قال الوزير الأول أحمد أويحيى إن الجزائر »ليست في أزمة ولا شلل..« رغم اتهامه بعض الجهات بالسعي إلى نقل أوضاع ليبيا وتونس إلى بلادنا، وأكد أن الرئيس بوتفليقة ذاهب في إصلاحاته السياسية إلى أبعد الحدود »وستكون إصلاحات حقيقية«. كما دافع عن مصداقية هيئة المشاورات ودعا كل أحزاب المعارضة إلى المشاركة بتقديم اقتراحاته وأن تتحدى النظام ومحاسبته لاحقا إذا لم يتم أخذ أفكارها بعين الاعتبار، معتبرا أن تقديم الرأي »لا يعني التخلي عن المعارضة«. نفى الوزير الأول أن تكون للإصلاحات التي باشرتها الجزائر في الفترة الأخيرة علاقة بالأحداث التي شهدتها شهر جانفي الماضي، مؤكدا أن هذه الورشات كانت ضمن أولويات برنامج رئيس الجمهورية خلال ترشحه في رئاسيات 2009، وردّا على الأصوات التي تشير إلى أن بوتفليقة لن يُكمل عهدته الحالية شدّد أحمد أويحيى على أن »رئيس الجمهورية عازم على إتمام عهدته التي بقي منها ثلاث سنوات، ومسار الإصلاحات مدوّن وهناك استشارة نريد أن يشارك فيها الكل«. وكانت الندوة الصحفية التي عقدها أويحيى أمس لعرض نتائج اجتماع الثلاثية الاقتصادية، مناسبة من أجل الحديث عن الكثير الملفات السياسية وعلى رأسها الإصلاحات التي حرص من خلالها على توجيه نداء إلى المعارضة من أحزاب وشخصيات بهدف تقديم تصوّراتها وآرائها »ووضع النظام أمام تحدّ لتجسيد هذه الآراء.. فالرئيس عازم على الذهاب نحو إصلاحات حقيقية والحكومة معه في هذا العزم، وأملنا أن نصل معا لإنتاج هذه العملية التي ستكون منعرجا تاريخيا«. وبحسب كلام رئيس الجهاز التنفيذي فإن الرئيس بوتفليقة »قرّر إعطاء دفعة أقوى للإصلاحات التي هي ليست وليدة اليوم، فهذه الإصلاحات كان لا بدّ منها من أجل عودة المؤسسات إلى مسارها الطبيعي.. يجب استكمال المشوار الذي تعطّل في 1991 لأنه مشروع يحتاج إلى إعادة الانطلاق«، واستطرد قائلا: »الجزائر ليست في أزمة ولا شلل«، منتقدا في السياق الأطراف التي شككت في تعيين عبد القادر بن صالح لإدارة المشاورات بالتساؤل: »لما ذا لا يُطرح السؤال على أن تعيينه جاء على أساس أنه الرجل الثاني في الدولة؟«. مسؤولية الجيش ليست حماية الدستور إلى ذلك هاجم أحمد أويحيى الأصوات التي تنادي الجيش إلى حماية الدستور والديمقراطية، وفي مقدمتهم قسنطيني، وهو يرى في هذا المطلب »غير ديمقراطي«، مضيفا أن رجال السياسة والأحزاب الناشطة هم المخوّلون بحماية الدستور وأن هذه المهمة ليست دورا مسندا إلى مؤسسة الجيش، وقد برّر هذا الموقف بالتأكيد أن الظرف الحالي الذي تعيشه الجزائر لا علاقة له بالأوضاع التي سادت في البلاد في 1993، وبالتالي »لا نرى فيما يجري أي طعن في مصداقية هيئة المشاورات ومهما كانت المشاركة فإن المسار سيكون دستوريا«. وأورد المتحدث أن الهيئة التي يرأسها بن صالح وجهت الدعوة إلى كافة الأحزاب المعتمدة وكل الشخصيات الوطنية من أجل المشاركة فيها من دون استثناء وانتظار ما يصلها من أفكار، لافتا إلى أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ليس بعيدا عن العملية على اعتبار أن هناك لجنة ستتولى جمع كافة التصوّرات، دون أن يستبعد الذهاب نحو خيار الاستفتاء على التعديل الدستوري بحكم توقعه بأن يكون واسعا وعميقا، ومع ذلك أفاد أن تمريره على البرلمان »يبقى أمرا إجباريا حتى وإن صوّت عليه الشعب«. وباستثناء القانون العضوي الخاص بمشاركة المرأة في الحياة السياسية الذي تعكف الحكومة على تحضيره بتخصيص 30 بالمائة من المجالس المنتخبة للعنصر النسوي، فإن أويحيى صرّح أن باقي القوانين الأخرى لا تزال في بدايتها إلى حين استكمال المشاورات. لا وجود لمشروع العفو الشامل وعلى صعيد آخر نفى الوزير الأول، بشكل قطعي، وجود أية نية لدى الدولة من أجل الذهاب نحو إقرار العفو الشامل عن المساجين في قضايا الإرهاب، حيث أوضح ردّا على سؤال بشأن ما جاء قبل أيام على لسان الهاشمي سحنوني، القيادي السابق في الحزب المنحل، أن ذلك غير صحيح »أكذّب رسميا هذه الإشاعة مع الاحترام للكل بمن فيهم من طرحوا هذه الفكرة.. هؤلاء من دعوا إلى أسلمة البلاد في جوان 1991«، مشيرا إلى أن الدولة قامت بكل ما يُمكن أن تقوم به بإعطاء يدها لهم »يد الدولة ستبقى ممدودة لمن هم خارج الصواب«، نافيا أن يكون عدد مساجين قضايا الإرهاب 4 آلاف عندما كشف بأن نسبة المحكوم عليهم في مثل هذه القضايا لا تصل 10 بالمائة من هذا الرقم. كما رفض أويحيى الخوض في التعليق على ما صرّح به الجنرال المتقاعد خالد نزار من باب أنه لا يريد الدخول في جدل »كون الحكومة لها رأيها«، ولكنه مع ذلك قال إن ما جاء على لسان وزير الدفاع السابق بخصوص الترخيص لتنظيم المسيرات وبعض الجوانب الأخرى من الإصلاح »هو رأي شخصي لأنه يتكلم باسمه« وليس باسم المؤسسة العسكرية، واستطرد في هذا الشأن بأن نزار يبقى »شخصية بارزة«. وعلى صعيد مطلب فتح قطاع السمعي البصري لم يرد في كلام الوزير الأول أي جديد باعتباره احتفظ بإطلاق إشارات غير واضحة جاء من ضمنها أنه »سيأتي يوم يفتح فيه قطاع الإعلام.. قبل شهرين كنا ننظر إلى مطلب رفع حالة الطوارئ على أنها جدار برلين ولكن اليوم هي حقيقة«. مدافعا عن المؤسسة العمومية للتلفزيون »معارضتنا ترفض الظهور في الشاشة وهذا من حقها.. لكن ما يحصل حاليا هو أن الفضاء الإعلامي مفتوح بالتساوي للكل«، ليُضيف »الجزائر تمشي خطوة خطوة«. هناك من يُريد للجزائر أن تكون مثل ليبيا وقد خصّ أحمد أويحيى حيزا هاما من ندوته الصحفية للحديث عن الاضطرابات الاجتماعية التي عرفتها الجزائر في الأشهر الأخيرة، متهما من أسماهم »لوبيهات المصالح الاقتصادية المزّيفة« بالوقوف وراءها، وأكثر من ذلك فإنه ذهب إلى حدّ الجزم بوجود أطراف في الجزائر تعمل من أجل تحويل الوضع إلى نفس الأوضاع التي تعرفها بعض بلدان شمال إفريقيا، في إشارة إلى كل من تونس وليبيا دون ذكرهما، واعترف أن الوضع الذي عاشته بلادنا منذ جانفي 2011 »كان جوّا متعبا ولكن الدولة وصلت إلى تسيير الأوضاع لأنه كانت لديها بعض الأوراق«. ومن بين الأوراق التي استند عليها ذات المسؤول أن »الجزائر لم تكتشف الديمقراطية الآن« من منطلق وجود 40 حزبا سياسيا و80 يومية و60 نقابة، موضحا أن وضع بلادنا ليس شبيها ببعض البلدان التي تعرف »انشقاقات ونزاعات«، مثلما أكد أن الشعب الجزائري دفع الفاتورة نتيجة الاضطرابات والفوضى التي مرّت بها البلاد قبل سنوات، وبرأيه فإن هذه العوامل ساعدت على تجاوز هذه المرحلة رغم إقراره بأن ذلك لم يكن كافيا »لولا وجود مبادرات وسياسات« من طرف الكومة للتحكم في الأمن من دون اللجوء إلى استعمال العنف. وأقرّ أويحيى أن الجزائر تلقت اتصالات من جهات أجنبية، لم يأت على ذكرها، تنصح بعدم استعمال العنف، وعليه تابع حديثه: »الشرطة لم تستعمل حتى القنابل المسيّلة للدموع بفضل تعليمات رئيس الجمهورية للحفاظ على الأمن العام«، كما أرجع الفضل كذلك إلى القدرات المالية التي تتوفر عليها البلاد لمواصلة دعم أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع »رغم أنها عملية مكلفة ماليا لخزينة الدولة«، مطمئنا المواطنين بمواصلة دعم أسعار السميد بمكافحة المهرّبين »ليس لديهم ما يخافون عليه بخصوص قوتهم«. شراء »جيزي« قرار لا رجعة فيه وعندما سُئل أحمد أويحيى عن موضوع المتعامل في الهاتف النقال »أوراسكوم تيليكوم« فإنه قطع الشك باليقين بقوله إن »الجزائر ستشتري جيزي والإجراء سيتواصل إلى نهايته وقد كلفنا لجنة على مستوى الحكومة لمتابعة الأمر«. كما تحدّث في سياق آخر عن عدم وجود رغبة لدى الدولة بالرجوع إلى سنوات السبعينيات بشراء المؤسسات، نافيا أن تكون إجراءات تنظيم الاستثمار قد أثرت على إقبال المؤسسات الأجنبية بدليل »أننا وقعنا العديد من الاتفاقيات مع شركات كبرى في الفترة الأخيرة«. ومن جهة أخرى تُفيد الأرقام التي قدّمها الوزير الأول في ندوته الصحفية حول سياسات الحكومة لمكافحة البطالة، أن أكثر من 200 ألف شاب من خريجي الجامعات ومراكز التكوين المهني وحتى عديمي المستوى استفادوا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي من عقود الإدماج المهني، إلى جانب تشغيل 12 ألف شاب بطال جامعي ومتخرج من مركز تكوين مهني أو دون تكوين في مؤسسات اقتصادية، فيما تم تشغيل حوالي 190 شاب في المؤسسات الإدارية ومؤسسات عمومية اقتصادية وخاصة. وفيما يخصّ القروض المصغرة التي تمنحها الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب »أونساج« والصندوق الوطني للتامين على البطالة »كناك« فقد تمّ في الفترة ذاتها تمويل 15 ألف ملف تمثل قرابة 30 ألف منصب شغل بحسب أويحيى اعتبر أن »هذه الأرقام لا تعني أننا استوعبنا البطالة لكن اليقين أن القرارات لم تكن مجرّد إعلانات ولكن دخلت حيز التنفيذ وبدأت تأتي ثمارها«، ولفت بالمناسبة إلى التزام الدولة بتوفير 500 ألف منصب شغل مع نهاية العام الحالي وفق تعهدات البرنامج الخماسي.