يعطي اليوم وزير التربية الوطنية إشارة انطلاق السنة الدراسية 2010-2011 التي استنفرت لها الوزارة، في أعقاب التهديد الصريح الذي أطلقه وزير القطاع، من أجل قطع الطريق أمام أية مُحاولة للتشويش على الدخول المدرسي، وهو ما زاد من حدة غليان القطاع، ودفع نقابات التربية إلى تصعيد لهجتها والتلويح بورقة العودة للإضراب، في ظل تأخر صرف التعويضات، وتمسك المساعدين التربويين بلائحة مطالبهم. يلتحق، اليوم، أزيد من 8 ملايين و176 ألف تلميذ بمقاعد الدراسة، بتسجيل زيادة ملحوظة في عدد المتمدرسين لكل الأطوار، وهي زيادة يتبعها أيضا ارتفاع في عدد الأساتذة والمعلمين خاصة لفئة الطور الابتدائي بتعداد يزيد عن 160 ألف معلم. ويأتي الدخول المدرسي لهذا الموسم وسط إجراءات جديدة اتخذتها وزارة التربية لتوفير شروط تحقيق انطلاقة قوية للموسم الدراسي الجديد، غير أن التصريحات النارية التي أطلقها بن بوزيد في محاولته لقطع الطريق أمام أية مسعى للتشويش على الدخول المدرسي، فتحت الباب أمام حراك غير طبيعي يعيشه القطاع هذه الأيام، أشبه ما يكون بالهدوء الذي يسبق العاصفة. فالتعليمات الصارمة التي وجهها بن بوزيد في ثالث اجتماع له بمدراء التربية وتهديده لأساتذة القطاع والمساعدين التربويين، بالطرد النهائي بعد الغياب الثالث، وعدم التسامح مع الأساتذة المُضربين، حيث قال بأنه لم يعد للأساتذة والمساعدين التربويين أي مبرر للتقاعس عن عملهم، خاصة بعد استفادتهم من تحسين وضعيتهم، ما زاد من حدة الغليان داخل القطاع، فجاء الردّ سريعا من طرف النقابات التي رأت في هذا الموقف بمثابة تعسّف واضح وسدّ لكل منافذ الحوار، وتهديد مبطن أمام أي نشاط نقابي حر حاولت ترسيخه النقابات المستقلة. ويتزامن الدخول المدرسي لهذا الموسم مع انتظار الأسرة التربوية لصرف المنح والعلاوات المتأخرة، بعدما وعد الوزير في وقت سابق بصرفها في سبتمبر، في محاولة من الوزارة لتهدئة الأوضاع في قطاع التربية، ما ساهم في تعكير أجواء دخول مدرسي هادئ جندت الوزارة كل الإمكانيات لضمان نجاحه، الأمر الذي دفعها إلى توجيه دعوة إلى التنسيقية الوطنية للمساعدين التربويين لاستئناف الحوار وتعليق الإضراب الذي كان تستعد لشنه يومي 13 و14 سبتمبر، حيث أبدت الوزارة استعدادها للنظر في مطالب المساعدين التربويين، وتحديد لقاء بين الطرفين في الحادي والعشرين من الشهر الجاري لاستعراض انشغالات هذه الفئة من أسلاك التربية والخروج بنتائج ملموسة، وسيسهم تجميد المساعدين التربويين لإضرابهم في ضمان دخول مدرسي هادئ. غير أن سلسلة التصريحات النارية التي أطلقتها النقابات المستقلة ردا على تهديدات الوزير جعلت الوزارة تعيش هذه الأيام حالة استنفار، بعدما أصدرت نقابة »الكناباست« تصريحا صحفيا دعت الوصاية من خلاله إلى فتح حوار جاد وصريح مع ممثلي الأساتذة لتجنب سيناريو السنة الماضية، وطالبت بإحداث منحة أو منحتين إضافتين لتجنب الإجحاف الذي صدر في حق موظفي القطاع من خلال نظام المنح والعلاوات الذي جانبت فيه الحكومة ما كان قد اتفق عليه مع الشركاء الاجتماعيين، كما أكدت على ضرورة فتح ملف الخدمات الاجتماعية وتسوية الملف نهائيا، كشرط أساسي مقابل طي ملف الإضرابات. وعلى نفس الوتيرة سارت نقابة اتحاد التربية والتكوين الحليف النقابي لنقابة »الكنابست«، وهو ما يدفع الوزارة إلى الإبقاء على باب الحوار مفتوحا لقطع الطريق أمام أي محاولة لتكرار سيناريو الموسم الدراسي الماضي.