قررت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات القضاء على حالة الجفاء والتباعد التي كانت بينها وبين النقابات النشطة بالقطاع، وفتحت أبواب الحوار واسعة معها، عن طريق ترسيم لقاءات واجتماعات شهرية يومي الخميس والجمعة، قصد مواصلة الحوار، وطرح الحلول لكل المشاكل والانشغالات المطروحة. اجتمعت نهاية الأسبوع المنصرم وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بممثلي نقابات القطاع، وقد فوّضت لذلك مدير الهياكل الصحية، وقد أجرى رفقة مساعديه حوارا واسعا مع القيادات النقابية، واطلع على كل الانشغالات المتبقية لأطباء وعمال القطاع عموما. وحسب الدكتور سلام كمال الأخصائي النشط رفقة الدكتور محمد يوسفي في نقابة أخصائيي الصحة العمومية، فإن مدير الهياكل الصحية بالوزارة، المفوض ضمن إطار اللجنة المشتركة بين النقابات وهذه الأخيرة قد تباحث يومي الخميس والجمعة الماضيين مع ممثلي النقابات، وتدارس وإياهم مسألة المسابقة الوطنية الخاصة بالترقية المهنية والعلمية، واتفق الطرفان على أن يتم التحضير لها، والتفكير في جميع جوانبها الإجرائية، ويحدد تاريخها لاحقا، وهي على أية حال مطلب مُهمّ من جملة مطالب، ظلت نقابة الأخصائيين حريصة على السعي لتحقيقها، وقد كانت مطبقة من قبلُ، وتُجرى كل سنة، ولكن المديرية العامة للوظيفة العمومية في مرحلة سابقة قامت بتجميدها، وقد تواصل هذا التجميد على ما أعتقد لأزيد من خمس سنوات. وكان وزير الصحة جمال ولد عباس صرح على هامش أشغال ورشات الخلايا الطبية الخاصة بمرضى السرطان، المنعقدة مؤخرا بفندق الرياض في سيدي فرج بالعاصمة أنه قام رفقة المدير العام للوظيفة العمومية بالتوقيع على قرار استئناف هذه المسابقة، وما بقي إلا التفكير في إجراءاتها التطبيقية، والكيفيات التي تتمّ بها. وأوضح الدكتور سلام في نفس الوقت أن اللجنة المشتركة تدارست أيضا المنح التحفيزية الخاصة بالجنوب والمناطق الداخلية المعزولة، وهي المطالب التي ظلت نقابة الدكتور يوسفي تطالب بتجسيدها، ومعها التكتل المستقل للمقيمين الجزائريين، الذي أصر في إضرابه الماراطوني الأخير على أن تكون هذه التحفيزات من البديهيات الواجب توفيرها بعين المكان للأطباء المقيمين وزملائهم في التخصصات الأخرى. ولأول مرة حسب ما أوضح الدكتور سلام أمس ل»صوت الأحرار« تقرر وزارة الصحة الاجتماع بالقيادات النقابية مرة كل شهر، عبر اللجنة المشتركة، وذلك من أجل الاستمرار في التباحث والحوار، حول كل المطالب والانشغالات، ويكون ذلك يومي الخميس والجمعة، أي خارج أيام العمل الأسبوعي، وبذلك ووفق التعهدات المقدمة من قبل مدير الهياكل الصحية بالوزارة، فإن هذه الاجتماعات واللقاءات ستتواصل لاحقا، ومن شأنها أن تُعطي دفعا قويا لعنصر المصداقية والثقة المهلهل بين الجانبين، ويطرح الحلول المناسبة لكل المسائل والانشغالات العالقة. ونُذكّر هنا أن وزارة الصحة كانت قدمت وعودا وتعهدات محددة لنقابة أخصائيي الصحة العمومية التي يترأسها الدكتور محمد يوسفي، ونقابة ممارسي الصحة العمومية التي يترأسها الدكتور الياس مرابط ، بشأن المطالب المهنية الاجتماعية المتبقية، وفي مقدمتها مراجعة القانون الخاص، ونظام المنح والتعويضات، والمسابقة المذكورة، وغيرها، وهذه الوعود والتعهدات هي التي أوقفت الإضراب المفتوح الذي كانت باشرته هاتان النقابتان في ظل جو خاص من الإحباط لدى المرضى وذويهم، وفي ظل حالة من اليأس وقلة الحماس لدى الشرائح التي شملها الإضراب.، ومن دون إعطاء التفسيرات السياسية للمرحلة الراهنة، يبدو هذه المرة أن وزارة الصحة، ومن ورائها السلطات العمومية المعنية الأخرى جادّة في ما التزمت بتجسيده مع القيادات النقابية، ويُتوقع منها أن تدفع الأمور في اتجاهاتها الإيجابية الصحيحة بالقطاع، ويكون عماله أول المستفيدين من هذا الوضع الطارئ الجديد.