تعود الحياة تدريجيا إلى مدينتي بني يلمان وونوغة بالمسيلة بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة الجمعة الفارط والذي خلف أضرارا مادية، جسمانية ونفسية، ولا يزال سكان المدينتين يعيشون هلعا نفسيا تخوفا من تكرار الهزات الأرضية مفضلين المبيت في الخيم التي نصبتها السلطات المحلية على العودة إلى ديارهم رغم سلامتها، وقد استقرت الأوضاع بفضل التضامن والدعم الذي يلقاه المواطنون من المجتمع المدني، السلطات المحلية والدولة والزيارات التفقدية المتتالية لأعضاء الحكومة والبرلمان للاطمئنان على أوضاع المواطنين، ويبقى الأمل الوحيد لدى المنكوبين إعادة إسكانهم. روبورتاج: محمد سعيدي عاش أبناء بلديتي بني يلمان وونوغة طيلة الأسبوع الفارط ليال مليئة بالخوف، الرعب والهلع نتيجة الزلزال الذي هز المنطقة يوم 14 ماي على الساعة الواحدة والنصف ظهرا بشدة 5.2 درجة على سلم ريشتر، الحصيلة كانت 3 قتلى و44 جريحا ومئات المصدومين نفسيا، إضافة إلى أضرار مادية جسيمة، وبعد أسبوع من الزلزال تنقل فريق »صوت الأحرار« إلى البلديتين للاطلاع على أوضاع وأحوال المواطنين وربما نقل احتياجاتهم إلى المسؤولين والسلطات المعنية، لكن ما بدا لنا أن التضامن كان في غاية الأهمية وبحجم الأضرار والمخلفات، مع عودة الحياة إلى المنطقة بعدما فتحت المحلات أبوابها ومزاولة نشاطاتها العادية، بالإضافة إلى توفير الحد الأدنى من الخدمات في المصالح البلدية. *رغم التضامن والتكفل، لا تزال الصدمة زيارتها كانت متعددة الأهداف، فقد تنقلنا إلى الملعب البلدي لبني يلمان فور وصولنا أين كانت فرق الإنقاذ المتكونة من عناصر الحماية المدنية والدرك الوطني، وكذا المشرفين على تقديم المؤونة والمساعدات الغذائية من أعوان الهلال الأحمر الجزائري، التضامن الوطني والكشافة الإسلامية ولجان الأحياء، وكانت لنا دردشة معهم بخصوص كيفية تقديم المساعدات ونوعها وعدد المحتاجين، ومن جهة أخرى معرفة الآثار النفسية التي خلفها الزلزال، حيث أكد لنا أبناء الكشافة الإسلامية أن دورهم يقتصر على توزيع المؤن والمساعدات الغذائية وإيصالها إلى محتاجيها وذلك بالتنسيق مع المجلس الشعبي البلدي ورؤساء الأحياء، وتتكون هذه المساعدات من مواد غذائية مختلفة من خبز، حليب، قارورات مياه، علب الياوورت، الجبن، السكر والقهوة، الزيت، إضافة إلى البطانيات والأفرشة ونصب الخيم وتوزيع وجبات الإفطار، الغداء والعشاء. كما سمحت لنا الفرصة للالتقاء أيضا بأفراد خلايا الإصغاء والمتابعة النفسية، حيث أكدوا لنا أن أغلب المواطنين لايزالون تحت وقع الصدمة النفسية التي تركها زلزال الجمعة رغم التكفل التام بهم، وأضافوا لنا بأنهم يتنقلون بصفة دورية إلى المنكوبين لمعاينتهم وتفقدهم والتخفيف من الضغط النفسي الذي يعاني منه المواطنين المتضررين، حيث يعمل الأطباء النفسانيون على مسح آثار الصدمة والاحتكاك بالمتضررين. * ليس كل من يحصل على خيمة يستفيد من سكن وفور خروجنا من الملعب البلدي قام فريق »صوت الأحرار« بزيارة إلى إحدى العائلات المتضررة من الزلزال لمعرفة مطالبهم واحتياجاتهم، وقد أكد لنا المواطن عامر أن المشكل لا يكمن في نقص الإمكانيات أو الدعم والتضامن، مشيرا إلى وجود سوء فهم من طرف المواطنين الذين يرون أنه في حالة استفادتهم من خيمة فإن ذلك يعني بالضرورة الحصول على سكن أو إعانة مالية، مضيفا أنه على المواطنين الذين لم تتضرر مساكنهم العودة إليها وترك الخيم حتى يمكن التخلص من الهلع والخوف وكذا ترك الخيم للمتضررين الحقيقيين، كما أوضح هذا المواطن أنه قبل ترحيل العائلات المتضررة إلى المساكن يجب فتح تحقيق قبل وبعد الاستفادة من السكن. واعترف ذات المتحدث بالتضامن والدعم الكبيرين الذي حظي به المواطنون من قبل السلطات المحلية والوالي بصفة خاصة، وقال بأن والي المسيلة يتفقدهم يوميا ويطلع على أحوالهم وانشغالاتهم إضافة إلى تبنيه مشاكل المواطنين، وبالفعل بعد أقل من ربع الساعة توقفت سيارة الوالي رفقة نواب من المجلس الشعبي الوطني الذين وقفوا على آثار الزلزال وعملية التكفل بالمواطنين. *2224 مسكن ومؤسسة عمومية تعرضت للزلزال ومن خيمة المواطن عامر توجهنا إلى وحدة الحماية المدنية التي نصبت خيما بالقرب من العيادة المتعددة الخدمات لبني يلمان ووجدناها مجهزة بلوازم التدخل والإنقاذ وكذا تجهيزات الاتصالات الحديثة التي يمكنها العمل رغم كل الظروف، وكان في استقبالنا المدير الولائي للحماية المدنية الرائد محمد بعاطشية الذي قدم لنا كافة البيانات والتفاصيل عن الأضرار الجسمانية والمادية التي خلفها الزلزال إضافة على التدخلات التي قامت بها ذات المصالح. الرائد بعاطشية أوضح أنه تم نصب 1430 خيمة منها 681 ببني يلمان و750 بونوغة، حيث تم تسجيل أكثر من 800 مواطن أصيب بصدمة نفسية، أما بخصوص المباني المتضررة فقد أحصت فرقة المراقبة التقنية للبناء 2204 منزل تعرض للزلزال من بينها 269 منزل صنف في خانة الأحمر أي لا يمكن إعادة السكن فيه ولا يمكن ترميمها، بالإضافة إلى 160 و422 مسكن تم تصنيفها في خانة البرتقالي 4 و3 أي خطير جدا وخطير وهي المنازل التي تحتاج إلى ترميمات جذرية كبيرة، أما المنازل الأخرى فقد تم تنصيفها في خانة الأخضر 1 و2 أي تلك البناءات التي تحتاج إلى ترميمات خفيفة. أما فيما يتعلق بالمؤسسات العمومية، فقد شهدت هي الأخرى أضرارا حيث قدر عدد المؤسسات التعليمية المتضررة ب15 مؤسسة من بينها 8 مؤسسات تحتاج إلى ترميمات كبيرة أما الأخرى فتحتاج إلى ترميمات سطحية، إضافة إلى تضرر 8 مساجد و5 مؤسسات إدارية و3 مؤسسات صحية. *الوالي يتوعد الانتهازيين ويتضامن مع المنكوبين وفي ذات الزيارة قال والي الولاية إنه سيتم الشروع في ترميم المرافق المتضررة وذلك فور الانتهاء من عملية الإحصاء التي شرعت مصالح الولاية في إجرائها والتي من المرتقب أن تنتهي هذا الأسبوع، مشيرا إلى تفهم وتضامن المواطنين فيما بينهم، حيث طالب الوالي باستغلال بعض المرافق بشكل جزئي أو تعويضها بالخيام لضمان استمرار تقديمها للخدمات التي يحتاجها سكان المناطق المتضررة على غرار العيادة متعددة الخدمات ببني يلمان، وفي نفس الوقت أكد أن المواطنين رفضوا التجمع في الملعب البلدي وفضلوا البقاء في الخيم أمام منازلهم، إلا أن تكفل السلطات الولائية والمحلية بالعائلات هو في المستوى المطلوب، كما لم يخف الوالي وجود بعض الانتهازيين القلائل الذين ينوون الحصول على سكن على حساب المنكوبين، مشددا على أن الدولة ستراقب العملية قبل وبعد توزيع السكن ولا مكان للطفيليين. *وفد برلماني يقف على آثار الزلزال كما توالت الزيارات الرسمية على بلديتي ونوغة وبني يلمان، فبعد زيارة وزير التضامن، التربية، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية والجماعات المحلية، وزير السكن، قام وفد المجلس الشعبي الوطني الذي كله رئيس البرلمان عبد العزيز زياري بالوقوف على آثار الزلزال، حيث اطلع عن كثب على واقع المواطنين والمنكوبين والمتضررين من الزلزال، حيث ترأست الوفد النائبة حبيبة بهلول نائب رئيس المجلس أين تفقدوا العائلات المتضررة وكذا وحدات الحماية المدنية ومقر الإسعافات الأولية، إضافة إلى المباني العمومية المتضررة. وقد زار الوفد البرلماني عدد من العائلات أين اطلعوا على ظروف الإيواء التي تعد مؤقتة بالنسبة للمتضررين وكيفية مواصلة الدروس بالنسبة للتلاميذ الذين تضررت مؤسساتهم التعليمية، حيث استفسروا لدى رئيس المجلس الشعبي البلدي عن كيفية مواصلة الدراسة والتكفل بالحاجيات الغذائية والصحية لمواطني البلديتين، وضد أوضح رئيس المجلس البلدي أن الأمور ستسير في ظروف عادية وسط تفهم المواطنين. وأعرب النواب عن تضامنهم مع مواطني بني يلمان وونوغة ووقوفهم إلى جانبهم في هذه المحنة التي ألمت بهم، مؤكدين دعمهم للجهود التي تبذلها السلطات العمومية من أجل توفير كافة الضروريات وأهمها إعادة إسكانهم وفق مختلف الصيغ الممكنة. وزارة الداخلية تجري تقييما للوضع وأجرت وزارة الداخلية والجماعية المحلية تقييما للوضع بعد الزلزال الذي ضرب بلديتي بني يلمان وونوغة، حيث تم تسجيل 3 قتلى من بينهم رجل ذو 62 سنة وامرأة ذات ال74 سنة، فيما توفت المرأة الثالثة ذات 82 سنة يومان بعد الزلزال متأثرة بجروحها، إضافة إلى 44 جريح منهم 5 جرحى هم تحت المراقبة الطبية. أما عن الخسائر المادية المسجلة في ولاية المسيلة، فقد أظهرت خبرة مركز المراقبة التقنية للبناء أن 20 سكنا جماعيا تم تصنيفهم في الخانة البرتقالية و154 في الخانة الخضراء في حين صنف 477 سكن فردي في الخانة الحمراء و1179 في الخانة البرتقالية و2699 في الخانة الخضراء. كما أحصت ذات المصالح العديد من المنشآت القاعدية المتضررة منها مدارس ومساجد و مراكز صحية، مقرات لمؤسسات عمومية قام مركز المراقبة التقنية للبناء بمعاينتها ببلديتي ببني يلمان وونوغة. وبولاية برج بوعريريج تم تصنيف 47 سكنا فرديا في الخانة الحمراء و373 في الخانة البرتقالية و384 في الخانة الخضراء في حين صنفت مدرستين ابتدائيتين في الخانة الحمراء و3 مؤسسات مدرسة وعيادة متعددة الخدمات وقاعة للصلاة في الخانة البرتقالية والعديد من المؤسسات المدرسية صنفت أغلبها في الخانة الخضراء. وأشار تقييم الوضع المتعلق بتسيير الآثار المنجرة عن الزلزال إلى وجود 1676 عائلة متضررة، أما فيما يخص التكفل بالمتضررين تم توزيع 1381 خيمة و2700 بطانية و100 فراش إضافة إلى المساعدات الغذائية. وبخصوص تمدرس التلاميذ الذين تضررت مدارسهم جراء الزلزال تم إيصال إلى عين المكان 100 خيمة منها 87 مهيأة في شكل أقسام من قبل الجيش الوطني الشعبي، إضافة إلى إرسال أربعة حافلات صغيرة من أجل ضمان نقل تلاميذ بلديات بني يلمان ونوغة. وبولاية برج بوعريريج تم إحصاء ثلاث عائلات منكوبة ويشير تقييم الوضع إلى توزيع 69 خيمة و 325 بطانية و 160 غطاء و 60 فراشا فضلا عن المساعدات الغذائية، كما أرسلت وزارة الداخلية ثلاث حافلات صغيرة من أجل نقل التلاميذ ببلدية بن داود، وكذا تجنيد فرق طبية وأطباء نفسانيين وهياكل صحية، فيما تواصل مصالح المديرية العامة للأمن الوطني والدرك الوطني النشاطات التي تمت مباشرتها سيما في مجال ضمان أمن المناطق المنكوبة ومواكب نقل المساعدات وفرق الإنقاذ.