دعا السفير الفرنسي بالجزائر، كزافييه دريونكور، إلى تجاوز عقبة الذاكرة لتطوير العلاقات الجزائرية الفرنسية وبناء مستقبل مشترك، واعتبر أن سنة 2012 المصادفة للذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر تشكل رهانا حقيقيا من أجل بناء صداقة حقيقية بين البلدين، مشيرا إلى إرادة الرجال والنساء في كل من الجزائر وفرنسا والذين يجب يلعبوا دور الوسطاء لتحقيق هذا المسعى. استهل السفير الفرنسي، خطابه الذي أدلى به بمناسبة احتفال بلاده بيوم 14 جويلية، بمقر إقامة الزيتونة بالأبيار، أول أمس، بالحديث عن رمزية هذا اليوم الذي قال إنه يعبر عن ي ذكرى مزدوجة ترتبط باسترجاع الباستي وانتصار الشعب الفرنسي على الحكم الملكي سنة 1789، إضافة إلى احتفال الفيدرالية بالوحدة سنة 1790 وكل ما تحقق من انجازات خلال تلك السنة التي تفصل بين الموعدين، حيث تم تجريد النبلاء ورجال الدين من الامتيازات التي كانت بحوزتهم والإعلان عن حقوق الإنسان وتقرر فصل الكنيسة عن الدولة ونشأت بذلك الدولة الفرنسية. واغتنم السفير الفرنسي بالجزائر الفرصة للإشارة إلى ما تم انجازه بين الجزائر وفرنسا طيلة الاثنا عشر شهرا الفارطة، وقال إنها كانت سنة مميزة بالنسبة للعالم العربي وللجزائر لا سيما فيما يخص العلاقات الجزائرية الفرنسية، بالنظر إلى رياح التغيير التي هبت على حوض المتوسط وسميت بما يعرف بالربيع العربي، المهم إنها غيرت عديد الأنظمة بما يكرس تعميق الممارسة الديمقراطية ورسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة بملامح جديدة. واستطرد موضحا، أن الجزائر بدورها معنية بهذه التغييرات والحركة التي عرفتها المنطقة وقد فهم المسؤولون هذا الوضع وتم إشراك كل الطبقة السياسية في عملية الإصلاحات السياسية وفرنسا تتابع حركة الإصلاحات التي تجري وفق نسق جزائري والمختلف تماما عن باقي النماذج في الوطن العربي، ليؤكد مساندة بلاده للجزائر في هذه المساعي. كما ذكر السفير بالنشاطات الثقافية المختلفة التي نظمت خلال السنة الفارطة بين البلدين لاسيما في المجال الثقافي من خلال عديد المحاضرات التي قدمتها شخصيات فرنسية بالجزائر على غرر ايمانيول فالس، جون بيار شوفانمون وغيرها من الأسماء اللامعة. وفي المجال الاقتصادي تطرق السفير إلى منتدى رجال الأعمال الجزائري الفرنسي الذي قال إنه نجح بكل المقاييس، أما في المجال السياسي فقد شهدت الفترة الأخيرة حسب ما أكده دريونكور زيارة لعديد الشخصيات السياسية الفرنسة في الآونة الأخيرة، مثل وزير الخارجية الفرنسية ألان جوبي، ورئيس الجمعية الفرنسية الجزائرية جون بيار شوفانمون، الأمين العام للاتحاد من اجل الحركة الشعبية جون فرنسوا كوبي. وقال أنا جد سعيد لأن هذه اللقاءات جرت كلها في جو من الثقة والصداقة، إضافة إلى نوعية الحوار السياسي، خاصة وأن الجزائر وفرنسا يتفقان حول عديد القضايا الدولية. وبالنسبة للعلاقات الثنائية بين البلدين، أكد السفير الفرنسي أنها عرفت تقدما كبيرا مستدلا في هذا الصدد بتصريحات رئس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الأخيرة، ليوضح أن العلاقات بين البلدين تمر بمرحلة سياسية، اقتصادية وإنسانية جد مهمة بما يؤكد وجود انفتاح، مشيرا إلى سنة أخرى من العمل تنتظر البلدين بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر وهو الموعد الذي قال إنه مميز للغاية ويجب استغلاله لكسب رهان الصداقة. وفي هذا السياق، قال دريونكور، إن تاريخ 2012 الذي يصادف الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، وبالرغم من كونه عيد يخص الجزائر، إلا أن هذه السنة ستكون مليئة بالنشاطات السياسية ولا يجب إذا أن نعرقل ربيع العلاقات الثنائية لظروف مرحلية، كما لا يجب أن نبقى محبوسي الذاكرة لأنه لدينا إجبارية بناء مستقبل مشترك كما قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وعليه فإننا بحاجة إلى إرادة الرجال والنساء كوسطاء من ضفتي المتوسط لإنجاح هذه المساعي. ويشار إلى أن شخصيات عديدة حضرت الاحتفالات المخلدة لتاريخ 14 جويلية، مثل وزير الصناعة محمد بن مرادي، وزير النقل عمار تو، الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سعيد سعدي، مولود حمروش، أحفاد الأمير عبد القادر، نواب وبرلمانيين وشخصيات سياسية ووطنية أخرى.