أكد الرائد عمر صخري، في لقاء جمعه ب» صوت الأحرار« ، على هامش إحياء ذكرى استشهاد حاشي عبد الرحمن ببلدية سد الرحال بالجلفة، أول أمس، بأن استشهاد العقيدين عميروش وسي الحواس بجبل ثامر بمنطقة بوسعادة، كان قضاء وقدرا وأن القضية لم تتعد كونها صدفة، لكن هذه الصدفة كانت وراءها أسباب، مفندا في ذات الوقت الأقاويل التي ترمي إلى أن في الأمر وشاية وتدبيرا أو بناء على تبليغ مسبق، وما يعزز هذا الأمر حسب الرائد، أن تحركات سي الحواس كانت تتسم بالسرية التامة، وكذا في كون فرنسا بحد ذاتها كانت تجهل تواجد سي الحواس وعميروش معا في منطقة جبل ثامر. حاوره: صادق شريط تأكيد الرائد عمر صخري، جاء على خلفية سؤال طرحته عليه »صوت الأحرار«، بخصوص الحقيقة الكاملة لاستشهاد العقيدين عميروش وسي الحواس، والجدل الذي أثير مؤخرا بخصوص هذه القضية ، ليرد الرائد بأن البداية كانت بنزول عميروش ضيفا على سي الحواس، لكون أن هناك اتفاقا مسبقا بالخروج معا إلى تونس في مهمة عن طريق الولاية الثانية ، ليأتيهم خبرا حمله مسؤول الناحية الأولى بالمنطقة الرابعة بالولاية السادسة المدعو سي إبراهيم سعادة، والذي غامر مغامرة كبيرة من أجل الوصول إليهما وفي عز النهار، لتبليغهما بخبر نقله له حركي يدعى صالح، بأن فرنسا تعلم خبر تنقلهم إلى تونس وأنها تعد العدة بالحدود هناك، مما جعل العقيد سي الحواس تلقائيا يغير الطريق نحو الجنوب ، علما بأن هذا الخبر وصلهما حينما كانا في جبل عموري أو الجبل الظهراوي ببلدية طولقة، ليمكثا هناك حوالي يومين أو ثلاثة، ومنها تحولا إلى مركز قلب العرعار الموجود ببلدية بن سرور غير بعيد عن واد الشعير، مشيرا إلى أن ما يقصد بالمراكز هي شعاب موجودة في الجبال، صالحة للكفاح المسلح ضد قوات المستعمر الفرنسي. و أضاف الرائد عمر صخري يقول بأن سي الحواس وعميروش مكثا هناك ثلاثة أيام أخرى، وقد تزامن وجودهما مع تحركات كبيرة لقوات العدو الفرنسي انطلاقا من أولاد جلال وبوسعادة، مما جعل سي الحواس يحاول تهريب ضيفه عميروش من هذه المواجهة في حالة توجه هذه القوات نحوهما ، ومنها قرر السير في اتجاه آخر، لكن العقيد شعباني الذي كان يشغل منصب مسؤول المنطقة الرابعة، طلب منه الانتظار وعدم السير في اتجاه المجهول حتى يتم الاتصال بالرائد عمر صخري من أجل تأمين الطريق له ولضيفه العقيد عميروش، لمعرفته المسبقة للمسالك والطرق، وأرسل شعباني رسالة إلى الرائد صخري حملها المدعو عامر زابي الذي غادر موقعه حوالي الساعة الخامسة مساء باتجاه الموقع، ووصل على الساعة 12 ليلا إلى مركز بن سعيد بجبل مساعد ، في الوقت الذي كان فيه الرائد عمر صخري لا يزال بمنطقة الزرقة بالناحية الأولى. وبعد الوصول إلى مركز بن سعيد يضيف الرائد صخري وجد عامر حامل الرسالة قد وصل بدوره هناك ، ومعه رسالة سي الحواس، ذاكرا له بأنه سيكمل الليل مع الجيش، وفي الصباح بعد انكشاف الجو بالإمكان السير رفقة جندي أو اثنين ، لننهض يضيف على وقع وجود قوات العدو في جبل ثامر، وذهب ظن الرائد صخري ومن معه أن معركة كانت ضد رمضان حسوني الذي كان يترصد جماعة بلونيس، ليقول بأنه استغل فرصة وجود المعركة في جبل ثامر من أجل المرور ظهرة واد الشعير بهدف الوصول إلى مركز حيث تم استدعاؤه، وسار سي الحواس وعميروش برفقة الرائد عمر إدريس وغيرهم من الإطارات و الكتاب الذين كان عددهم يتجاوز 80 فردا، و بعد تحرك القيادة والجيش وعوض أن يتوقف سي الحواس عند المرحلة الأولى بمركز الدم تم تجاوزها، وعوض التوقف في المرحلة الثانية بمركز سينيسة تجاوزها أيضا، وهما مركزان معروفان عند سي الحواس، ليواصل طريقه مباشرة إلى جبل ثامر، أي أنه قطع ثلاث مراحل في رحلة واحدة، وكان القصد كله من ذلك، حسب إفادة الرائد صخري دائم،ا هو محافظة سي الحواس على حياة ضيفه العقيد عميروش قدر الإمكان وتهريب من معه من إمكانية مواجهة القوات الفرنسية، مما جعله يسابق الزمن للوصول إلى جبل ثامر، ووصل سي الحواس ومن معه إلى جبل ثامر الذي دخلوه من منطقة معروفة بالشعبة الحمراء، وبعد وصول القوات الفرنسية إلى موقع جبل ثامر التي كانت متجهة إلى منطقة قرون الكبش لمجابهة كتيبة حساني الشيخ، وفي هذه الأثناء رأى عسكر فرنسا مجموعة مجاهدين في قمة الجبل، مما جعلهم يخبرون قوات فرنسية أخرى كانت مطوقة لنصف الجبل، ليتم حصار سي الحواس وعميروش ومن معهما ، في ظل عدم وجود أسلحة كافي لديهم لكون أغلبيتهم كانوا كتابا وإطارات، وبوجود فوج عمر إدريس الذي كان يتكون من حوالي 30 مجاهدا مسلحا تمكنوا من إسقاط طائرة فرنسية في مكان المعركة، ولأن أغلب من كان هناك لا يعرفون طبيعة الجبل في ظل عدم وجود أسلحة كافية باستثناء فوج عمر إدريس طبعا ، لتبدأ معركة كبيرة على أساس أنهم مجرد »فلاقة«، أي أن القوات الفرنسية كانت لا تعلم بوجود العقيدين عميروش وسي الحواس ضمن المجاهدين المحاصرين في قمة جبل ثامر، واعترف الأسير الأول، الذي وقع في أيدي العدو بوجود العقيدين ضمن المحاصرين حسب ذات الإفادة دائما مما جعل مسرح المعركة يتدعم بقوات فرنسية إضافية كبيرة وبدأت المعركة حوالي الساعة العاشرة صباحا وانتهت حوالي الساعة الواحدة مساء، في الوقت الذي كان فيه الرائد صخري يسير في اتجاه مكان العقيدين، ليؤكد بأن قضية استشهاد العقيدين عميروش و سي الحواس كانت قضاء وقدرا بالدرجة الأولى وصدفة بالدرجة الثانية، وأنها لم تكن وراءها لا وشاية ولا تبليغ مسبق عن تواجدهما في جبل ثامر، مؤكدا بالقول بأن العقيدين لو لازما مراكزهما سواء بالمركز الأول أو الثاني لما التقوا من الأساس بالقوات الفرنسية التي خاضت معركة جبل ثامر، حينما كانت متجهة إلى مكان آخر، لا علاقة له بمكان تواجد العقيدين سي الحواس وعميروش، أي أن أجلهما هو من قادهما إلى الشهادة في هذا المكان، وأضاف الرائد في ذات السياق أنه لم يتم استعمال أي أجهزة اتصال في تلك الفترة ولم يتم استعمالها بعد لا في قلب العرعار ولا في جبال الظهرة . توظيف التاريخ لأغراض سياسية مرفوض و في سؤال ل» صوت الأحرار« عن موقفه من توظيف التاريخ لأغراض سياسية، في إشارة إلى كتاب سعيد سعدي الصادر مؤخرا، رد الرائد عمر صخري بأن هذا الأمر مرفوض وهو متاجرة سياسية، تهدف إلى استغلال التاريخ، وأن من المفروض عدم الحديث عن التاريخ من أطراف لم تعشه، وفي حالة الخوض في قضايا تاريخية معروفة يجب الذهاب مباشرة إلى مصادر رسمية أو قريبة من الحدث أو من عايشه عن قرب، مشيرا إلى أن مسألة استعمال التاريخ للإستفزاز و توظيفه وفق ما يشتهيه عمل خسيس ورخيص، وأضاف بأن ما كتب في العديد من المرات عن قضية استشهاد العقيدين عميروش وسي الحواس كله خطأ و لا أساس له من الصحة، بما فيه كتاب سعيد سعدي، مؤكدا معرفته الوثيقة بالعقيد سي الحواس الذي كان حذرا جدا في تنقلاته، حيث لا يخبر عن وجهته إلا لمقربيه، بما في ذلك تنقله إلى تونس التي لم تكتب له في النهاية. منطقة القبائل جزء لا يتجزأ من هذا الوطن الكبير وسألت »صوت الأحرار«، الرائد عمر صخري باعتباره شخصية ثورية معروفة، عن موقفه من »رقصة« المغني فرحات مهني، في أطروحته الانفصالية الأخيرة، عبر تأسيس حكومة مؤقتة في الخارج، فقال الرائد، بأن هذا كلام زائد، أي باللهجة الجزائرية »فتات خاطي المرقة«، وأن من قام بها إنسان ليس في مستوى أي شيء، مشيرا إلى أن ثورة التحرير العظيمة كانت جزائرية و ليست جهوية، استهدفت تحرير كل القطر الجزائري من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، وأن الرجال الذين عرفهم من منطقة القبائل كانوا وطنيين حقا قلبا وقالبا، عشنا معهم وعاشوا معنا وكان الكفاح كفاحا مشتركا على الجزائر وليس على المناطق في ظل تضحية منطقة القبائل بخيرة أبنائها في سبيل أن تحيى الجزائر مستقلة. وكان ختام الجلسة مع أحد صناع ثورة التحرير الرائد عمر صخري، هو سؤاله عن متى يكتب تاريخ الثورة بدون أي مزايدة أو تلاعب أو شيء من هذا القبيل، ليرد بأنه لا ضمان بعدم كتابة التاريخ بدون مزايدة نظرا لوجود الأنانية والعاطفة التي تؤثر في ذلك، وأن هناك من يحب المزايدة في كتابة التاريخ وإظهار جهة على حساب جهة، مطالبا بتناول القضايا التاريخية كما هي دون زيادة أو تلفيق أو تحريف، مع التركيز على الحديث عن إيجابيات الثورة لأنها في النهاية نجحت وحررت الوطن من براثن الاستعمار الذي جثم على قلوب الجزائريين أكثر من 130 عاما، والثورة تبقى ثورة جبارة، شعبية وربانية لأن من فجرها في البداية كانوا رجالا مخلصين وفدائيين، ونجحت بفضل الله أولا وبفضل تضحية الشعب الجزائري ثانيا.