دعا ممثلو نقابات التعليم العالي والبحث العلمي، عقب استقبالهم، أمس، من قبل هيئة المشاورات السياسية حول الإصلاحات السياسية إلى ضرورة استغلال المشاورات لتجسيد تغيير حقيقي للخروج من الأزمة الحالية، مشدّدين على أن أزمة الجزائر لا تكمن في القوانين بقدر ما تتعلق بذهنيات المسؤولين، قي حين تباينت اقتراحات النقابات حول جملة الملفات المطروحة للنقاش. انتقد البروفيسور جيجلي ناصر الأمين العام للنقابة الوطنية للاساتدة والاساتدة المحاضرين في العلوم الطبية، الآلية التي اعتمدتها السلطة لحل الأزمة وإقرار الإصلاحات، ذلك لأن الأزمة الجزائرية تمن في عدم تطبيق القوانين وليس في القوانين والتشريعات بحد ذاتها، موعزا ذلك إلى ما اسماه دهنيات المسؤولين التي تقوم على عدم احترام القانون والالتزام به. وبلغة صريحة قال البروفيسور جيجلي أن النظام ظل بجدد نفسه بنفسه من خلال اللجوء في كل مرة إلى ما يسميها إصلاحات، مطالبا بحتمية إقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة انتقالية من شخصيات وطنية وعلمية ومن المجتمع المدني والأحزاب تقوم بوضع أسس جزائر المستقبل على حد تعبيره، أما فارس عسلة الأمين العام للنقابة الوطنية للاساتدة المساعدين في العلوم الطبية، فلم يخرج عن الإطار العام للرؤية التي طرحها البروفيسور جيجلي، حينما يؤكد أن مراجعة قانون الانتخابات أو الأحزاب وحتى الدستور لن يحل المشكلة التي تعاني منها الجزائر، ذلك لان الحل برأيه يكمن ببساطة في تغيير النظام السياسي القائم الذي فقد ثقة المواطن، مطالبا في الوقت نفسه بفتح المجال الإعلامي لتكريس الديمقراطية الحقة. من جهته يرى الأمين العام للنقابة الوطنية للأساتدة الجامعيين، مسعود عمارنة، أن الإصلاحات التي اقرها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يجب أن تثمن، مقترحا أن تفضي إلى تحديد طبيعة النظام السياسي وإبراز دور الجامعيين في الحياة السياسية والاقتصادية، إلا أن الأهم بالنسبة إلى المتحدث هو ضرورة فتح ملف المدرسة الجزائرية باعتبارها الحجر الأساس في التنشئة الاجتماعية والسياسية والثقافية، ولم يهمل عمارنة مسالة فتح الإعلام وتكريس حريته. ويعتقد عبد المالك رحماني الأمين العام للمجلس الوطني لأساتدة التعليم العالي، أن أي إصلاح لا يكرس الحريات الفردية والجماعية ولا يستهدف تحقيق قواعد المواطنة من شانه أن يعيدنا إلى المربع الأول، وهنا برى المتحدث بالمناسبة أن النظام يتحمل مسؤولية ثقيلة وعليه فتح المجال أمام المبادرات والحريات، لكنه نبه إلى إمكانية تأثير السياقات الإقليمية والمغاربية على طبيعة الإصلاحات، مثلما هو ظاهر من خلال رفع التجميد عن المسار الديمقراطي. وفي منحى لا يختلف عن سابقيه، قال زغبي سماتي كمال الأمين العام للنقابة الوطنية للباحثين الدائمين أن المعضلة الجزائرية لا تتعلق بالنصوص بقدر ما تتعلق بالممارسات، مقترحا إقحام الشباب والنساء في الحياة السياسية، وإحالة الإشراف على الانتخابات إلى جهاز القضاء ومنع المتورطين في قضايا الإرهاب من تأسيس أحزاب سياسية، إلى أن الأهم بالنسبة للباحثين الانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية القائمة على الكفاءة. وبرأي احمد بوسنة رئيس الجمعية الوطنية للاساتدة والاساتدة المحاضرين، فان المطلوب هو وضع أسس لدولة تكون لكل الجزائريين وإنهاء الفلسفة الاستعمار التي تقوم على اهانة الجزائريين، ولن يتأتى هذا حسب المتحدث إلا من خلال إعادة السيادة للشعب وجعله مصدر كل السلطات، وهنا يقترح الشروع في ثورة ديمقراطية اجتماعية.