أكدت كتابة الدولة الأمريكية أن الجزائر حققت الكثير من المكاسب خلال العام الماضي في مجال مكافحة الإرهاب بما في ذلك توحيد جبهة دول منطقة الساحل من أجل إيجاد آليات مشتركة لمواجهة تهديدات تنظيم »القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي«، إضافة إلى كسبها رهان تجريم دفع الفدية. وكشفت الأرقام التي أوردتها أن قوات الجيش والدرك ومصالح الأمن نجحت في القضاء وتوقيف 1175 إرهابي. حسب ما جاء في تقرير الخارجية الأمريكية عن الإرهاب في 2010، فإن ما يسمى ب »تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي« قد واصل فرض »تهديدات كبيرة« بسبب استمرار نشاط بعض العناصر الإرهابية في جبال المناطق الشرقية للجزائر، مشيرا إلى أن أغلب العمليات كانت تستهدف قوات الأمن مما تسبب في مقتل وإصابة عدد من المدنيين. ومع ذلك فقد تحدّث التقرير عن تضييق الخناق على الإرهابيين في المناطق الشمالية بشكل لم يمنع من القيام بعمليات انتحارية. ولفتت الخارجية الأمريكية إلى »نجاح الحكومة الجزائرية« في خفض دفع الفديات للجماعات المنتمية إلى تنظيم »القاعدة«، مثلما تحدّثت عن تركيز عمليات الاختطاف في منطقة القبائل وكذا خروج أهالي المنطقة إلى الشارع للاحتجاج عن استهداف أبناء رجال الأعمال مقابل الحصول على الأموال. ومن مؤشرات هذا النجاح تأكيدها أن خمسة أشخاص تمّ تحريرهم من دون أن تُدفع لخاطفيهم أية فدية، كما ذكرت بحادثة اغتيال رئيس بلدية »بغلية« ببومرداس في أوت 2010 بعدما كان سكان قد خرجوا واستنكروا قبلها عمليات الاختطاف. وعن حصيلة الهجمات الإرهابية لاحظ التقرير، المتضمن 255 صفحة، أنها ارتكبت غالبا في المناطق الريفية، بما في ذلك هجوم عبر الحدود في الجنوب، وبين الجزائر ومالي، وفي تقديره فإن بلادنا شهدت تصاعدا في العمليات الإرهابية خلال فصل الصيف وقبيل بداية شهر رمضان من العام المنصرم، مضيفا أنه »خلال شهر رمضان، كان هناك تصاعد ملحوظ في الهجمات بالمقارنة مع نفس الفترة من عام2008 و2009« ورجّحت الخارجية الأمريكية أن يكون ذلك »ربما بسبب العدوانية نتيجة عمليات مكافحة الإرهاب في الجزائر«. وبدا واضحا من التقرير الأمريكي أنه استند على بعض التقارير الإعلامية عند حديثه عن الوضع في الجزائر، حيث قال إن قوات الدرك والوحدات التابعة للجيش الوطني الشعبي واصلت خلال السنة الماضية عمليات التمشيط بمنطقة القبائل وبعض مناطق شمال شرق العاصمة لترصد الجماعات الإرهابية. وتفيد الأرقام التي أوردتها الخارجية الأمريكية في الوثيقة ذاتها أن مصالح الأمن تمكنت من القضاء أو توقيف ما مجموعه 1175 إرهابي خلال العام 2010. ووردت معطيات أخرى تشير إلى أنه في شهر ديسمبر الماضي حكم على ستة إرهابيين ببومرداس بالإعدام غيابيا بتهم من بينها القتل العمد ومحاولة القتل والانتماء إلى منظمة إرهابية، وخلال الشهر ذاته علقت السلطات الجزائرية النظر في العفو عن 120 إرهابي تقدموا بطلبات للعفو بموجب الميثاق من أجل السلام والمصالحة الوطنية. كما بدأت وزارة الداخلية الجهود الرامية إلى حل قوات الحرس البلدي، وتقاعد كبار أعضاء آخرين، من أجل دمجهم في قوات الجيش والشرطة البلدية. وفي هذا السياق تحدّث التقرير عن توقيع الولاياتالمتحدة اتفاقية مع الجزائر في شهر أفريل 2010 من أجل تبادل المساعدة القانونية، وخلق إطار قانوني لزيادة التعاون الثنائي، وعلى إثر ذلك قدمت الولاياتالمتحدة دورات تدريبية متعددة للشرطة الجزائرية، والقضاة، وموظفي الجمارك بشأن الجريمة الإلكترونية، والتهريب، وتكتيكات مكافحة الإرهاب. وأعابت الوثيقة على الجزائر عدم حيازتها تشريعا خاصا لتجميد أصول الإرهابيين، وتحدّثت في المقابل عن صدور مرسوم رئاسي في جويلية 2010 أوصى بأن جميع المعاملات المالية التي تتجاوز 6671 دولار يجب أن تجري بواسطة بطاقة الائتمان أو شيك، أي أنها لا تدفع نقدا من أجل زيادة الشفافية المالية، إضافة إلى إجراءات تعقب تمويل الإرهاب والكسب غير المشروع للتقليل من إمكانية الفساد. أما بخصوص التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب فإن الخارجية الأمريكية أشادت باستمرار جهود الجزائر من أجل إيجاد آلية إقليمية قابلة للاستمرار في التعامل مع تنظيم »القاعدة« في بلدان الجنوب )الساحل(. وأوردت أنه انعقدت ثلاثة اجتماعات منفصلة لوزراء الخارجية في الدول الإقليمية، ورؤساء الأركان وقادة المخابرات في الجزائر لمناقشة التنسيق ردا على تزايد تهديد الإرهاب في المنطقة العابرة للصحراء. وإلى جانب ذلك أفاد التقرير أيضا بأن الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر اتفقت على إقامة مركز القيادة العسكرية في تمنراست في شهر سبتمبر، وبعد ذلك مركز تبادل المعلومات في الجزائر العاصمة يتكفل بتزويد مركز قيادة الأركان في تمنراست بكل المعلومات الضرورية. وعند خوضه في مكافحة التطرف في 2010، أشارت كتابة الخارجية إلى أن الحكومة الجزائرية اعتمدت على علماء الدين وعدد من الإرهابيين التائبين لتوجيه نداءات عبر »إذاعة القرآن الكريم« للإرهابيين الذين لا يزالون يقاتلون في الجبال. وقال إن هذه الدعوات »لعبت دورا كبيرا في إقناع العشرات من الإرهابيين بإلقاء السلاح والاستفادة من العفو«. مثلما تحدّث عن عرض الحكومة العفو على الإرهابيين الذين لم يتورطوا في ارتكاب أعمال إرهابية كبيرة مثل التفجيرات والاغتصاب.