استكمال الترسانة القانونية المنظمة للقطاع بآليات جديدة    زيتوني يفتتح معرض المنتجات الجزائرية بالدوحة    ضرورة توحيد الجهود النقابية الدولية لدعم القضية الصحراوية    وقفة تضامنية مع الشعب والصحفيين الفلسطينيين"شهداء الكلمة    البويرة: وفاة شخص وإصابة آخر في حادث مرور بالطريق السيار شرق-غرب في بلدية بودربالة    برنامج عمل اللجنة الوطنية للوقاية من مرض السرطان ومكافحته يرمي إلى تقليص عدد الإصابات والوفيات    وزارة الصناعة تتخذ عديد إجراءات    تذكروا "بيغاسوس".. الجوسسة باستعمال التكنولوجيا أمر واقع    تأكيد رغبة الجزائر في تبادل الخبرات في المجالات الاقتصادية    وزير المجاهدين يستقبل "عمي جعفر"    بلعابد يشارك في اجتماع إدارة مركز اليونيسكو للتميز في التعليم    عقوبات ضد المتعاملين المتسبّبين في ندرة الأدوية    لجنة الانضباط تعاقب 3 أندية وتوقف الحارس ليتيم    اجتماع المجموعة الجيوسياسية الإفريقية : إشادة بدور الجزائر في مكافحة الإرهاب    مشروع قانون المالية:فتح أكثر من 69525 منصب مالي في 2025    صحة: إحياء اليوم الوطني للمتبرعين بالدم بالجزائر    مقتبس عن رواية "ابن الفقير" للكاتب مولود فرعون:عرض فيلم "فورولو" في المهرجان الوطني للفيلم الأمازيغي السبت المقبل    صادي يجري محادثات مع شخصيات بأديس أبابا..قرارات هامة في الجمعية العمومية للكاف    وديتان للمنتخب الوطني للسيدات بنيجيريا    تيارت تستكمل كل التحضيرات    بيون يطالب الوفود النّقابية الأجنبية بالضغط على حكومات بلدانها    الرابطة الأولى: اتحاد الجزائر يرتقي إلى الصدارة, أولمبي الشلف يواصل تعثراته    مسؤول في هيرتا برلين يصف مازة ب"جوهرة" النادي    آدم وناس مطلوب في أودينيزي وسمبدوريا الإيطاليين    التحكيم في قفص الاتهام، احتجاجات بالجملة و"الفار" خارج التغطية    التحام العمال الفلسطينيين والصحراويين لوقف الظلم    القرارات الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية هزيمة ذريعة للمغرب    قرار محكمة العدل الأوروبية مكسب جديد للصحراويين و أكبر رد لدعاية الإحتلال المخزني    9 محتالين يجمعون تبرعات باسم مرضى السرطان    القبض على محترفي سرقة الهواتف    260 إصابة بالكيس المائي    ردا على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها تل أبيب بقطاع غزة.. اجتماع عربي يدعو لتنفيذ قرارات عقابية ضد إسرائيل    "المساء" ترصد ما خققه الثقافة والفنون في 4 سنوات    الطبعة 18 من 26 إلى 30 أكتوبر    الجيش الصحراوي يكبد جنود الاحتلال المغربي بقطاع المحبس خسائر في الأرواح والمعدات    أنابيب نقل الغاز الجزائرية ضمان لأمن الطاقة الأوروبي    توسيع طاقة تخزين الأدوية في 3 ولايات    سطيف.. استفادة أزيد من 60 ألف طالب جامعي من التأمين الاجتماعي    أيام حول الانتساب للضمان الاجتماعي في الجامعة    مهرجان الجزائر الدولي للسينما: دعوة لمهنيي الفن السابع للمشاركة في فضاء "سينما ماركت"    توقيع اتفاقيات تفاهم بين جامعات قسنطينة 1و2 و3 و شركة هواوي    "نوبل" تنتصر لتاء التأنيث    سفير جنوب افريقيا: "اللجنة الثنائية ستلتئم نهاية 2024 بالجزائر العاصمة"    وزارة السكن تقاضي المُتسبّبين    الرئيس يأمر بإنجاز فيلم الأمير    انطلاق حلقات تحفيظ القرآن    مُستعدّون للتحرّك من أجل تسقيف الأسعار    أساتذة وطلبة يُثمّنون التدابير الرئاسية    بخوش يرافع لمشروع قانون المالية 2025    نقل 8 مليون مسافر عبر مطارات الجزائر    يوم تكويني حول الأحكام الجديدة    التميّز والجمال عنوان "شظايا من الضفتين"    مختصون: هكذا نجعل للدراسة قيمة في حياة أبنائنا    شبيبة القبائل تمر بفترة عصيبة    الابتلاء من الله تعالى    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سفير فلسطين، لؤي عيسى: الجزائر سند قوي للقضية الفلسطينية وسنطالب بريطانيا بالاعتذار عن وعد بلفور
في حوار ل"صوت الأحرار"
نشر في صوت الأحرار يوم 05 - 11 - 2017

في مناسبة أقل ما يقال عنها إنها استثنائية، مميزة، متميزة وغير عادية، يحيي العالم يوم 2 نوفمبر 2017 الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم، ليبقى تاريخ 2 نوفمبر 2017 الذي دعا الصهاينة لإقامة دولة بأرض فلسطين شاهدا على جريمة ضد الإنسانية وانتهاك صارخ في حق شعب عربي ومسلم أعزل، وعد أرخ لإنشاء الكيان الصهيوني في المنطقة العربية وساهم في زرع جسم غريب سعى طيلة قرون من الزمن لخدمة قضايا الغرب والصهاينة على حساب الوجود العربي والإسلامي، نقف اليوم في حوار مطول لسفير دولة فلسطين بالجزائر، لؤي عيسى، الذي تكلم بكل جرأة وبلا أية قيود عن هذا الواقع المر الذي تتجرعه الأمة العربية، انعكاساته وامتداداته وغير من التفاصيل المثيرة التي تطرق إليها السفير وخاض فيها بإسهاب.
يحيي العالم يوم 2 نوفمبر الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم الذي مهد لميلاد الدولة الصهيونية في المنطقة العربية، كيف يستقبل الفلسطينيون هذه الذكرى الأليمة؟
هذا الموضوع المرتبط بقيام دولة إسرائيل تجسد سنة 1948 ولكنه وليد وعد من لا يملك لمن لا يستحق وأقصد هنا وعد بلفور المشؤوم المؤرخ في 2 نوفمبر من سنة 1917 الذي هو عبارة عن تصريح صدر عن وزير خارجية بريطانية في ذلك الوقت باسم حكومة صاحبة الجلالة التي تعهدت بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وبالتالي فإن هذا الموضوع ليس جديدا على القوى العالمية باعتبار أنها مسألة ظلت تتردد منذ نهاية القرن الثامن عشر إلى غاية القرن العشرين. وكمثال على ذلك، لا يفوتني أن أذكر بضرورة العودة إلى قصة الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت لما كان في حالة غزو للمنطقة، أول ما فعله هو اجتماعه باليهود وحاول إقناعهم ليأتوا إلى فلسطين على أرضية أسطورة الميعاد ليكونوا عونا له في إقامة الإمبراطورية الفرنسية في المنطقة وعندما انهزم على أسوار عكة وفي معركة أبو القير عاد إلى فرنسا وأول ما فعله هناك هو عقد مؤتمر أخر مضاد للقائه الأول ليقنع اليهود بأنهم جزء من نسيج المجتمعات الأوربية التي يعيشون فيها.
وعد بلفور جاء لإقامة جسم غريب في المنطقة يكون ولائه مطلق للغرب ويمنع استقرار وازدهار المنطقة العربية.
إذن فكرة بناء وطن لليهود له امتداد تاريخي تدعم بتحالفات غربية لضرب المنطقة العربية في اعتقادكم؟
بالتأكيد أخي العزيز، يتضح مما سلف أن فكرة إقامة وطن لليهود في فلسطين هي فكرة قديمة تتجدد باستمرار على أرضية نظرة القوى العالمية المسيطرة على لهذه المنطقة وكيفية التعاطي مستغلة تسميات جديدة على غرار الخطر الإسلامي والاستغلال وغيرها من الألقاب والمسميات وصولا إلى الحركة الصهيونية التي استغلت الوضع بحكم أنها وليدة الفكر الاستعماري الأوربي كحركة علمانية وليست دينية استغلت الوضع للتفاعل مع الفكر الأوربي في ذلك الوقت وتحديدا أذكركم في سنة 1907 في مؤتمر كامبل بنرمان، حيث اجتمع رئيس وزراء بريطانيا بسبع دول أوربية دون ألمانيا، قال لهم حينها، إذا أردتم أن تستمروا في رفاهيتكم دون أن تتقاتلوا بينكم يجب إقامة دولة غريبة في المنطقة وتحديدا في فلسطين، فرفاهيتكم وتطوركم مرتبطان بتخلف المنطقة العربية وبالتالي المسألة مرتبطة بكيفية منع استقرار هذه المنطقة والحل الوحيد هو زرع جسم غريب في المنطقة العربية. نذكر في هذا الشأن أيضا بمؤتمر بال بسويسرا 1897 الذي أقر إقامة دولة يهودية في فلسطين بعد ما كان لديهم مشاريع كثيرة مختلفين عليها فالبعض اقترح سيبريا والأخر أمريكا اللاتينية وغيرها من الدول. وبالمقابل نجد أن السلطان العثماني عبد الحميد رفض العرض اليهودي في إنقاذ الدولة العثمانية إذا أعطتهم فلسطين وعليه فإن كل هذه الأحداث كانت باعتقادنا تمهيدا لوعد بلفور.
انتهت الحرب العالمية الأولى وتوالت الأحداث على فلسطين التي خذلها الغرب، الضربة كانت قوية بوعد من لا يملك لمن لا يستحق، لماذا كل هذه المؤامرات؟
بعد الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العثمانية تحالفنا كعرب مع البريطانيين والفرنسيين ضد الأتراك مقابل أن يقيموا لنا دولة عربية وكانت نتيجة المكافأة سايكس بيكو سنة 1916 ومن ثم ولد وعد بلفور، العملية ارتبطت أساسا بتقسيم المنطقة العربية بين بريطانيا وفرنسا وزراعة فيها ألغام قابلة للتفجير في الوقت الذي يرونه مناسبا وها نحن الآن نرى قصة الأكراد وغيرها، إذن وعد بلفور هو وعد تنفيذي لوعد لاحق منذ اجتماع كامبل بنرمان لإقامة جسم غريب في المنطقة يكون ولائه مطلق للغرب ويمنع استقرار وازدهار المنطقة العربية وبالتالي فإن هذا التجاذب والتناغم مزال قائما إلى اليوم ونشهده من خلال عمليات الاستيطان والقتل في الوقت الذي لا يزال فيه العالم يغطي تجاوزات الكيان الصهيوني على الأرض يحرجون في بعض الأحيان فيقدموا بعض الحلول التسكينية، بما يؤكد أن إسرائيل فوق المحاسبة وفوق القرارات الدولية ولم يكتفوا بهذا الحد وفقط، بل زودها بسلاح نووي استوردوه من الغرب بداية من فرنسا ووصولا إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ماذا ترتب عن وعد بلفور المشؤوم الذي دعم اتفاقية سيايكس بيكو؟
تعهدت بريطانيا أن تقيم وطن لليهود في فلسطين في بداية القرن العشرين، حينها لم يكن عدد اليهود المتواجدين على الأرض الفلسطينية يتجاوز 3 بالمائة من سكان فلسطين وهذا العهد البريطاني الذي تم ترتيبه وتنفيذه بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن تم تقنينه في عصبة الأمم، تمت رعايته ومده بكل الإمكانيات وقد جاء الوعد في عام 1917 وبعدها مباشرة جاء الانتداب البريطاني، لذلك نجد أن أول مندوب سامي بريطاني هو هربرت ساموئيل وهو يهودي صهيوني، إن اللوبيات اليهودية لعبت دورا في الضغط وهذا ما يدفعنا إلى الإشارة لإشكالية نطرح من خلالها سؤال جوهري، في نهاية المطاف، هل الموضوع عبارة عن تأثير صهيوني يهودي على هذه القوى أم استغلال غربي للحركة الصهيونية ولليهود، الجدلية قائمة ولا تزال على هذا الحال ولكن نحن كمسلمين وعرب لم يكن لدينا في يوم من الأيام أي عداء لليهودية، عدائنا هو للصهاينة والاحتلال والاستغلال، نحن نرفض ان نكون مستغلين.
وعليه لما عين البريطانيون هربرت ساموئيل في منصب المندوب السامي البريطاني على فلسطين والذي هو الحاكم الفعلي على الأرض، كان دوره أن يرعى مشروع وطن قومي لليهود على أرض فلسطين ولذلك أعطوهم الأراضي ومكنوهم من الهجرة وضغطوا علينا وكان من يحمل منا سكينا يسجن في حين زودوا اليهود بالسلاح وقمعوا عدة ثورات فلسطينية على غرار ثورة البراق..ثورة 1936 التي دامت 6 أشهر وانتهت بطلب من الملوك والرؤساء العرب عندما قالوا نحن على أبواب الحرب العالمية الثانية وعلينا أن نتجاوب مع حكومة صاحبة الجلالة لمواجهة النازية، كان ضغط علينا لوقف تلك الثورة وما تلا ذلك من المشاريع المختلفة للسيطرة على أرض فلسطين وتقسيم فلسطين. بعدها كان هناك حوالي 4 مشاريع تقسيم وصولا إلى قرار التقسيم في الأمم المتحدة الذي أعطاهم أكثر من 50 بالمائة والباقي لنا كفلسطينيين مع اعتماد القدس وبيت لحم منطقة دولية والنتيجة التي توصلنا إليها هي أنه هناك رعاية دولية للمشروع الصهيوني وصولا إلى سيطرة اليهود على 78 بالمائة من الأرض الفلسطينية ومن ثم احتلوا 22 بالمائة المتبقية في حرب 1967.
إعلان الدولة الصهيونية في 1948 قلب موازين التحالفات وكان وليدا لمراوغات يهودية اشتغلت عليها لوبيات يهودية طيلة عقود من الزمن باستغلالها لوعد بلفور، هل كان من الممكن تجنب إعلان هذا الكيان؟
وعد بلفور هو وعد نظري حكومي بريطاني والانتداب البريطاني هو حالة تنفيذية له على الأرض لتمكين هذا المشروع عبر آلياته المختلفة عن طريق السلاح الاستيلاء على الأراضي، التضييق على الفلسطينيين وقمع ثوراتهم وتهجيرهم، هذا الكلام ظل موجود حتى سنة 1947، حينها قررت بريطانيا الانسحاب وبالمقابل كان هناك مليشيات يهودية مزودة بأحدث الأسلحة وخاصة الفيلق اليهودي الذي كان مدربا، في حين لم نكن نملك أي سلاح. هناك من يقول أنه بعد قرار التقسيم العرب تدخلوا بقوة وكانوا أكثر من اليهود ولديهم سلاح...هذه مغالطة لأن حجم الجيش الصهيوني كان أكثر بكثير من حجم الجيش العربي وحجم أسلحتهم أيضا وكانوا منسقين ولديهم جيش نظامي متوفر على كل الإمكانيات، إضافة إلى أنهم لم يكونوا مقسمين مثلنا وما أود أن يفهمه كل مواطن عربي انه لم تسقط أي مدينة ونحن ندافع عنها كفلسطنيين، لكن لما دخلت الجيوش العربية للقتال وصدر قرار التقسيم في بعض الأحيان كان تراجعات إلى حدود التقسيم المقترحة دوليا وبالتالي سقطت هذه المناطق دون حرب وبعيدا عن تفاصيل أخرى، أنا شخصيا من مدينة صفد في شمال فلسطين، هذه المدينة لم تسقط ولما جاء جيش الإنقاذ أخرجونا ليقوموا بهجوم معاكس لمدة 3 أيام، بعدها سقطت المدينة دون قتال والتفاصيل موجودة في السجلات.وعليه لما وصلت إسرائيل إلى قرار التقسيم كان المشروع الصهيوني قد اكتمل، أما نحن كفلسطنيين وعرب فكنا نتلقى في هذه الأثناء تداعيات سيايكس بيكو وما نتج عن هذه الاتفاقية من تقسيم وتشرذم والنتيجة إعلان قيام الكيان الصهيوني.
انعكاسات هذا الوعد لا تزال تسمم الواقع العربي إلى يومنا هذا، بعد مرور 100 سنة كيف تشخصون هذا الواقع المر؟
إن المشروع الدولي الذي ولد تبنى المشروع الصهيوني في المنطقة على أرضية سايكس بيكو ومن ثم وعد بلفور وما يجب أن نعلمه هو أن سايكس بيكو عمره 100 سنة أي أن التقسيم السابق قد انتهى بعمره الافتراضي، إذن لا بد من سايكس بيكو 2 لتقسيم المنطقة من جديد والعملية مرتكزة على نقطتين، بداية من انتقال المشروع من سايكس بيكو الذي قسم المنطقة العربية إلى مشروع تقسيم المقسم نفسه في كل دولة من الدول العربية، كنا نقول المنطقة العربية واليوم يستعمل مصطلح الشرق الأوسط ولتثبيت الكيان الصهيوني في المنطقة نتحدث عن الشرق الأوسط الجديد الذي تكون فيه تحالفات جديدة وأساس هذه التحالفات هو أن إسرائيل ليست عدو وبالتالي تنتقل إسرائيل من عدو إلى حليف وما الذي يجعلها حليفا هي قصة جديدة متمثلة فيما يسمى بالإرهاب المصطنع، ماذا صنع الإرهاب في المنطقة؟ صنع قضيتين، الأولى إسرائيل تقول أنها تتعرض للإرهاب وأصبحت جزء من التحالف في هذه المنطقة ضد الإرهاب وهنا ضعف الموقف الفلسطيني فنحن أعداء لها، فهل نحن إرهابيون؟ الموضوع الثاني أن تنتقل من إسرائيل الكبرى القوية عسكريا من الفرات إلى النيل إلى إسرائيل العظمى من الخليج إلى المحيط اقتصاديا.
أما الموضوع الثاني وليكتمل دور إسرائيل، جاءت آلية التقسيم من خلال اختراع الربيع العربي أو الفوضى الخلاقة-بالنسبة لإسرائيل أو الدول الاستعمارية وليس لشعوبنا المتطلعة إلى الديمقراطية- ودخلت المنطقة في حالة صراع..الهدف الرئيسي منه هو تقسيم المنطقة بآلية جديدة أساساها أن لا تكون هناك دول مركزية بل دول اتحادية لا مركزية تكون فيها ولايات لديها حكم ذاتي متقاتلة اثنيا أو قوميا فيما بينها والحكم هي القوى الكبرى التي تحكم بينها وتتحكم فيها وتصبح إسرائيل هي القوة الإقليمية الأساسية في المنطقة متحكمة في الاقتصاد والأمن ضمن وجودها المريح وهذا ما يفسر أنه لا يوجد من يحارب إسرائيل نتيجة التفتت الموجد بيننا.
وعد بلفور أسس لدولة صهيونية والجزائر تبنت إقامة الدولة الفلسطينية...كيف تقيمون موقف الجزائر اتجاه القضية؟
الجزائر ارتبطت تاريخيا بفلسطين عبر كل المحطات وهنا أود العودة إلى حروب الإفرنجة والدور الذي لعبته الجزائر في تطهير بيت المقدس من الصليبيين أو من أسميهم تحت شعار الصليب أشخاص هربوا من الفقر والاحتقان في القرون الوسطى بتحريض من ملوكهم وبالتالي الجزائر جندت جيوشا كثيرة ودخلت في المعركة وعليه حالة التمايز والتمازج كانت موجودة منذ ذلك الوقت وهناك من الجزائريين الذين بقوا في فلسطين ولذلك لديكم الكثير من الأوقاف كجزائريين في فلسطين.
بعد ذلك حصلت هجرات جزائرية نتيجة الصراع مع الاستعمار الفرنسي إلى فلسطين، هذه إطلالة فقط
فأثناء حقبة الاستعمار الفرنسي ورغم معاناة الشعب الجزائري، كان كثير من المجاهدين قبل الثورة الجزائرية قد قاتلوا في فلسطين ضد الصهاينة وأيضا حجم ما طرح من تحليلات وفتاوى حول فلسطين بالرغم من المعاناة التي كان الجزائريون يتعرضون إليها من قبل الاستعمار الاستيطاني الفرنسي.
الرئيس عبد العزيز بوتفليقة هو من اخرج سيناريو دخول أبو عمار إلى منظمة الأمم المتحدة في تلك الفترة.
هل تعلمون أنه كان من المفروض أن تنطلق الثورة الفلسطينية قبل سنة 1965 ولكنها أجلت بأمر من أبو عمار وأبو جهاد وتحولت آلياتنا إلى لجان مساندة إلى الثورة الجزائرية باعتبار أن المنطقة لا تتحمل ثورتين مركزيتين وهذا إلى غاية انتصار الثورة الجزائرية... الثورة الفلسطينية أخذت من الثورة الجزائرية كل خلاصة فهمها وفكرها وتجربتها وكذلك جزء من الأدبيات التي نعمل بها وصارت جزء من فكرنا إلى يومنا هذا، لذلك عند انطلاق الثورة في 1965 مباشرة أول مكتب فتح لنا في 1963 كان بالجزائر وكذلك أول مكتب لحركة تحرر فلسطين فتح.
لقد تم دعمنا بالسلاح الجزائري وطرحت الفكرة الجزائرية، نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة..ضعوا آلياتكم ونحن ننفذها لأنكم في الميدان ...كانت الجزائر تضع ثقلها من أجل تنفيذ مشروع الفلسطينيين حسب ما يرونه مناسبا وعليه الجزائر تتدخل إما للدعم أو تقديم اقتراحات أو للم الشمل ولا يجب أن ننسى أن الجزائر أول من نصحنا في إطلالتنا الخارجية في عام 1974، عندما وقف أبو عمار في الأمم المتحدة بطائرة جزائرية انتقل بها وبإخراج جزائري تبناه الرئيس الحالي للجزائر عبد العزيز بوتفليقة، لدخول قاعة الأمم المتحدة، أين ألقى كلمة بحضور بوتفليقة الذي كان ويزرا للخارجية والرئيس الرحال هواري بومدين وقال حينها، عبارته المشهور، أتيتكم حاملا غصن الزيتون بيد وبندقية الثار باليد الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي.
الجزائر وقفت معنا أثناء أحداث أيلول الأسود المشؤومة بالأردن في ذلك الوقت، في لبنان ، أثناء معركة 1982 ومن ثم المؤتمرات المختلفة ومحاولة التوسط للوحدة الفلسطينية ومن ثم في البرنامج الوطني لمواجهة العالم بإعلان الدولة الفلسطينية سنة 1988 ومزالت الجزائر تقول خذوا قراراتكم ونحن ندعمكم ومن أهم اللمسات الجزائرية الحالية علينا دعم الوحدة الوطنية والمشاركة الحثيثة في بناء مؤسسات الدولة.
بعد إعلان الدولة الفلسطينية، جاء اتفاق أسلو الذي لقي من الانتقادات ما لقي، كيف تتصورون ذلك؟
المشكلة أننا نتعاطى مع القضايا بطريقة جزئية، مثال ذلك نجد أن الثورة الجزائرية نقلت قيادتها من مصر إلى تونس عندما شعرت بالتدخل دون أن تتأثر علاقتها مع مصر في عهد عبد الناصر، نحن لسنا منفصلين على المنطقة ونفهم الجميع ولكن ليس على حساب قرارانا وسيادتنا نرفض تدخل الجميع في قرارات فلسطين عندما تم تقسيم فلسطين العالم اعترف بالدلة اليهودية ولم يعترف بفلسطين والنتيجة انه بعد انتهاء الحرب احتلت اإسرائيل 78 بالمائة وما تبقى من فلسطين جزأين واحد أصبح للإدارة المصرية وهو غزة وجزء ضم إلى الأردن لإمارة شرق الأردن وأصبح اسمه المملكة الهاشمية الأردنية إذا أين هي فلسطين؟
الجزائر موقفها واضح وهناك شيء اسمه فلسطين ونحن لا نقلل من شان الآخرين في التعاطي ....هناك فلسطين على الخريطة .....هناك من يقول متى كانت فلسطين وهذا يتفق مع النظرة الصهيونية، معركتنا معركة وجود وليست معركة حدود وبالتالي نتعاطى في طرح خططنا على أرضية الإمكانية والرؤى لتحقيق الطموح الوطني الفلسطيني بعيدا عن القفز في الهواء لتحطيم حلمنا ضمن القيود ..ليس فقط الصهيونية والدولية ولكن بعض القضايا الموجودة في المنطقة العربية المفروض أن نتعاطى معها لنستطيع مواصلة النضال لأنه يحتاج رؤيا وصمود وشعب يمكن من القيام بدوره، لذلك فلسفة القيادة الفلسطينية معركتنا كيف نستمر لفترة طويلة في ظل توازن قوى مفقود وعلينا أن نوفر لهذه القضية مسالة الصمود والوحدة إلى أن نغير موازين القوى.
العالم الغربي لا يؤمن بوجود فلسطين هو يؤمن بإسرائيل لذلك نجد أساطير يهودية العهد الجديد والعهد القديم، شعب الله المختار وارض الميعاد وعليه يجب أن نتعاطى مع كل هذه المعطيات ونحن نقول هناك فلسطين ونحاول إثبات ذلك بالآليات النضالية التي نتبعها لنسجد هذه الدولة مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة هذه القضايا وأسلوب النضال المناسب لكل مرحلةأبو عمار سنة 1968 سألوه ماذا تريد فرد عليهم نريد إقامة دولة ديمقراطية على ارض فلسطين يتعايش فيها المسلم المسيحي واليهودي .
كيف تتحمل المنطقة طبيعة نضالنا نحن نتكلم على المنطقة العربية يجب أن يكيف النضال حسب الواقع ...حاليا هناك تحالف موجود وإسرائيل جزء منه وخصومنا الصهاينة وعليه أصبحنا إرهابيين ...كيف نتعامل مع هذه الحقائق يجب ابتداع أساليب نضالية عدونا إذا قاتلنا دفاع عن النفس ونحن إذا قاتلناه إرهابيين هي حقائق تاريخية ولتغيير ذلك طرحنا عدة مشاريع ومن أهمها الدولة الفلسطينية المستقلة عاصمتها القدس بعد الإعلان عنها في الجزائر ونحن نقاتل من اجلها إلى يومنا هذا.
إلى أي مدى خدم أوسلو هذه الفلسفة التي تبنتها القيادة الفلسطينية؟
لماذا أخرجنا من الأردن ولماذا أغلقت كل الحدود العربية أمامنا ونحن نقاتل عسكريا؟ كيف جاءت أسلو؟ الم تأتي على أرضية إيجاد الفلسطيني لآلية لاستمرار وجوده على الخريطة...نحن نؤمن بالسياسة وفي سنة 1983 وجراء الثورة الفلسطينية قسمونا وتحت هذه القسمة منعونا من العودة العسكرية إلى جنوب لبنان وقتلوا قيادتنا، كما خنقونا ماليا، قواتنا كانت موجودة في الخارج ومع ذلك استمرينا وفي سنة 1987 قبل انطلاق الانتفاضة انعقدت قمة عربية لتناقش قضية فلسطين متى وجدت ولا داعي لذلك، للأسف هكذا طرح الإشكال وجاء الرد على هذا الكلام بعريضة قوية موقعة بالدم من أهلنا في فلسطين يقولون فيها، أن منظمة التحرير هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني والتي يحق لها أن تتكلم عنه، حتى هواري بومدين قال عبارة نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة في إحدى اجتماعات القمة العربية عندما حاولوا أن يقولوا، لماذا منظمة التحرير الفلسطينية هي ممثل فلسطين.
كما جاء الرد على محاولة إيجاد تسوية تخلو من الدولة الفلسطينية ومنظمة التحرير وهذا بانطلاق الانتفاضة الأولى التي أعادت لنا سلاحا جديدا، أنظروا إلى الإبداع الفلسطيني في إيجاد آليات جديدة وعلى أرضيتها أعلنا ميلاد الدولة الفلسطينية في الجزائر سنة 1988 ولكن في نفس الوقت حصلت تغييرات في المنطقة سقط الاتحاد السوفياتي والعراق وهما حدثان مهمان غيرا العالم، العراق كجدار انتهى وتغيرت موازين القوى وبسقوط السوفييت لم يعد هناك قوتين ولما انهزم العراق مباشرة بعدها تم الدعوة إلى مؤتمر مدريد الدولي بحضور إسرائيل ماعدا الجزائر، العراق وليبيا، مؤتمر مدريد هو عبارة عن اتفاق أمريكي روسي دولي لتسوية القضية الفلسطينية بغياب منظمة التحرير وفلسطين تمثل عبر الوفد الأردني.
ماذا نصنع خاصة بعد أن جاءنا تهديد واضح ومباشر من السفير البريطاني في تونس يقول فيه، إذا أنتم عرقلتم مؤتمر مدريد، فإن الشعب الفلسطيني عبر العالم سيتعرض لما تعرض له الشعب الأرمني.
النتيجة أنه التقى أبو عمار بالمناضلين في تونس وقال، نحن نوافق على الذهاب إلى مدريد على أرضية الشروط الأمريكية الإسرائيلية ونوافق على الشروط ولكننا لم نذهب هناك لنستسلم وهنا برز دور حنان العشراوي، حيدر عبد الشافي، صائب العريقات الذين كانوا ضمن الوفد الأردني وأخلطوا الأوراق.
وكان علينا بالتالي أن نتكيف مع الوضع بعد مؤتمر مدريد ومن ثم ولدت أسلو، في اعتقادي لا يوجد شيء اسمه اتفاق إسرائيلي فلسطيني إلى يومنا هذا، هناك اتفاق على أن نجلس لنحل أمورنا بالمفاوضات لمدة 5 سنوات، إسرائيل اعترفت بمنظمة التحرير والشعب الفلسطيني ولأول مرة نجمع ثلاثية الدولة بين أرض، شعب وسلطة في مكان واحد بمقومات الدولة، صحيح تحت الاحتلال ولكن بآلية جديدة وأصبحنا نناضل ضمن برنامج وطني جديد، نحن لا ننتظر من الصهاينة أن يمنوا علينا بالاستقلال أو بالدولة، هم لديهم مشروعهم ونحن لدينا مشروعنا والدليل جاءت الانتفاضة الثانية، لقد تحصلنا على اعتراف من طرف 138 دولة بالجمعية العامة للأمم المتحدة ونحن نبتدع آليات نضالية لنواصل الصراع تحت عنوان الدولة الفلسطينية دون أن توظف ورقتنا في صراعات الأخرين أو يكون المشروع الحزبي أو ايدولوجي أهم من المشروع الوطني وعدونا الوحيد هو الصهاينة.
كيف تتصورون قيام دولتين في المنطقة، اقصد هنا دولة فلسطين ودولة إسرائيل؟
في اعتقادي نحن نقول أن مشروعنا هو إعلان الاستقلال المعلن في الجزائر وهو مقبول دوليا من الناحية الشكلية وحتى إسرائيل قبلته من حيث المبدأ ولكنها للأسف الشديد قد اشتغلت ضده على الأرض، حاليا الصهاينة يعارضون قيام الدولة بما يقومون به عبر الاستيطان والفوضى الخلاقة ومن ثم استفراد الصهاينة بنا وعدم قدرة الأمم المتحدة على اتخاذ أي قرار في هذا الشأن.
من جهة أخرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال للعالم، إننا نريد مشروع الدولتين لكنه إذا سقط نتيجة الممارسات الصهيونية بالاستيطان فنحن في النهاية سنتجه إلى تعديل مشروعنا لنطالب بدولة ديمقراطية يتعايش فيها المسلم المسيحي واليهودي على الأرض وإسرائيل لا تريد، والسؤال، ماذا ستكون النتيجة إذا سقط مشروع الدولتين؟ هنا سيصبح نضالك لإسقاط إسرائيل كدولة عنصرية تمارس الأبرتايد على الأرض وعلى العالم في هذه الحالة كما فعل مع جنوب إفريقيا أن يتعامل مع إسرائيل.
أخي الكريم لدينا بدائل كثيرة لكننا للأسف نعتمد على إمكانياتنا وعلى ما نملك من معلومات حقيقية عن مواقف الأخرين وليس على ما يقوله الإعلام، فنحن نحمل أمانة هذه الأمة وسنستمر في ذلك بحيث أنه لا مستقبل للأمة العربية دون استقلال فلسطين ودون حماية القدس ومقدساتها التي نحميها بدمنا وبكل ما نملك بالرغم مما نتعرض له من الحصار، الجدار العازل الذي يفرق العائلات واغتنم الفرصة من هذا المنبر لأوجه سؤالا، أين هي الإنسانية في التعاطي مع أهلنا في غزة، مأساة إنسانية في هذه المنطقة، لقد دمروا البنيات التحتية، الحصار في كل مكان، خربوا المخزون المائي، ناهيك عن التلوث البحري، هل من المعقول أن تعيش 2 مليون نسمة على 360 كلم، 41 بالمائة منهم يعانون من البطالة، 65 بالمائة يعانون من الفقر، بالإضافة إلى انتشار عديد الأمراض الفتاكة مثل السرطان، الأمراض النفسية، التبول اللاارادي، التأخر الكتابي، أمراض الأطفال وغيرها كثير.
إن القدس الذي هو أولى القبلتين يعاني، فماذا فعلتم من أجل مقدساتكم يا عرب؟ أنا لا أقول أن هنالك تواطؤ عربي ...العرب مستنزفين وقد أغرقوا في صراعاتهم الجانبية وسيسبيكو 2 يطبق على الأرض ضمن ما يسمى بالفوضى الخلاقة. ورغم كل لا نزال ها هنا واقفون نقدم صورة مشرفة للعالم كله، عندما يقف المسيحي والمسلم على أبواب المسجد الأقصى ليصلوا ويرفع الآذان داخل الكنيسة، هي صور جميلة للتعايش ونحن نقدم صورة مشرفة عن الإسلام على عكس ما يريد البعض أن ينسبه له ولنا من إرهاب وغيرها من الصور والممارسات البشعة.
إلى أي مدى استغل الكيان الصهيوني قضية الخلافات التي نخرت الجسد الفلسطيني نتيجة الصراعات المتوالية بن مختلف فصائله وإلى أين وصلت قضية المصالحة الوطنية؟
أنا أقول أن الشعب الفلسطيني لم يكن أبدا مقسما وهو أكبر من فصائله والدليل معركة القدس الأخيرة عندما التزم الشعب الفلسطيني بأمر الرئيس أبو مازن والمفتى العام الفلسطيني محمد حسين، لما دخلوا إسرائيل ووضعوا بوابات الكترونية للمسجد الأقصى، المفتى قال لا صلاة في داخل المسجد إلا إذا سقطت البوابات والصلاة تكون على أبواب المسجد فقط، حينها قطع أبو مازن زيارته للصين وقطع كل أنواع التنسيق مع الاحتلال وهذا دليل على الوحدة، السلطة الوطنية الفلسطينية متفرعة عن منظمة التحرير وتهتم بإدارة شؤون الناس على الأرض فقط، أما الانقسام الفلسطيني فله علاقة ببرامج حزبية وامتدادات الفوضى الخلاقة والصراعات الإقليمية وكثير من المسائل وبالتأكيد أن إسرائيل تستفيد من الوضع.
أما فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية، فهي تسير بشكل جيد ونحن متفائلون كثيرا برئيسنا وبكافة الاتجاهات ولكن هناك صعوبات كثيرة أمام ذلك لأن 11 سنة من الانقسام ولدت انطباع أن هناك دولتين، إخواننا في حماس نصبوا سلطات توحي وكأنها مقومات دولة، كما أن الإجراءات التي قام بها أبو مازن هي مؤلمة ولكن لا بد منها للوصول إلى الوحدة، لا انتصار بغير الوحدة والاحتلال هو المستفيد الوحيد منه، الضفة بالنسبة لليهود هي أرض الميعاد واليهود لا يقبلون أن تقام فيها دولة على عكس غزة، في النهاية وللأسف، نحن نخجل من الجميع مما يحدث من صراعات وخلافات داخلية، لأن الانقسام ليس له أي مبرر وطني، لدينا فرصة لتجاوز الخلافات ويجب أن نبذل جهد كبير ونأمل أن يساعدنا الجميع لأن الموضوع يرتكز أساسا على مبدأ وهو أن نكون أو لا نكون.
سعادة السفير، وسط هذه التراكمات واللغط الذي يحوم حول القضية ككل، هل يبقى الخيار المسلح قائما؟
في اعتقادي لا يوجد خيار سلاح أو غير سلاح، هناك خيار وطني نختاره بما نستطيع وما نملك، هناك هدف يجب أن لا يتغير مهما كان الثمن، أما الأساليب فيجب أن تتغير وفق الظروف التي نواجهها، ومن هنا فإن السلاح يجب أن يكون في أيدينا ويستخدم حسب الاحتياج ووفق ما يمليه البرنامج الوطني للقيادة الفلسطينية، في حين التركيز على السلاح فقط غير مهم فعلى سبيل المثال، هناك أسلحة في الضفة وهي في البيوت ولكنك لا تجدها في الشارع، مرة أخرى ووسط كل ما يحدث هناك حكومة واحدة تعمل وفق برنامج وطني تنطوي تحته فصائل متنوعة، التنوع يكون طبعا في البرامج لتطرح نفسها على الشارع بكل ديمقراطية وفي نهاية المطاف نحن نصارع عدوا لإقامة دولة.
ماذا يمثل لكم ولكل الشعب الفلسطيني بل وحتى العربي زعيم القضية الفلسطينية، الرجل الفذ، الراحل ياسر عرفات؟
الشهيد ياسر عرفات رحمة الله عليه، هو أحد قيادتنا المركزية الأساسية، ما يجب أن يعلمه الجميع في هذا الشأن هو أنه قيادتنا في معظمها اغتيلت وتمت تصفيتها، فياسر عرفات لما تمت محاصرته في المقاطعة لمدة سنتين قال لهم، يريدوني أسيرا أو طريدا أو قتيلا وأقول لهم بل شهيدا شهيدا شهيدا، الرئيس محمود عباس تعرض لنفس القصة وهو يتهم بأنه إرهابي دبلوماسي أو فكري وهم يساومونه حول موضوع الأسرى والشهداء ويقولون إنهم إرهابيين، الصهاينة لم يعترفوا لحد الآن بأنهم وضعوا السم لياسر عرفات، الاعتراف كان مرة واحدة فقط مع خالد مشعل، عندما طلب الملك حسين منهم ذلك ووضع العلاقة الأردنية الإسرائيلية على المحك وتفاوض معهم حول تقديم مضاد الدواء وإطلاق سراح أحمد ياسين.
عهدنا للجزائر مزال قائما، هي قوة لفلسطين الموحدة التي ليس لها إلا عدو واحد وهو العدو الصهيوني.
هل حقيقة اغتال الصهاينة ياسر عرفات؟
نحن مقتنعون بأن الصهاينة قاموا بتصفية عرفات عبر آلية ما وتم اغتياله ولكن كيف إثبات ذلك وتقدمه للعالم، هذا صراعنا، الروس والسويسريون تهربوا من إعطاء النتائج بعد أخذهم للعينات ونحن لن نتنازل عن القضية.عرفات نعتبره الأب والزعيم لنا جميعا، هو رجل ومناضل فلسطيني بفكر فلسطيني، هو مناضل عربي ومسلم وهذا شأننا جميعا، نحن فكرنا وطني نؤمن بأمتنا وأنه لها حق تحت الشمس وفلسطين هي المدخل الأساسي لحرية المنطقة العربية ووحدتها واستقرارها ورفهاها وازدهارها، لا نريد إلا أن نكون كمناضلين، هويتنا فلسطينية، فلسطين ليست جنسية بل هوية نضالية والدليل أنه هناك مناضلين من عدة جنسيات مثل الجزائريين والسوريين. إذا في هذه الحالة نعبّر عن أنفسنا بهذه الآليات المختلفة لأننا نحمل أمانة هذه الأمة ولكل دولة عربية لديها عندنا أمانات يجب أن نؤديها ومنها الجزائر التي لها أمانات يجب أن نؤديها ونعتبر أنه كلما كانت الجزائر قوية، فلسطين قوية فالبرغم من ما تعرضت له الجزائر فهي لازالت على موقعها مع فلسطين بشكل واضح ومباشر ضمن آلياتها المتسلسلة، عهدنا للجزائر مزال قائما هي قوة لفلسطين الموحدة التي ليس لها إلا عدو واحد وهو العدو الصهيوني.
كيف سيتم الاحتفال بذكرى مرور قرن على هذا الوعد المشؤوم؟
الرئيس أبو مازن عبّر بشكل مباشر في هذا الشأن وقد طلبنا من البريطانيين الاعتذار وهذا منذ فترة ونحن نشتغل على المشروع كتابيا وقد نلجأ إلى الأمم المتحدة وفي اعتقادنا فإن الاعتذار له عدة أشكال، حيث أنه يجب أن يكون بداية اعتذارا علنيا، بالإضافة إلى التعويض والاعتراف بدولة فلسطين. وبالمقابل نحن نأسف لما عزمت عليه رئيسة الوزراء البريطانية التي هي مصممة على إجراء احتفال رسمي في لندن لتخليد الذكرى المئوية لهذا الوعد المشؤوم ونحن من جهتنا قد حذرنا منه وسنواجهه بكل ما نملك من قوة من خلال نشاطنا المركزي في هذا الموضوع يوم 4 نوفمبر والذي سيكون من لندن وسنتوجه من خلاله إلى كل أنحاء العالم، كما طلبنا من كل الأصدقاء والإخوة التعاون معنا في هذا المجال.
العالم كله يعلم أن بريطانيا ارتكبت خطأ كبيرا وجريمة نكراء في حق الشعب الفلسطيني ويجب أن تتحمل مسؤوليتها أمام اللاجئين الفلسطينيين الذين خرجوا من فلسطين وعددهم يتجاوز حاليا 7 ملايين لاجئ في كافة أنحاء العالم وأمام العالم كله. ونأسف أيضا لمطالبة إلغاء الأنروا واتي هي المفوضية العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين بهدف عدم التعاطي معهم كلاجئين لإسقاط المسؤولية الأممية عليهم، نحن لن نتردد في الكلام في التوقيت المناسب الذي يتماشى مع قضيتنا، لن نتكلم في النهاية إلا اللغة التي تخدم فلسطين والتي ستخدم من المؤكد كل الفرقاء العرب المتصارعين أو المتفقين، فهذه الأمة قدمت لفلسطين شهداء، دعم ومال ونحن نقف وقفة عرفان أمام كل هذه التضحيات التي لا يسعنا إلا أن نبجلها ونجسدها من خلال إقامة دولة فلسطين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.