تزايدت شكاوى الناجحين الجُدد في شهادة البكالوريا قبل يوم واحد من انتهاء آجال التسجيلات النهائية للالتحاق بالمؤسسات الجامعية، حيث أصبح مصير عشرات الآلاف منهم رهن قرار برمجية الحاسوب الذي سيتولى، على غير العادة، اختيار التخصّص الذي يتناسب والنتائج التي حقّقها هؤلاء إضافة إلى ترتيبهم. وبعملية حسابية فإن ما لا يقل عن 92 ألف من هؤلاء الناجحين سيجدون أنفسهم أمام وضع صعب خلال أيام. لم تترُك التدابير الجديدة التي وضعتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أية فُرصة أمام الناجحين في شهادة البكالوريا، دورة جوان 2010، من أجل الاعتراض على التوجيهات التي حصلوا عليها بناء على التسجيل عبر الخط، فقد أصبحت البرمجيات التي طوّرتها المدرسة الوطنية للإعلام الآلي بالسمار تتكفّل بالعملية من بدايتها حتى نهايتها، حتى إنها تقوم بما يُشبه »الغربلة« عندما يتعلّق بالفرص التي يمتلكها حاملو البكالوريا مُقابل المُعدّل المُحصّل عليه. والأكثر من ذلك فقد تم التشديد من إجراءات تقديم الطعون، لأن المنشور الوزاري رقم 02 المؤرخ يوم 31 ماي 2010 والمُتعلق بالتسجيل الأوّلي وتوجيه حملة البكالوريا لهذه السنة، أشار بوضوح إلى أنه »يُمكن لحامل شهادة البكالوريا تقديم طعن في حالة واحدة، هي عدم تلبية أي رغبة من الرغبات العشر المُعبّر عنها في بطاقة الرغبات«، بما يعني بنسبة كبيرة اعتماد التوجيه الأوّل الذي زكاه الحاسوب. وبعد انقضاء ثلاثة أيام من أصل الخمسة التي خصّصتها وزارة التعليم العالي للناجحين قصد تأكيد اختياراتهم بشكل نهائي، لا يزال التردّد السمة الغالبة لدى الكثير من هؤلاء خاصة الحاصلين على البكالوريا بتقدير، أي ما دون مُعدّل 12 من 20، باعتبارهم الأكثر عُرضة ل »مقصنة الحاسوب«. وعليه فإن طريقة التسجيل عبر الخط وضعت حاجزا أمامهم حال دون الوصول التخصّصات المرغوب فيها لأن معدّلاتهم لا تسمح بذلك، وحتى وإن كان في هذه العملية الكثير من الإيجابيات فإن ما لم يهضمه الوافدون الجدد للجامعات هو تحديد مصيرهم بتخصّصات ليست لها صلة بمجال تكوينهم. وباستثناء الحاصلين على البكالوريا بتقدير »امتياز« الذين يستفيدون من إجراءات خاصة بالتسجيل من خلال الاكتفاء بملء استمارة من ثلاث رغبات فقط بدل عشرة، على أن تُلبى الرغبات التي اختاروها دون مُشكل، فإن الأمر يختلف بالنسبة للبقية، ولو أن أصحاب تقدير »جيد جدا«، البالغ عددهم 5 آلاف و172 ناجح، لهم فرص وفيرة مثل فئة »امتياز« لافتكاك التوجيه المناسب، وهو ما ينطبق على حاملي البكالوريا بتقدير »جيد« الذين وصل عددهم إلى 23 ألف و636 تلميذ، وهذه الفئات الثلاثة ستظفر دون متاعب بالتخصصات الأكثر طلبا من قبيل الطب والصيدلة وكذا الالتحاق بالمدارس التحضيرية والمدارس العليا والأقسام النموذجية في مختلف التخصّصات. وفي المُقابل فإنه قياسا بالعدد الكبير للناجحين في البكالوريا لهذه السنة، تراجعت فرص 63 ألف و575 ناجح من الحاصلين على تقدير »قريب من الجيد«، أي بمُعدّل يقل عن 13 من 20، لأن الحصول على توجيه يتماشى ورغباتهم مُتوقف في النهاية على الترتيب ومدى التوافد على تخصّصات دون أخرى خاصة من طرف الناجحين بتقديرات أفضل منهم، وبالتالي فقد بات لزاما عليهم الانتظار بعد ملء استمارة الرغبات. لكن على ما يبدو فإن 92 ألف و432 ناجح في البكالوريا سيكونون الأكثر »تضرّرا« من قرارات الحاسوب، فهم سيجدون أنفسهم أمام اختيارات يصعب هضمها، بالرغم من أن معدّلاتهم لا تؤهلّهم للحصول على التخصّصات التي يكثر عليها الطلب، ويفوق هذا الرقم 43 بالمائة من إجمالي الناجحين هذا الموسم، فإدراج أيّ تخصّص من التخصّصات المتاحة ضمن بطاقة الرغبات يعني بالنسبة لهؤلاء المُغامرة، لأن الحاسوب والبرمجية لن ترحم أيّا منهم ما دامت الشعب غير المرغوب فيها من طرف غالبية المُترشحين قد أدرجت وأصبحت تُفرض عليهم فرضا، وعليه فإنه لا خيار لهم سوى تأكيد التسجيلات النهائية وانتظار مصيرهم بعد أيام.