استعرض سفير جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بالجزائر، تشوي هيوك تشول، في حوار خص به "صوت الأحرار"، العلاقات الثنائية بين البلدين في جميع المجالات، التي وصفها بأنها في أعلى مستوياتها، وأبدى السفير حسن العلاقات بين حزب جبهة التحرير الوطني وحزب العمل الكوري والتي تعود إلى أيام الثورة التحريرية، قائلا إن وجود حزب جبهة التحرير الوطني في الوسط السياسي الجزائري هو تحقيق طموح شهداء أول نوفمبر وطموحات الأجيال القادمة، كما تطرق السفير إلى الوضع الأمني بشبه الجزيرة الكورية وغيرها من الرهانات الدولية. كيف تقيمون العلاقات السياسية بين الجزائر وكوريا الديمقراطية الشعبية؟ علاقتنا السياسية هي في أعلى مستوياتها، أولا الشعب الكوري يعرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فقد قام بزيارة كوريا أيام كان وزيرا للخارجية في حكم الرئيس الراحل هواري بومدين سنة 1971، كما قام الرئيس الكوري كومسون بزيارة الجزائر وهو أول بلد إفريقي يقوم بزيارته مع موريتانيا، حيث رحب به الشعب الجزائري ترحيبا حارا . حينها قال الرئيس هواري بومدين، هذا الترحيب سيكون الأول والأخير كما قامت جامعة الجزائر بمنح الرئيس الكوري شهادة الدكتوراه الفخرية وهي الأولى من نوعها. نحن نريد تطوير العلاقات بين البلدين في مجالات ثقافية واقتصادية لاسيما وأن الحكومة الجزائرية تريد تنويع الإقتصاد ورقمنته، لكن لم نتمكن من ذلك بسبب الحصار والعقوبات التي فرضت علينا، وتم منعنا من الإستثمار والتبادل العلمي والتكنولوجي إلا في المجال الطبي فقط، نحن عشنا على مدى سبعين سنة من الحصار ولكننا تكنا من تحقيق أحدث التكنولوجيات في العالم بفضل الاعتماد على أنفسنا. كيف ترون العلاقة التي تربط حزب العمل الكوري بحزب جبهة التحرير الوطني؟ كما تعلمون أن العلاقات الحزبية بين البلدين تعود إلى أيام الكفاح المسلح لجبهة التحرير الوطني، في الوقت الذي تم فيه الاعتراف بالحكومة الجزائرية المؤقتة وجبهة التحرير الوطني في 25 سبتمبر 1958، أما العلاقة الثنائية بين الحزب الكوري وحزب جبهة التحرير الوطني فهي علاقة دبلوماسية وعلاقة بين رفاق، فبعد الإستقلال كان هناك تبادل حزبي مكثف بين الحزبين وتبادل الزيارات وفي كل المناسبات لكلا البلدين كان هناك برقيات تهاني ونحن نتمنى لحزب جبهة التحرير تعزيز مكانته في الإنتخابات التشريعية القادمة. نحن نرى أن وجود حزب جبهة التحرير الوطني في الوسط السياسي الجزائري هو تحقيق طموح شهداء أول نوفمبر وطموحات الأجيال القادمة في تحقيق الإزدهار، وصحيح أن السفارة الكورية تم فتحها لسنوات فقط إلا أننا نريد توطيد العلاقة مع حزب جبهة التحرير الوطني وأن نوقع اتفاقيات صداقة وتبادل الزيارات بين الطرفين من أجل تطوير هذه العلاقة بين البلدين. ما هو برنامج تطوير خطة عمل حكومتكم؟ برنامج العمل هذا العام لحكومتنا كما جاء في خطاب القائد الأعلى للبلاد هو إعطاء الأولوية لتدريس العلوم والتكنولوجيا في البلاد والتركيز على صناعة الطاقة والكهرباء والصناعة الكيماوية بالإضافة إلى تطوير هذه المجالات نحاول تطوير صناعة الأسماك، ولانجاز هذه المهام يجب الاعتماد على قوتنا الذاتية، وإذا تم انجاز الواجبات الإقتصادية سنستطيع فتح حلقة رئيسية لانجاز الخطة الخماسية لتطوير العلوم والتكنولوجيا، كما جاء في برنامج الحزب الكوري للعام الماضي وسنعمل على انجازها هذا العام. ما هي الإستراتيجية التي تبنتها بلادكم من أجل تحقيق الوحدة الكورية؟ كما تعلمون، نحن نعاني من مأساة جراء انقسام البلاد إلى جزأين، ونحن هذا العام سنحيي الذكرى 45 لصدور البيان المشترك بين الشمال الكوري والجنوبي حول الوحدة الكورية، في اليوم الرابع من شهر يوليو 1972، وعلينا الإسراع في تحقيق الوحدة الكورية من خلال تحسين العلاقات بين الشمال والجنوب وتخفيف حدة التوتر سياسيا وعسكريا. وكيف يتم ذلك؟ إن تحسين العلاقات بين الشمال والجنوب في كوريا تتم بشرط تحقيق وحدة الشعب الكوري، بحيث أن الدعايات المغرضة لا يمكن تبريرها والتي تشجع المجابهة بين الأمة الواحدة وبالتالي هناك دعوات لتغيير النظام العام وهذا سيؤدي حتما إلى الحرب في شبه الجزيرة الكورية، أما من أجل تحسين العلاقات وتحقيق الوحدة، يجب تحقيق التلاحم والتضامن فيما بين الأمة الواحدة . إن الوحدة الكورية هي قضية مشروعة للشعب الكوري، ويجب أن تتضافر الجهود في سبيل تحقيق هذه الوحدة وتنشيط التبادلات بين الأمة الواحدة، ومن هنا يرى قائدنا الأعلى عقد مؤتمر وطني عام تشترك فيه كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية في الشمال والجنوب وفيما وراء البحار بعيدا كل البعد عن اختلاف الأفكار . وهناك نقطة أخرى تتمثل في إحباط وإجهاض كل المؤامرات التي تحاك من طرف قوى معادية للوحدة الكورية، والشيء المهم هنا هو وضع حد نهائي للتدخل الأمريكي في شؤون الشعب الكوري، حبث أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تريد فرض هيمنتها العسكرية على المحيط الهادي، وزرع التنافر بين الشعب الواحد عن طريق تحريك القوى المناهضة للأمة ولابد من إحباط كل هذه المحاولات، ولذا ينبغي على البلدان المجاورة وبالأخص الصين واليابان وروسيا المساهمة في تحقيق الوحدة الكورية. ما هي المبادئ التي تقوم عليها الدبلوماسية الكورية؟ باختصار شديد، تقوم السياسة العليا للبلاد على أساس السيادة والصداقة والسلام وتطوير العلاقات مع كافة البلدان التي تعاملنا معاملة ا لمثل، والسيادة التي نريدها هي التي يريدها كل العالم، فجميع الشعوب تريد أن تكون حرة من كافة القيود والهيمنة والتدخل في شؤون الغير، فإذا أراد أحد احترام سيادة الدول الأخرى ستكون متساوية وإذا خرج عن هذا المبدأ يصبح تابعا لقوى خارجية، ونحن نرى أن السيادة لا تعطى تلقائيا أو بعد مرور زمن بل عن طريق النضال للدفاع عن هذه السيادة، أما السلام الذي نريده فهو عالم خال من الحروب. وأعتقد أن تطلعات شعبنا نحو السلام أقوى، وذلك لأن الشعب الكوري عانى من حروب في الخمسينات وأكثر من 70 عاما في حالة وقف إطلاق النار وفوق ذلك المناورات التي تقوم بها الولاياتالمتحدةالأمريكية على الجزيرة الكورية، نحن نريد السلام وهو موقف حزبنا مع تطوير أواصر الصداقة مع البلدان التي تحترم سيادتنا مهما كان الماضي. ما يفهم عن طريق العديد من وسائل الإعلام أن كوريا الشمالية تريد الحرب من خلال تطوير أسلحتها النووية، ما تعليقكم؟ نعم، هو شيء خطير لاسيما عندما يستعمل الملف النووي وحقوق الإنسان ضد حكومتنا الشمالية، إن الولاياتالمتحدة ا لأمريكية هي التي صنعت أول قنبلة نووية وهي التي تهدد بالهجمات النووية بلدانا أخرى، ففي سنة 1945 منذ استقلال بلادنا ونحن نجابه الجيش الأمريكي وجها لوجه، ولكن الشيء الملفت للنظر أنه كان لدينا حلفاء، لكن اختفوا مع انتهاء الحرب الباردة وأصبحت المجابهة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية أي بين قوى نووية والسلاح التقليدي وأصبحنا معرضين للتهديدات النووية، كما أن 10 ملايين نسمة من بين 70 مليون نسمة كلهم أسر مشتتة بين الشمال والجنوب هاجروا إلى كوريا الجنوبية بعد أن هددت أمريكا كوريا أيام الحرب الكورية سنة 1950 بالنووي، بالإضافة إلى ذلك كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية توصل طائرات للتجسس وسفن يتم إلقاء القبض عليها، ثم تأتي أمريكا لتحاول إلقاء القنابل النووية، كما تم سنة 1958 بنشر ألف رأس نووي في كوريا الجنوبية . وفي ظل كل هذا، قمنا بالانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، لكن تواجد الولاياتالمتحدةالأمريكية يزداد خطورة، بالرغم من توصلنا في فترة إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون إلى اتفاق مبدئي لحل مشكلة النووي لكن مع مجيء الرئيس جورج بوش أكدوا أن كوريا الشمالية تعتبر محور خطر وشر، وبالتالي قررنا امتلاك قوة نووية لمواجهة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهناك مناورات عسكرية تجرى كل شهر في شبه الجزيرة الكورية، فكلما تقوم أمريكا بهذه المناورات تزداد قوتنا النووية قوة ونوعا. تطرح عديد المنظمات الدولية ملف حقوق الإنسان في كوريا الديمقراطية، ما ردكم؟ نعتبر حقوق الإنسان رمزا مقدسا يقوم على احترام كرامة الإنسان وعزته والمشكلة هنا هو استخدام ملف حقوق الإنسان ضد الحكومات الشرعية، كما تعلمون أن بلادنا يعتبر بلدا اشتراكيا بحيث يكون فيه العلاج والتعليم والسكن مجانيا، وتحترم فيه إرادة الشعب، ولكن بلادنا تتعرض لهجمات تتعلق بحقوق الإنسان لأنها تختلف عنهم في الأنظمة والأفكار وكوريا لا تخضع لأوامر الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومن هنا يستخدم ملف حقوق الإنسان ضدنا في هيئة الأممالمتحدة، وكل سنة تصدر قرارات مزورة ضدنا، والمشكل يكمن في ازدواجية المعايير في حقوق الإنسان، على سبيل المثال فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية تقوم بانتهاك حقوق الإنسان من باب التمييز العنصري بحيث نسجل في كل مرة اعتداءات رجال الشرطة البيض على السود ولا يتم التحدث عنها ولا إدراجها في منبر الأممالمتحدة، التي أصبحت تفقد هيبتها بسبب فقدان الشفافية والعدالة، ومن هنا تلقينا درسا مؤلما مفاده إذ أردنا الدفاع عن العدالة يجب أن تكون لنا القوة والعدالة. ماذا تنتظرون من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟ لا ندري أي سياسة ستتخذها الإدارة الأمريكية الجديدة تجاهنا، لكننا لن نستسلم أمام أمريكا.