن بين هؤلاء من توفي من أجل الجزائر، بينما استمر البعض في مشوار النضال من أجل استقلال الجزائر من خلال الانخراط في الحركة الوطنية الجزائرية. ** باعتبار أنكم كنتم تمارسون مهنة الطب والصحافة في آن واحد، فما هو الدور الذي قمتم به خلال ثورة التحرير؟ * لم أقم بأي شيء كبير، كنت مناضلا بسيطا كما كان الآلاف من المناضلين الجزائريين، وعلى اعتبار أنني كنت طبيبا، فقد ساهمت في معالجة الكثير من المرضى، من المحاربين أو من اللاجئين، وعلى الصعيد الفكري، كنت أكتب في الصحافة من أجل توضيح حقيقة الثورة أمام الرأي العام، وقد قادتني مراسلتي لصحيفة الحركة في تونس، وعلاقتي مع مسؤولي الثورة إلى سجن بربروس والنفي من الجزائر عام 195، شاركت في لجنة تحرير جريدة المجاهد في الداخل عام 1956 وفي تونس منذ عام 1957 إلى غاية 1962 بعد أن نفيت من الجزائر، كما شاركت مع آخرين عام 1961 في تحضير عدد من الملفات الخاصة بالمفاوضات الجزائرية الفرنسية. ** باعتبار أنكم عملتم في مجال الصحافة لفترة معينة، كيف تقيمون واقع الصحافة الجزائرية في تلك الفترة ؟ * الصحافة الجزائرية اليوم متغيرة عنها في السابق، لقد تعاونت مع جريدة المجاهد، ثم في تونس حيث كنت طبيبا التقيت مع مجموعة من المحررين، منهم بومنجل، كنا نصدر جريدتنا كل 15 يوما، وكان المنسق رضا مالك، وهنا أود أن أصحح أمرا يتعلق بالاعتقاد الذي كان سائدا آنذاك حول كون النسخة الفرنسية للمجاهد تعبر عن وجهة نظر فرنسية بينما النسخة العربية تعبر عن الثورة، أقول أن المواضيع التي كانت تصدر في النسخة العربية للجريدة يتم ترجمتها لكن الاختلاف كان يكمن في الجمهور الذي تخاطبه كل نسخة فالعربية كانت موجهة إلى العالم العربي، والفرنسية إلى أوروبا وأمريكا، ولم يكن هناك أي اختلاف في التوجه أبدا. ** بعد الاستقلال حصلتم على الجنسية الجزائرية، لكنكم رفضتم الصيغة التي قدمت لكم بها، فكيف كان ذلك؟ * بعد الاستقلال حاولت تسوية وضعيتي فيما يتعلق بحصولي على الجنسية الجزائرية، كتبت رسالة إلى الرئيس الأسبق أحمد بن بلة ضمنتها موقفي من قانون منحي الجنسية، وطالبت بدلا من منح الجنسية بالاعتراف بجنسيتي الجزائرية، فأنا جزائري ولا أحتاج إلى من يمنحني جنسيتي، وقد حصلنا أنا وزوجتي فعلا على ذلك. ** اليوم وفي جزائر الاستقلال التي طالما حلمتم بها، هل وجدت لك مكانا فيها، أي هل ترى أن الناس من جيرانك مثلا وأصدقاءك قد تقبلوا فكرة أنك جزائري وإن اختلفت عنهم في الشكل واللغة؟ * أعيش مع زوجتي في الجزائر منذ عام 1955، نحن نعمل بشكل يومي، ونعيش نفس المشاكل، والعقبات التي يعيشها كل الجزائريين، نحن ندرك أننا نعيش تجربة جماعية مميزة في مجتمع شاب تأسس في مدة زمنية قصيرة، ولهذا فإننا نتعاون ونقدم يد المساعدة حسب قدراتنا، نعم لقد وجدت لي مكانا في الجزائر، لدي منزل وعمل وعائلة وقد غادرت الجزائر مرتين فقط مكرها، المرة الأولى عندما تم توقيفي ونفيي، والمرة الثانية، عندما خرجت هروبا من تهديدات الإرهاب 94، أنا كنت مسؤولا بوزارة الاتصال آنذاك وقد عشنا فعلا وضعا صعبا جدا ، بقينا بعض الوقت في نادي الصنوبر ثم غادرت الجزائر. ** تخوض الجزائر اليوم مع فرنسا حربا من نوع آخر، فهي تطالب فرنسا بالاعتراف والاعتذار عن جرائمها الاستعمارية، بيد أن فرنسا ترفض ذلك، فما رأيكم في هذا؟ * أعتقد أننا انتزعنا هذا الاعتراف من فرنسا بنجاح ثورة أول نوفمبر وحصولنا على الاستقلال، واليوم لدينا كثير من الأشياء المهمة التي يجب أن نقوم بها. ** في عام 1960 خضتم رفقة زوجتكم تجربة السينما، وأنتجتم فيلم »جزائرنا« الذي يتحدث عن الجرائم الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، كيف كانت ظروف إعداد هذا الفيلم؟، وهل تعتبرون أنكم قد نجحتم في إبلاغ الرسالة؟ * أنتجنا فيلم »جزائرنا« في 1960 مع بداية المفاوضات الأولى بين الطرفين الجزائري والفرنسي، كنت أنا وزوجتي في تونس حيث شغلت منصب مسؤول عن التوثيق، وقد عملت مع كل من نادية أصديق، وزين مقداد على جمع كل ما كان يكتب عن الثورة حيث كانت لي ميزانية خاصة من أجل تنفيذ هذه المهمة، وبعدها قررنا إنشاء لجنة للسينما، وجاء فيلم »جزائرنا« الذي قدمنا فيه تسجيلات حية عن الثورة الجزائرية بمناسبة وصول القضية الجزائرية إلى هيئة الأممالمتحدة، وكانت زوجتي كولين مسؤولة عن الصوت، كما أننا تعاونا مع كاتب ياسين في أخذ مقاطع من الإذاعة وكنا نمرر أغنية »جزائرنا« التي استوحينا منها عنوان الفيلم مرات عدة إلى درجة أن المجموعة اليوغسلافية التي كانت تشتغل معنا حفظت المقطع الأول من الأغنية وأصبحت تغنيه، وعندما عرض الفيلم كان له تأثيره ووقعه، وما هي إلا فترة بسيطة حتى جاءت مظاهرات 11 ديسمبر . ** بما أنكم أنتجتم فيلما عن الثورة الجزائرية، ومررتم بتجربة نقل الحقائق عن الثورة، هل ترون أن تمكين الباحثين والسينمائيين من الاطلاع على الأرشيف الجزائري الذي تحتفظ به فرنسا وترفض إرجاعه للجزائر أمر ضروري؟ * من المهم جدا للباحثين الاطلاع على الأرشيف الخاص بفترة الثورة، لكن هناك منه ما لا يجب فتحه إلا بعد مرور 50 عاما لأنه يمس بأشخاص معينين، هناك باحثون يحصلون على تصريح للعمل على الأرشيف لكنني أعتقد أنه يجب فتح الباب أمام المؤرخين للعمل الجاد والبحث، مع أن هناك ظاهرة أخرى يجب أن نشجعها وهي ظاهرة كتابة المذكرات، حيث يلجأ عدد من الذين عايشوا أحداث الثورة من قياديين في جبهة التحرير الوطني أو مجاهدين يكتبون مذكراتهم، وصحيح أن منهم من يخترع بعض الأحداث ولا ينقلها بأمانة، لكن هناك أيضا من يقول الحقيقة، وعلى المؤرخين الانتقاء والبحث عن الصدق والحقيقة في كل هذا. ** كنتم على رأس وفد جزائري مشارك في مؤتمر المسيحيين العالمي من أجل فلسطين ببيروت في مارس 1970، وقد أثار ذلك استغراب بعض الوفود، فهل ترون أنكم قد نجحتم في هذه المهمة؟ أجل لقد قدت وفدا جزائريا هاما في ملتقى حول القضية الفلسطينية ببيروت، في الوفد الجزائري كان هناك مسيحيون جزائريون مثلوا الجزائر، وسأتحدث هنا عن مفارقة أخرى، فقد وقع خلاف بيننا وبين الوفد المصري الذي كان يحاول أن يجعل من الصراع مع إسرائيل صراعا دينيا قائما على أساس الصدام بين الديانات الإسلامية والمسيحية واليهودية، فأوقفت ذلك لأقول إننا ضد إسرائيل لكن على أساس أن القضية تتعلق أساسا بمسألة احتلال أرض واغتصابها وليس على أساس معاداة الديانة اليهودية، فنحن نرفض هذا الطرح، وهنا أغتنم الفرصة لأؤكد أن الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية، كان مشرفا جدا، كما أنني أرى أن هذه القضية قد تحل في غضون ال 10 أو 15 سنة المقبلة، الفلسطينيون عانوا كثيرا، ومن حقهم أن يرتاحوا. ** سمعنا كثيرا عن الدور الذي لعبته زوجتكم المصون خلال ثورة التحرير، هلا حدثتنا عن ما كانت تقوم به؟ *كان لها دور كبير وفي كل مهامي كانت ترافقني، كانت دائما إلى جانبي ففي تونس كانت تساعد الفتيات ثم اللاجئين كانت على الحدود التونسية لمرافقتهم وتأطيرهم، اليوم هي أستاذة وباحثة في الجامعة. ** كنت طبييا، وصحفيا فأي المهنتين أقرب إليك؟ * أنا طبيب، لكنني أصبحت صحفيا بالصدفة، لذلك أفضل كثيرا أن أكون طبيبا بدل صحفي. * لست نادما على أي شيء من هو بيير شولي؟ عندما تدخل منزل بيير شولي تشعر أنك في بيت شخص يسكنه حب الجزائر، وترى ذلك مجسدا في ديكور منزله المستوحى من روح التراث الجزائري العريق، من الأرائك إلى الطاولة إلى الصندوق القديم الذي كان أجدادنا يضعون فيه ثيابهم، ووصلا إلى اللوحات الزيتية على الحائط، تشم رائحة الجزائر العريقة، شولي يشعر بالغضب عندما يوصف بصديق الثورة وهو الذي خاضها وساهم فيها رفقة زوجته بكل ما أوتيا من قوة، بينما تبدو ملامح الفخر على وجهه وهو يحكي عن ذكرياته رفقة شهداء ومجاهدين صادقهم وساهم معهم في بناء تاريخ الجزائر التي استقلت اليوم ليستمتع شولي بهذا الاستقلال الذي لم يندم كما قال لأنه اختار أن يناضل من أجله. ربما لا يعلم الكثيرون من يكون بيير شولي، وما دوره في استقلال الجزائر، لكن الجزائر قد سجلت اسمه في تاريخها بأحرف من ذهب، ولمن لا يعرف بيير شولي هذا التعريف البسيط بمنجزاته الثورية: 1 لم يكن بيار شولي المنشط الوحيد» لجمعية العمل الاجتماعي الشباني... ولم يكن الأستاذ مندوز من أعضائها، فقد أسّس هذه الجمعية عام1952 بعض قادة الحركة الشبانية، أمثال عمر الآغا وقداش والوانشي، إلى جانب بيير شولي وفرانسواز باش وبيار روش••• وفي نهاية1953 طلب هؤلاء من الأستاذ مندوز أن يتولى إدارة مجلة »الوعي المغاربي» التي صدر العدد الأول منها خلال الفصل الأول من .1954 ولم يكن العنوان الجديد امتدادا »للوعي الجزائري» الذي أصدره الأستاذ مندوز سابقا• 2 لم يتول مسؤولية مصلحة الإعلام لجبهة التحرير بتونس، كما يذهب صاحب القاموس الذي نسي الإشارة إلى عضويته في هيئة تحرير المجاهد(1957-1962) وتولى مسؤولية مركز الوثائق بوزارة الإعلام غداة تشكيل الحكومة المؤقتة في سبتمبر.1958 وكذلك عضوية المصالح الصحية للثورة بتونس إلى غاية استقلال الجزائر• وتغافل الكاتب عن مسؤوليات الدكتور شولي بعد الاستقلال، ومنها عمله أستاذا بكلية الطب (جامعة الجزائر) من 1967 إلى 1994 وانتخابه في المجلس الشعبي لبلدية العاصمة (1967-1971)، وتعيينه نائب رئيس المرصد الوطني لحقوق الإنسان الذي نصبه الرئيس بوضياف (1992- 1996)، فضلا عن نشاطه كخبير في المنظمة العالمية للصحة منذ .1981 3 طلب الانخراط في حركة انتصار الحريات الديمقراطية: أصدقاؤه في الحركة هم الذين نصحوه بالعدول عن ذلك، وليست اللجنة المركزية التي لم تجتمع لدراسة الطلب، حسب علمه! 4 أنشئت جمعية »الصداقة الجزائرية» في مارس 1955استجابة لنداء شخصيات مختلفة المشارب(ديمقراطيين تقدميين وطنيين) بهدف التعبير عن استنكار الإجراءات القمعية الجماعية ومساعدة عائلات الضحايا بصفة خاصة، وكان الدكتور شولي أمين مال الجمعية التي أتاحت له ولرفاقه فرصة مواصلة نشاط »لجنة مساندة ضحايا القمع» التابعة لحركة الانتصار بعد حلها، فلا علاقة للجمعية، اذا» بالمناضلين الكاثوليك»، كما يوحي الكاتب بذلك• 5-يذهب الكاتب إلى القول بصيغة التعميم» إن عائلة شولي تخصصت في إيواء مسؤولي جبهة التحرير»• ويوضح شولي الابن أن والده لم يأو أحدا، وان مهمته شخصيا رفقة زوجته كلودين كانت تتعدى الإيواء إلى نقل المناضلين والمسؤولين المتستّرين• فضلا عن القيام بنقل البريد والوثائق•• 6- شارك الدكتور شولي في إعداد بعض الحلقات التي وضعت في متناول المفاوضين الجزائريين منها: ملف البترول، الأقلية الأوروبية، وضعية الكنائس في الجزائر المستقلة• ويؤكد الدكتور باختصار أنه لم يعرف نفسه في السيرة الذاتية التي وضعها الأستاذ غاليسو في قاموسه الصادر أخيرا عن دار البرزخ• ويعتب عليه بصفة خاصة تجاهله لنضاله الوطني منذ انخراطه (رفقة زوجته كلودين وشقيقته آن ماري) في جبهة التحرير الوطني، واختياره الجنسية الجزائرية مع كل النتائج المترتبة على ذلك•