لم يتورع نجل معمر القذافي عن تهديد الليبيين وغير الليبيين بأذى شديد في حال سقوط النظام، ففي لحظة اختفى الحديث عن الجماهيرية العظمى، وجاء سيف الإسلام الذي تؤهله صفة نجل القائد ليقول ما يشاء ليعيد كتابة تاريخ ليبيا، لم يذكر عمر المختار، ولا جهاد الليبيين ضد الاستعمار بل ترحم على شركات النفط التي قال إنها من كان وراء ظهور ليبيا الموحدة كدولة. كل ما قاله سيف الإسلام كان مركزا على فكرة واحدة أنا الدولة وبعدي الخراب، لم تعد هناك حاجة للحديث عن لجان شعبية أو مؤتمرات شعبية، بل كل ما هنالك هو القذافي الذي يفكر نيابة عن الشعب منذ أزيد من أربعة عقود وهو الذي يقول لهذا الشعب على لسان هذا الشاب إن الخراب سيحل بعد القائد لأن ما جرى أثبت أنه لم يكن هناك نظام ليبي في الأصل، فلا تعليم ولا صحة ولا بنية تحتية ولا استثمارات أجنبية ولا مساكن، بل إنه يقول إن الليبيين لن يستطيعوا أبدا بيع نفطهم للخارج، شيء واحد سيتوفر، هو القتل لأن الحرب الأهلية قادمة لا محالة، وحتى إذا لم ينجر الشعب الليبي إلى الاقتتال والتناحر فقد قرر القذافي من أول أمس أنه لن يتخلى عن الحكم إلى آخر طلقة أو كما قال سيف الإسلام. يبدو أن ليبيا ستشهد السقوط الأكثر دموية ومأساوية بين كل الأنظمة العربية التي سقطت والمرشحة للسقوط أيضا، فالرجل يقول صراحة إن لديه السلاح وأنه سيقاتل لكن من سيقاتل، سيقاتل شعبه الذي قال عنه إنه وحده السيد وأنه وحده من يملك السلطة والمال والسلاح، فالمذابح التي يتعرض لها الشعب الليبي في بنغازي وطرابلس وسائر مدن البلاد تقدم اليوم الدليل على أن هوس السلطة وحب الزعامة والإصرار على البقاء في الحكم إلى اللحظة الأخيرة من العمر كانت وحدها دعائم سلطة القذافي، وهذا الهوس هو الذي يدفع القائد اليوم إلى جر شعبه إلى المذبحة لأنه أخطأ الطريق ولم يعرف كيف يقدر مصلحته وشق عصا الطاعة على الزعيم، وشعب مثل هذا في نظر الطغاة لا يستحق إلا القتل بالرصاص الحي اليوم والإبادة بالحرب الأهلية غدا.