شدد الحبيب بن يحي الأمين العام لإتحاد المغرب العربي على أهمية الصرح المشيد في الميدان رغم المتاعب والتحديات. وقال بن يحي في ندوة صحفية عقب محادثاته مع السعيد مقدم الأمين العام للمجلس الشورى المغاربي، أن هذا الصرح يكسب قيمة إستراتيجية لا تقدر بثمن من المستحيل بمكان التخلي عنه أو الانتقاص من جدواه في زمن التكتلات الكبرى وعولمة زاحفة تكسر الحدود وتخترق الحواجز وتقرب المسافات. وذكر بن يحي الذي يزور الجزائر رفقة بعثة الاتحاد المغاربي لأرباب الأعمال، أن هذا الصرح لا يمكنه البقاء على الهامش ولا يواكب صيرورة التطور ومنطق التكتلات، وهو يرى المناطق الأخرى القريبة والبعيدة تضرب المثل في التلاحم والتوحد منها الاتحاد الأوروبي الذي تقوم وحداته بمساع جبارة لمواجهة تداعيات الأزمة المالية الدولية، وتقوم بأكبر الجهود لطرح البدائل الممكنة للتخفيف من حدة الأزمة ذات الانعكاسات الثلاثة المتلاصقة الغذائية الاجتماعية والسياسية. وابرز الأمين العام للاتحاد المغاربي أهمية زيارته للجزائر التي تدخل في إطار تحريك العمل المشترك والمشاريع التي تجعل من الدول المغاربية تخاطب الآخر بلغة واحدة وتجتهد في تسوية تعقيداتها وهمومها اعتمادا على المدخرات الذاتية دون اتكالية على الغير. وجاء اجتماع الجزائر في إطار للجنة الوزارية المختصة في مجال الطاقة وبعثت أربع لجان حول الطاقة الجديدة المتجددة التي بدأت تشتغل في سبيل انجاز مشاريع حيوية محل الانشغال والاهتمام. وأعطى بن يحي نظرة تفاؤل عن الاتحاد المغاربي الذي يوصف في الغالب بالجمود وعدم الانطلاقة بالوتيرة المعهودة الحاسمة، وقال بنبرة أمل مخاطبا الصحافة بلغة الفصل، انه لا بد من الخروج من الانطباع السائد أن الصرح في سبات عميق، والرهان يبقى كبيرا على الإعلام المغاربي في تخطي الحاجز النفسي، ومقاومة الإحباط وإبعادا صور الرعب والتشكيك المرتسمة في مخيلة المواطن والساكنة روحه على الدوام. وحسب بن يحي وهو وزير خارجية تونس سابقا لسنوات طويلة،فان المؤسسات المغاربية تنشط على أكثر من صعيد وهي تشتغل في إطار المجلس الشورى والأمانة العامة والهياكل الأخرى وعقدت اجتماعات وزارية مختصة للتباحث في ملفات وقضايا مصيرية ويجري التحضيرات لعقد محافظي البنوك، اجتماع في أواسط نوفمبر بطرابلس للنظر في كيفية علاج الأزمة المالية الراهنة ويتبعه اجتماع لوزراء الخارجية قبل نهاية العام. وعن إمكانية عقد القمة المغاربية في اقرب فرصة، أجاب بن يحي أن المسؤولية في دولة الرئاسة التي بالتشاور مع قادة الدول المغاربة حول هذه المسألة وان الأمل يبقى في توصل المشاورات لعقد القمة في اقرب اجل. وعن مدى تأثير الوضع السياسي بموريتانيا على الاجتماعات الوزارية المغاربية وأعمال اللجان المشتركة، قال الامين العام للاتحاد المغاربي أن موريتانيا عضو مؤسس للصرح وليس هناك مانع أو حظر لمشاركتها في كل ما ينجز للمشروع المغاربي. واصل انه زار موريتانيا بتكليف من رئاسة الاتحاد لتقصي الحقائق وهو يأمل في إعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي بالبلد، والاندماج في مسعى إقامة صرح المؤسسات ودولة القانون.وهو مسعى تتولاه البلدان المغاربية اعتقادا راسخا منها بأنه لب الديمقراطية وجوهرها الأبدي. وعن فحوى العمل المغاربي المشترك، ذكر بن يحي بالكثير من المواضيع التي تحظى بالأولوية منها ما يتولاه وزراء الداخلية من جهود في سبيل مواجهة الإرهاب والهجرة غير المشروعة والكوارث الطبيعية دون نسيان البطاقة المغاربية المدرجة في قائمة المستعجلات. وعلى هذا المنوال يجري التنسيق الكبير لضبط إستراتيجية موحدة لعلاج أزمة المواد الغذائية والفلاحية للتقليل من خطر الاستيراد الذي يثقل كاهل الخزينة ويفرض أملاءات وتهديدات على السيادة المغاربية. وشدد على هذا الطرح الاجتماع المغاربي بجويلية الماضي، بمشاركة الفلاحين وتطرقه إلى إشكالية استيراد الحبوب والبذور وكيفية الخروج منها في اقرب اجل عبر تدابير تعالج المشكل من جذوره دون التوقف عند تدابير التهدئة والمسكنات. ويريد الاتحاد المغاربي حسب بن يحي تشييد صرحه خطوة بعيدا عن التسرع والعجالة متخذا من الاتحاد الأوروبي القدوة والنموذج وبهذه الفلسفة تعمل اللجان الصناعية والسياحية وغيرها مقتحمة رجال الأعمال في هذا البناء الذي فتح النقاش الواسع من اجل إقامة اتفاقية التبادل الحر في أفق العام القادم، وشدد على الشركات المغاربية لإقامة تجمعات مختلطة لانتزاع صفقات استثمارية في المنطقة وخارجها ومواجهة منافسة شرسة من كبريات الوحدات الاقتصادية ذات العيار الثقيل. وهي تجمعات شدد عليها السعيد مقدم الأمين العام للمجلس الشورى المغاربي في ذات الندوة، وقال أن الاتحاد الأوروبي أعطى المثال الحي في التكامل انطلاقا من مجموعة الحديد والصلب والمغرب العربي الكبير الذي انبثق عن المعاهدة التأسيسة لزرالدة ومراكش لا يبنى بمعزل عن رجال الأعمال والاقتصاديين الذين يعتبرون الوجه الآخر للصرح الذي لا يبقى ينظر إليه كحلم عابر بل حقيقة قائمة دائمة.