رغم أن كل المعطيات كانت تشير إلى أن تعبئة الأرسيدي للشارع ضعيفة، بالنظر إلى ضعف امتداد الحزب في أوساط المجتمع، وكذا عدم تجاوب الأحزاب والجمعيات المحسوبة على القطب الديمقراطي مع دعوة الأرسيدي، إلا أن مصالح الأمن أخذت المسألة بحزم وجد ووضعت مخططا محكما للتعامل مع المسيرة »الوهمية« للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، يقوم على إجهاض أي محاولة يمكن أن تفسر على أنها تجمع أو مسيرة في المكان الذي كان مقررا أن تنطلق منه. منذ الساعات الأولى لصبيحة أمس، وهو الموعد الذي ضربه الأرسيدي لانطلاق مسيرته، سارعت قوات مكافحة الشغب التي انتشرت بكثافة بساحة أول ماي، مدعمة بشاحنات خراطيم المياه وعشرات السيارات المصفحة، إلى تفريق المواطنين المتواجدين بعين المكان وإجبارهم على السير في اتجاهات مختلفة، مما سمح بإخلاء ساحة أول ماي من أي مظاهر الاحتجاج أو التجمع التي يمكن أن تساهم في تشكيل حشد قادر على السير، والظاهر أن المصالح المعنية تعاملت مع دعوة الارسيدي على أنها عمل غير مرخص ويخالف قانون منع المسيرات في العاصمة، وهو ما يفسر التعزيزات الأمنية المكثفة سواء لعناصر مكافحة الشغب أو رجال الشرطة بالزى المدني الذين انتشروا في أحياء العاصمة ومنافذها الرئيسة وساحتها العمومية، في الوقت الذي كانت فيه طائرة الهليكوبتر التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني تحوم في محيط العاصمة طيلة الفترة الصباحية لنهار أمس. من جهة أخرى لجأت مصالح الأمن حسب المعلومات التي جمعتها» صوت الأحرار«، إلى ما يمكن وصفه بالخطة الاستباقية لاستنزاف كل الإمكانيات التي من شأنها السماح بدخول أفراد من خارج العاصمة للالتحاق بالمسيرة، ومن ذلك أيضا فرض رقابة على الأحياء الجامعية والاقامات، كان يفترض أن تكون ملجأ للعناصر الوافدة من ولايات تيزي وزو وبومرداس والبويرة. وقد ساعدت الخطة الاستباقية في امتصاص حركة التجنيد والحد منها رغم ضعفها خاصة وان الهدف من المسيرة المعلن عنها كان دعائي وإعلامي أكثر سياسي.