أجمع المتدخلون خلال الندوة التي نظمت حول الإصلاحات السياسية في الجزائر على ضرورة الشروع في تعديل الدستور أولا كونه الأصل ثم باقي القوانين، كما اعتبروا أن الجزائر تمر بمرحلة انتقالية تطبعها إصلاحات سياسية عميقة تهدف إلى تعزيز المسار الديمقراطي، مواضيع مرتبطة بالأنماط الانتخابية وكيفية ترقية الممارسة السياسية للمرأة وغيرها من القضايا السياسية كانت في صلب هذا النقاش. أوضح أستاذ القانون الدولي العام، الدكتور العايب علاوة، خلال الندوة التي نظمها مركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية ببن عكنون أمس حول »إعادة الهندسة الدستورية في الجزائر«، أن تعديل قانون الانتخابات يندرج ضمن الإصلاحات السياسية الكبرى في الجزائر وهناك فراغات كثيرة يجب تداركها في هذا القانون هي وليدة ظرف معين، كما أشار إلى أن النظام الانتخابي هو الذي يحدد التعددية وأنه منذ دستور 1989 طبقت ثلاثة أنماط انتخابية بالجزائر. واستنادا لما صرح به الدكتور، فإنه يعاب على نظام الأغلبية أنه لا يعكس الإرادة الحقيقية للناخبين، إضافة إلى أنه يقصي الأحزاب الصغيرة، مقابل التمثيل النسبي الذي يسمح بتمثيل الإرادة الشعبية. وعليه يمكن اللجوء في الجزائر إلى النظام المختلط لا سيما في الانتخابات المحلية بهدف القضاء على الانسدادات التي تعرفها المجالس البلدية على العموم. وأضاف أنه لا حاجة لمراقبين أو ملاحظين دوليين في الانتخابات، بل يجب تدعيم الرقابة القضائية واستقلالية القضائية واقتراح إنشاء هيئة سياسية دستورية مستقلة خاصة بالعملية الانتخابية. وفي سياق حديثه عن الإصلاحات أكد الدكتور على أهمية تسبيق تعديل الدستور عن باقي الإصلاحات أو القوانين التي سيتم مراجعتها باعتباره الأصل، فيما دعا إلى ضرورة ترقية الممارسة السياسة للمرأة على مستوى السلطة التنفيذية وعلى مستوى مراكز صنع القرار. من جهته قال سعيد مقدم خبير دستوري، إن هناك إصلاحات سياسية عميقة تهدف إلى تعزيز الديمقراطية وتنشيط الحراك السياسي وكذا أخلقة الحياة السياسية وتعميق الحريات السياسية بالجزائر، ومن هذا المنطلق يجب إعطاء الأولوية لتعديل الدستور الذي يكون متبوعا بباقي القوانين. وتطرق الأستاذ إلى أهمية تفعيل دور المجتمع المدني باعتبار أن التغيير لا مفر منه وهو التغيير الذي يجب أن يشمل الذهنيات كذلك، لأن مجتمعنا كما قال يفتقد لوسائط ذات مصداقية ومنابر مؤهلة كدور النقابات كما أن العيب حسبه يكمن في عدم تطبيق القوانين وليس في الترسانة القانونية نفسها، ولم يهمل الدكتور ضرورة اعتماد نظام الكوطة لترقية الممارسة السياسية للمرأة مع التركيز على طبيعة النظام. بدورها دعت الأستاذة المختصة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية العايب شبيلة إلى بناء جمهورية دستورية وتحديد معالم الدولة واعتبرت أن مشروع رئيس الجمهورية هو مشروع تغيير وطبيعة التغيير هي الإصلاح الذي هو سلوك سياسي القصد منه إدخال تعديلات عن طريق وسائل قانونية لا مكان للارتجال أو الثورة فيها، وهذا ما يحتم الوصول إلى الوفاق حول طبيعة المجتمع الذي نريده.