وثائق ويكيليكس فضحت أشقاءنا المغاربة، فحديثهم عن الجزائر فيه تحريض خطير ويعكس حقدا لا يمكن تبريره أو تفسيره، بل إن ما قاله بعض المسؤولين المغاربة للدبلوماسيين والمسؤولين الأمريكان الذين يزورون المغرب يدخل في خانة التآمر المباشر ويسقط الخطاب الرسمي المنافق الذي يستعمله المسؤولون المغاربة عند حديثهم عن الجزائر. من المخزي حقا أن يسعى مسؤول مغربي إلى إقناع أمريكا بوجود برنامج نووي عسكري جزائري، ومن المخزي أيضا أن يقول مسؤول مغربي آخر لأسياده الأمريكان إن تصاعد نشاط التنظيم المسمى »قاعدة المغرب الإسلامي« سببه الفشل المتواصل للحكومة الجزائرية، أما الخزي الأكبر فهو أن يرد الأمريكي على المسؤول الأفاك بالقول إن سبب تحالف الجماعة السلفية للدعوة والقتال مع القاعدة هو نجاح الحكومة الجزائرية في تحييد هذه الجماعة، ولنا أن نتصور مسؤولا مغربيا ينحدر مستواه إلى حد الامتعاض من ذكر دبلوماسي أمريكي للجزائر بوصفها نموذجا للنجاح في مكافحة الإرهاب في شمال إفريقيا فيرد بكل حقد إن المغرب أكثر استقرارا وأمنا وأنه لا يستطيع أن يسافر من الجزائر إلى وهران وهو آمن. قد نفهم السعي المحموم إلى إرضاء أمريكا بما يجوز وما لا يجوز من تواطؤ على إيران، وفتح المجال الجوي أمام الطائرات الأمريكية، لكن لن نفهم أبدا أن يلعب الجار الشقيق دور المتآمر المحرض الذي يدعو أمريكا ضمنا إلى محاصرة الجزائر وتدميرها من خلال نشر معلومات كاذبة عن برنامج نووي جزائري عسكري مزعوم، فهذا السلوك يعتبر عدوانا صريحا، وهو يعكس إلى أي مدى يمكن أن يصل عداء النظام الملكي للجزائر، والأدهى والأمر هو أن هؤلاء لا يقيمون وزنا للعلاقات الإنسانية العميقة بين الشعبين الشقيقين، وهم لا يراعون حتى مصلحة المغرب الذي سيتضرر من كل سوء قد يمس الجزائر. لا يكفي الخلاف حول قضية الصحراء الغربية لتبرير هذا التآمر والتحريض، ولا يكفي رفع شعار الأخوة لكسب الثقة، فهاهي الأفعال مرة أخرى تحذرنا من أن نلدغ من جحر مرتين.