أحدث »سي احمد« بظهوره في التلفزيون أخيرا سيلا من ردود الفعل الحزبية والاجتماعية والإعلامية، ولا تزال تصريحاته محل متابعات صحفية يسير معظمها في خط الانتقاد. يبدو الرجل الآن مزهوا بذلك لأنه حقق حراكا ما حتى ولو كان مفتعلا بين خصومه في مختلف القطاعات والمستويات. سي احمد الذي اختار كعادته أن يعتمر قبعة الوزير الأول وليس الأمين العام للأرندي مرّر ما يكفي من رسائل غير مشفّرة للجزائريين وبدا فيها منسجما مع نفسه وطموحاته كما عُرف منذ 1994 ومختلفا مع غيره حتى ولو كان الرئيس نفسه. بعيدا عن الاستغراب الذي أبداه من انتقدوا تصريحاته لم يأت بشيء جديد إلاّ لمن يصرون على عدم معرفة هذه الشخصية المثيرة للجدل. ليس جديدا استخفافه بأنصار التيار الإسلامي جميعهم في الجزائر، وليس قبوله الظاهر بوجود هؤلاء في الحكومة وليس الحكم بتعبيرهم إلاّ لحسابات ارتبطت بتسيير الأزمة الأمنية في بداية التسعينيات لقاء الدور الذي لعبه الراحل شيخ نحناح آنذاك، فالأمر لم يكن يوما قناعة سياسية، وبذلك فما اعتبرته قيادة »حمس« تطاولا على الشيخ هو حالة انسجام للسي احمد مع أويحيى..! ليس جديدا نفيه لوجود أزمة سياسية في البلد وبالتالي لا ضرورة للإصلاحات بالرغم من إشارات الرئيس بوتفليقة الواردة في رسالته، فالرفض إذا يعبر عن موقفه وطبعا عن موقف جناح في السلطة على الأقل بدليل هذا التردد الملاحظ في بعث الإصلاحات السياسية بالرغم من وطأة العوامل الخارجية والاحتجاجات الداخلية المطالبة بالتغيير. ربما كان الجديد فقط هو هذا الإعلان المسبق وبطريقة غريبة غير مألوفة لدى الرجل وأسلوبه، عن المكتوب الذي ينتظره ليصير رئيسا لهذا البلد..مكتوب يقرر ظهوره الآن في غير السياق والمناسبة مع أنه سبق له أن كشف بأنه لن يترشح في وجه بوتفليقة إذا ما كان مرشحا..! سي احمد يحسن الحديث بطريقته لأنه لا يخشى الصحافة الجزائرية مثلما كان أبو عمّار يخشى الصحافة اللبنانية..! وطبعا هو يدرك أن الجزائريين يميّزون بحدسهم الفطري صدق الحديث والمواقف، ولذلك ومهما طال الزمن أو قصر ستعود الكلمة إليهم ليقرروا مصير التغيير والإصلاح في البلد رغم أنف من يعيشون على حسابات التسويق وامتصاص الصدمة وشراء السلم الاجتماعي بأي ثمن.. يدرك هؤلاء بحكم خبرتهم معه أن سي احمد مليح ومازادلهم إلا هوا وريح..! أما بعد: »المشهد هناك لمن أراد أن يبصره..«