دعا الأمين العام لمؤسسة زرع الكلى والقصور الكلوي، معاشي عبد الكريم، في حديث ل »صوت الأحرار«، السلطات المعنية في البلاد إلى تحديث قانون التبرع بالأعضاء الصادر سنة 1985 والذي لم يعد يستجيب لمتطلبات الوقت الراهن، خاصة وأن الجزائر تحصي أكثر من 13 ألف مصاب بالقصور الكلوي المزمن في المرحلة الأخيرة، وهي حالات تحتاج إما لتصفية الدم أو زرع الكلى، ناهيك عن تسجيل حوالي 4000 حالة جديدة سنويا من القصور الكلوي المزمن، كما يبقى في رأي المتحدث العمل الوقائي أفضل وسيلة لتجنب الوصول إلى هذه المراحل التي ليست قدرا محتوما على الجزائريين. *ما هو الهدف من تنظيم المؤتمر الثامن عشر حول القصور الكلوي وطرق معالجته؟ القصور الكلوي المزمن في المرحلة الأخيرة بالجزائر يعني بكل بساطة عجز الكليتين عن تصفية الدم، مما يتطلب اللجوء إلى عملية التصفية الاصطناعية أو زرع الكلى، وقد جاء هذا المؤتمر في طبعته الثامنة عشر للتأكيد على مدى أهمية الموضوع، والإشارة إلى دور العمل الوقائي الذي بإمكانه أن يساهم في تخفيض عدد الإصابات، وبالتالي فإن الهدف من هذا الملتقى هو إعلام أكبر قدر ممكن من الناس المعنيين بخطورة هذا المرض وسبل الوقاية منه. وما يجب أن نعلمه هو أن أسباب المرض عديدة، حيث نجد داء السكري وارتفاع الضغط الدموي والتهاب الجهاز البولي، إضافة إلى أسباب أخرى ترتبط أساسا بعدم توفر تشخيص مبكر للداء، والنتيجة أن الجزائر تسجل سنويا من 4000 إلى 4500 حالة من القصور الكلوي، فيما تشير الإحصائيات العامة إلى تسجيل ما بين 13 ألف إلى 13500 حالة قصور كلوي مزمن، وعليه فإننا مطالبون بالعمل على التخفيض من هذا العدد لأن المرض ليس قدرا محتوما. *ما هي الإمكانيات المتوفرة للتكفل بالمرضى المثابين بالقصور الكلوي؟ الإمكانيات متوفرة في كل القطر الجزائري، ولا يفوتني أن أذكر في هذه النقطة بالذات ما صرح به وزير الصحة، عندما كشف عن اقتناء 500 آلة جديدة لتصفية الدم، حيث سيتم التركيز على الهضاب العليا والجنوب، أين يضطر الناس إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى مراكز تصفية الدم. أما فيما يخص المراكز المتوفرة حاليا، فنجد 265 مركزا، منها 110 مركز تابع للقطاع الخاص، كما أن تعويض المريض سواء كان في القطاع الخاص أو العام يكون بنسبة 100 بالمائة، علما أن تكلفة الحصة الواحدة تتراوح ما بين 5 آلاف إلى 6 آلاف دينار، في وقت يحتاج فيه المريض ثلاث حصص أسبوعيا. *ما هي المجهودات المبذولة من طرف مؤسسة زرع الكلى ومرضى القصور الكلوي للتكفل بهذه الشريحة من المرضى؟ إن مؤسستنا تسعى إلى إعداد توصيات لاسيما من خلال مثل هذه المؤتمرات الوطنية، حيث سنعمل على تطبيقها على أرض الواقع، بما يسمح بتقليص 50 بالمائة من حالات القصور الكلوي المزمن. نحن نواجه نقص كبير في الوقاية على عكس ما كان عليه الأمر في السبعينات والثمانينات، بالرغم من أن ذلك ممكن في الطب المدرسي وطب العمل وحتى الطب العسكري. إن حوالي 90 بالمائة من أسباب القصور الكلوي المزمن هي أمراض صامتة، وبما أن ثقافة المريض لا تسمح باللجوء إلى الفحص الإرادي فإن أغلب المصابين يتقدّمون إلى المراكز الصحية في المرحلة الأخيرة من المرض. *وماذا عن تجربة عملية تصفية الدم في المنزل؟ هناك بعض الدول الأوربية، على غرار فرنسا، كانت تستعمل هذه الطريقة ولكنهم تراجعوا عنها لأنها أثبتت فشلها بالنظر إلى سلبيتها التي تتلخص في تحويل المنزل إلى مستشفى، الأمر الذي قد يضر بنفسية المريض، بالإضافة إلى صعوبة نقل الآلات وغيرها من التعقيدات، وبالتالي فإنّه من غير المعقول أن نكرر أخطائهم وعلينا أن نتجاوزها فالتكفل بالمريض في المركز الصحي له عدة فوائد وبأقل تكلفة. *وماذا عن عمليات التحسيس في الوسط المدرسي والمهني؟ يجب إجراء فحصوات على الأقل مرة كل سنة في الوسط المدرسي، الذي يضم حوالي 7 ملايين تلميذ، كما يجب الاهتمام بالوسط المهني الذي يحتوي بدوره على قرابة 7 ملايين موظف، ناهيك عن المراقبة الصحية التي يمكنها فرضها في الوسط العسكري، كلها أوساط تساعد على تأطير المرضى واكتشاف أي بواد القصور الكلوي في مراحله الأولى بما يسمح بمعالجته والتكفل به دون الوصول إلى مرحلة القصور المزمن النهائي. *كيف يجري التكفل بمرضى القصور الكلوي الذين يعانون من داء السكري؟ ما يجب أن نشير إليه في بداية الأمر، هو أن 30 بالمائة من حالات القصور الكلوي المزمن سببها إصابة بداء السكري، الذي عرف تطورا كبيرا في الجزائر خاصة بالنسبة للنوع الثاني من هذا المرض، وعليه يجب إجراء فحصوات وتحاليل سنوية للتأكد من سلامة الشخص الذي يعاني من السكري. أما في حالة الإصابة بالقصور الكلوي المزمن، فإن المريض يخضع إلى عملية تصفية الدم كغيره من المرضى، لكن المصابين بالسكري من النوع الثاني لا يمكنهم الاستفادة من زرع الكلى، فيما تبقى العملية ممكنة للنوع الأول شريطة أن تكون مرفقة بزرع للبنكرياس. *هناك بعض الصعوبات التي تواجه الطبيب المعالج أثناء عملية تصفية الدم؟ يمكن الحفاظ على حياة مريض يعاني من القصور الكلوي المزمن إلى أكثر من 30 سنة شريطة الاعتناء برصيده من العروق التي تساعد على حقنه، وهنا يطرح الإشكال، ففي الحالات الاستعجالية لا تكون لدينا خيرات كثيرة لتحديد مكان الحقن وبالتالي، قد نذهب نحو خيارات نوعا ما صعبة، أما في الأمر العادي وفي حال الكشف المبكر عن مشكل القصور فإننا نحدد موعدا ونقوم بعملية جراحية تسمح بتحديد ناسور، أي قناة لإجراء الحقن، وعلى الحقن أن يكون في البداية على مستوى الساعدين وفي مرحلة أخيرة تجرى الثقوب على مستوى الذراعين، وغالبا ما تنتهي هذه المرحلة إما بزرع الكلية أو وفاة المريض. ويبقى أن عدد الأطباء المختصين في مجال علاج أمراض الكلى دون المستوى المطلوب، حيث نحصي ما بين 300 إلى 350 طبيب مختص لعلاج أكثر من 35 مليون جزائري وهو أمر غير طبيعي بالنظر إلى العدد المتزايد للمرضى. *وماذا عن عملية نقل الأعضاء؟ هي أحسن وسيلة لعلاج المريض وإنقاذ حياته لأنها تعالج مشكل القصور الكلوي المزمن بنسبة 100 بالمائة، كما أن اقتصادية من حيث تكلفة العلاج التي تقل بأربع مرات عن تكلفة تصفية الدم، وبالمقابل فإن كل ما هو موجود اليوم هم المتبرعون الأحياء وهي شريحة لا تستجيب للطلب، فمن غير الممكن معالجة 4500 حالة جديدة سنويا من القصور بإجراء 100 عملية جراحية سنويا. هناك قانون 1985 الذي لم يتم تحديثه إلى حد الساعة، وهو يحصر عملية التبرع بالكلى في الأولياء أو الأبناء بعد سن 18 سنة، على عكس دول أخرى وسّعت القائمة لأكبر عدد ممكن من العائلة. هذا القانون لم يتطور ويجب التفكير بجدية في تحديثه. وفي الحالة الثانية هناك الاستفادة من الأشخاص الذين يدخلون في مرحلة الموت الإكلينيكي وهذا غير موجود في الجزائر، ويبقى أن الاستفادة من الجثث ممكنة ولكنها جد قليلة، حيث يجب تحسيس الناس ومراجعة القوانين الموجودة. إن الاستفادة من أعضاء الميت ممكنة بالجزائر مادام الشخص لم يقر خلال حياته بعدم قبوله للتبرع بأعضائها صراحة ولا يبقى بعد وافته إلا الحصول على موافقة العائلة، العملية جارية ومعمول بها خاصة على مستوى البلدية كولاية نموذجية ونتمنى أن يتم تعميم هذه المبادرة على مستوى باقي ولايات الوطن.