أي فائدة ترجى من زيارة حسني مبارك ومعمر القذافي إلى السودان اليوم؟ فقد جاء هذا التحرك بعد فوات الأوان، ولم يعد من الممكن التكهن بما سيجري بعد الاستفتاء الذي سيجري قريبا والذي تقول التوقعات بشأنه إنه سيفضي إلى انفصال الجنوب لا محالة. من المؤكد أن السودان كان بحاجة إلى الأشقاء في السنوات الأخيرة لكن لا أحد تحرك بالفعالية التي تقتضيها خطورة الوضع، بل إن الرئيس المصري لم يكلف نفسه عناء التنقل إلى البلد المجاور رغم أن أمن مصر القومي واستقرارها، وأرواح وأرزاق الملايين من مواطنيها مرتبطة بشكل مباشر بالسودان، بل إن حصتها من النيل تمر بالكامل عبر الأراضي السودانية، وعلينا أن نتصور وضع مصر في حال قيام حكومة جنوبية معادية، هناك أكثر من مؤشر على أن هذا ما سيحدث. من السذاجة الاعتقاد أن الجلوس إلى رئيس حكومة الجنوب سيلفاكير ميارديت سيؤدي إلى التوصل إلى تفاهم مع الدولة التي ستولد بعد الاستفتاء، ففي جنوب السودان قد يكون من الصعب إيجاد متحدث ذي مصداقية يمثل الجميع، وتجربة السنوات الماضية أثبتت هذه الحقيقة، والانشقاقات في الحركة الشعبية قد تتحول بعد الانفصال إلى شكل خطير من التناحر الداخلي خاصة في ظل سعي قوى إقليمية ودولية إلى بسط نفوذها على الكيان الوليد الذي سيكون ضعيفا بكل تأكيد. التحرك بعد فوات الأوان أصبح عادة عربية بامتياز، فخلال السنوات الماضية كان من واجب العرب أن يدعموا وحدة السودان بتقديم الدعم السياسي والمادي أيضا، فالوحدة مصالح أيضا فضلا عن كونها انتماء عاطفيا للوطن، لكن العرب تعاملوا باستخفاف كبير يعكس جهلا كبيرا بأبعاد القضية وتداعياتها، وهم اليوم يحولون الأمر إلى مجرد استعراض إعلامي لن يغير في الأمر شيئا، وسيدفع الجميع ثمن الجهل والاستهتار إن عاجلا أو آجلا.