التزم السفير الفرنسي بالجزائر كزافييه دريونكور، في التعليق على ما يحدث في الجزائر من حراك سياسي بتصريحات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي قال إن بلاده تسجل تحفظا كبيرا فيما يخص التغيير بالجزائر، وأكد السفير أن هذا الموقف نابع من طبيعة العلاقات الجزائرية الفرنسية، مشيرا إلى أن فرنسا تتابع باهتمام ما يحدث في الجزائر لا سيما في ظل التطورات التي تعرفها المنطقة العربية. تطرق السفير الفرنسي بالجزائر خلال اللقاء الذي جمعه أمس بعدد من الصحفيين الجزائريين في فطور الصباح، بمقر إقامة الزيتونة بالأبيار، إلى عديد القضايا السياسية والاقتصادية التي تجمع بين الجزائروفرنسا وذلك بالنظر إلى تاريخ العلاقات الثنائية، حيث أكد أن موقف بلاده صريح جدا بالنظر إلى الحراك السياسي والاجتماعي الذي تعيشه الجزائر. وفي سياق متصل أوضح دريونكور أن »السلطات الفرنسية تتابع باهتمام ما يحدث في الجزائر في الوقت الراهن، كما أنها تحترم سيادة هذا البلد وتحيي كل القرارات التي اتخذت من أجل ترسيخ الديمقراطية وفي مقدمتها رفع حالة الطوارئ، كما أن فرنسا لا يحق لها أن تملي على الجزائريين ما يجب وما لا يجب أن يقوموا به«. وعن موعد 2012، المرتبط بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، أكد دريونكور، أن هذا التاريخ مهم بالنسبة للجزائريين إن كانوا يريدون تجريم الاستعمار الفرنسي أو العمل من أجل تطوير العلاقات بين البلدين، وقال إن هناك جزء من الذاكرة الفرنسية المرتبطة بماضي الجزائر، في إشارة منه إلى الأقدام السوداء والمرحلين، واعتبر »ما حدث في 1962 مأساة لفرنسا عندما رحل مليون فرنسي من الجزائر«. ومن هذا المنطلق دعا السفير الفرنسي إلى التمسك بكل ما يمكنه أن يقرب بين الشعبين والبلدين وجعل مناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر فرصة لدفع العلاقات الجزائرية الفرنسية والرقي بها نحو الأفضل، ولعل ما يجب التخوف منه -على حد تعبيره- هو لامبالاة الأجيال الحالية خاصة بفرنسا والتي لم تعد تذكر من الجزائر سوى تلك الصورة المرتبطة بالإرهاب أو أبناء الضواحي، لذلك يجب مد الجسور بين البلدين في كل المجالات. في سياق آخر اعتبر السفير الفرنسي فتح النقاش حول اللائكية والإسلام أمرا عاديا، واستند في مرافعته على كون فرنسا بلدا لائكيا وبصفة رسمية منذ تاريخ 1905، والذي اعتبر سابقة في العالم، وبرر فكرة فتح هذا النقاش بما يحدث من تراجع للديانة المسيحية بفرنسا وأوربا ككل، في وقت يسجل فيه الإسلام تقدما كبيرا وانتشارا واسعا، وهو الأمر الذي يستدعي في رأيه فتح نقاش معمق، ليؤكد أن هذا النقاش ليس له أي علاقة بالانتخابات الرئاسية المقررة في فرنسا في عام 2012. 10 ملايير أورو حجم المبادلات التجارية بين الجزائروفرنسا في الشق الاقتصلدي أكد السفير الفرنسي أن الجزائر بحاجة إلى استثمارات تمكن من استحداث مناصب الشغل وهذا ما صرح به جون بيار رافاران رجل فرنسا الذي عينه ساركوزي من أجل تنسيق التعاون الثنائي بين البلدين في المجال الاقتصادي، عندما قال إنه يشجع استثمارات تسمح بإنشاء مناصب عمل، كما كشف دريونكور عن زيارة مرتقبة لرافران في شهر ماي المقبل، فيما تم دعوة بن مرداي للقيام بزيارة لفرنسا في نفس الإطار. واعتبر المتحدث أن الزيارات المتتالية لرافران ساهمت في إبرام حوالي عشر اتفاقيات تعاون، وفي مقدمتها اتفاقية بروتاين انترناشيونال، وسانوفي أفانتيس، فيما تبقى المفاوضات جارية من طرف شركة رونو التي تسعى إلى إقامة مشاريع مهيكلة وخلق فرع لها بالجزائر، ناهيك عن إنشاء فرع للمناولة، كما أن رافاران تحدث عن التكوين المهني في هذا السياق وذلك عن طريق إبرام اتفاقيات بين كبريات الشركات الفرنسية ومراكز التكوين لضمان يد عاملة مؤهلة. وبالرغم من أن السفير الفرنسي رفض أن يكون تقلص العلاقات الجزائرية الفرنسية في المجال الاقتصادي أو اختصارها في قضية منح التأشيرات من عدمها، إلا أنه اعتبر أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين يعرف تطورا كبيرا، حيث تم تسجيل ما قيمته 10 ملايير أورو خلال سنة 2010، موزعة تقريبا بالمناصفة بين البلدين، في وقت تبقى فيه صادرات الجزائر تعتمد على المحروقات، وتبقى فرنسا بذلك الشريك الاقتصادي الأول للجزائر، تليها الصين فإيطاليا، كما تم تخصيص قرابة 10 ملايين أورو لدعم سبل التعاون بين البلدين في المجالات الأمنية والثقافية وغيرها من القضايا المرتبطة بالتاريخ والذاكرة المشتركة بين الجزائروفرنسا. فرنسا تقدم مبررات رفض التأشيرة بداية من 1 أفريل الجاري وفيما يتعلق بجولة المفاوضات التي تجمع بين الجزائروفرنسا لتحديث اتفاقية 27 ديسمبر 1968، قال دريونكور، إنه »يجب أن نعمل على تطوير هذه الاتفاقية التي عرفت إلى حد الساعة حوالي ثلاث مراجعات، حيث أن هناك ظواهر لم تكن موجودة وهي الآن محل اهتمام البلدين، مثل الهجرة غير الشرعية، كون الجزائر أصبحت بلد عبور لعدد من المهاجرين السريين«، أما عن تفاصيل اللقاء الذي سيتم بالجزائر، حول الاتفاقية، قال إنه لا يملك عنه أي معلومات. وأضاف السفير الفرنسي، أن بلاده منحت 140 ألف تأشيرة للجزائريين خلال سنة 2010، فيما تم رفض 29 بالمائة من الطلبات لأسباب متعلقة بملفات منقوصة لم تستوفي الشروط اللازمة، علما أن المصالح القنصلية شرعت في تقديم تبريرات لأي رفض بداية من الفاتح أفريل الجاري، وذلك ما يسمح بتقديم طعون على مستوى الهيئات المختصة، فيما يبقى الختم الخاص بالرفض الذي يطبع على جواز السفر موجودا في حالة الرفض، حيث اعتبر أن هذه الإجراءات تدخل في إطار التدابير المتخذة من طرف الاتحاد الأوربي الذي تنتمي إليه فرنسا. التدخل الفرنسي في ليبيا كان في إطار أممي وبالتعاون مع دول عربية وفي رده عن سؤال حول التدخل الفرنسي في ليبيا، قال دريونكور، إن فرنسا تدخلت في إطار اللائحة الأممية 19-73، والتي تسمح بفرض الحظر الجوي والتدخل العسكري الجوي لحماية المدنيين، وما فعلته فرنسا جاء بالتنسيق مع الحلفاء، حيث أن العملية لا تقتصر على فرنسا أو بريطانيا لأن هناك دول من الجامعة العربية على غرار قطر، شاركت في التدخل العسكري الذي حظي بدعم 34 دولة لقوى التحالف.