شكّل موضوع التعاون بين الجزائر وموريتانيا في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، المحور الأساسي للمحادثات التي أجراها الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بنواكشوط، فضلا عن التنسيق للتصدي للتفاعلات الإقليمية المرتبطة بالأزمة الليبية وظاهرة تهريب السلاح التي أضحت بمثابة أحد أكبر الهواجس الأمنية بمنطقة الساحل الصحراوي. أكد الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل في ختام المحادثات التي أجراها بنواكشوط مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وتناولت، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، موضوع التعاون في مجال مواجهة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، أن هناك ضرورة لتعزيز التعاون والتشاور بين الجزائر وموريتانيا في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بمنطقة الساحل والصحراء. وأوضح مساهل بأن المباحثات قد تركزت أيضا حول الأوضاع التي تعيشها المنطقة بعد التطورات الأخيرة، ويعني بها التحولات التي عرفتها المنطقة على خلفية الأزمة الليبية، والمخاوف من وصول أسلحة ليبية إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، باعتبارها مسألة أضحت جد مقلقة بالنسبة للطرفين الجزائري والموريتاني، ولدول منطقة الساحل الصحراوي عامة لما لها من تداعيات كارثية على المديين القريب والمتوسط على أمن واستقرار هذه الدول، وعلى الجهود التي تبذلها في إطار مكافحة القاعدة، وكشف مساهل أن الرئيس الموريتاني سيقوم بزيارة »صداقة وعمل« للجزائر في الأيام القليلة القادمة بناء على دعوة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سلمها مساهل لولد عبد العزيز، وستكون أول زيارة للجزائر يقوم بها الرئيس محمد عبد العزيز الذي تولى السلطة كما هو معروف في أوت 2008 بعد قيادته لعملية انقلابية أطاحت بالرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله. وكان عبد القادر مساهل قد استقبل أول أمس بنواكشوط من قبل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، حيث سلمه رسالة خطية من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، تناولت علاقات التعاون بين البلدين وآفاق تطويرها وتوسيعها وكذا الاستحقاقات المقبلة المدرجة في أجندة اللقاءات بين مسؤولي البلدين من بينها زيارة العمل والصداقة التي سيقوم بها في الأيام المقبلة إلى الجزائر الرئيس الموريتاني، كما تتعلق رسالة بوتفليقة حسب نفس المصدر بآخر التطورات الطارئة على منطقة الساحل والجهود المبذولة من قبل دول الميدان، أي الجزائر، مالي، موريتانيا والنيجر، لتعميق وتعزيز التعاون من أجل مكافحة فعالة لآفة الإرهاب وارتباطاته المتمثلة في التهريب بجميع أنواعه والجريمة المنظمة من أجل تفعيل التنمية الاقتصادية على أسس مستدامة بمنطقة الساحل. وتأتي زيارة مساهل لموريتانيا أيام قليلة فقط بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الموريتاني حمادي ولد بابا ولد حمادي للجزائر والتي توجت بالتوقيع على عدد من برتوكولات التعاون في عدة مجالات، كما تتزامن مع التحسن الكبير الذي تشهده العلاقات الثنائية بعد مرحلة من التوتر غير المعلن على خلفية الانقلاب الذي شهدته موريتانيا في 2008، كما تتزامن مع حالة من الفتور تميز منذ فترة العلاقات بين موريتانيا والمغرب، خاصة بعد تفويت الرباط الفرصة على موريتانيا للحصول على العضوية في مجلس الأمن الدولي، على خلاف الجزائر التي ساندت بقوة ترشح موريتانيا باسم الاتحاد الإفريقي. يذكر أن التعاون بين الجزائر وموريتانيا والذي يشمل مختلف المجالات قد تدعم بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة على محور مكافحة الإرهاب والتصدي للجريمة المنظمة، وتلعب موريتانيا دورا مهما في هذا المجال، يرتقب أن يعزز في المستقبل سواء في إطار العلاقات الثنائية أو المتعددة الأطراف الخاصة بالتنسيق على مستوى دول الساحل جنوب الصحراء، رغم التحفظ الذي تبديه الجزائر من التدخل العسكري الموريتاني في شمال مالي لملاحقة زمر تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، والتعاون الحاصل بين نواكشوط وباريس في هذا الإطار.