في عمر الشعوب أياما لها من عمق الذكرى ما يجعلها عزيزة، ومن مغزى المناسبة ما يبقيها غالية محفورة في تاريخها ومغروسة في دخيلة قلوب أبنائها، تعيش مع الإنسان حيثما يكون وأينما يسير، ولدى الشعب القطري علامات مضيئة في تاريخه الطويل• ففي 18 ديسمبر من كل عام تقام الاحتفالات الرسمية والشعبية بذكرى اليوم الوطني الذي يعني تولي مؤسس دولة قطر الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني الحكم في البلاد. بالحب والتضحية والعطاء يخطو الإنسان على أرض قطر الطيبة حريصا على تراث ماضيه المجيد، متمسكا بأصالته، محافظا على إنجاز الحاضر ثمرة جهده ونضاله، ومتطلعا لآفاق المستقبل بعيون متفائلة لامتلاك ناصية حضارته وتقدمه، فخورا بسيادته الوطنية وواثقا في قيادته والسياسة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر (حفظه الله)• فبناءا على توجيهات سموه الرشيدة تحركت مسيرة البناء الشامل نحو التقدم والرخاء والرفاهية بعزيمة وإيمان أبناء دولة قطر ومشاركة كافة الأشقاء العرب والأصدقاء المخلصين الذين يعيشون مع القطريين فخر الإنجازات العظيمة التي تحققت طوال مسيرة التنمية الشاملة• فبفضل ما وهبه المولى عز وجل لدولة قطر من ثروات طبيعية مكنت من إعداد إستراتيجية للتنمية أهم ما يميزها الشمولية والاهتمام المتوازي بكافة قطاعات الدولة وأثمر هذا الاهتمام تحقيق طفرة كبرى في مجالات الصناعة والزراعة والبناء والخدمات وواكبتها تنمية اجتماعية وثقافية عمقت الوعي الحضاري ورسخت معاني الوطنية السليمة وأثرت الإنسان فكريا وثقافيا بمضامين التراث العربي والإسلامي الأصيل• عرفت العلاقات بين دولة قطر والجزائر محطات تاريخية بارزة في مسارها الحافل بكل مظاهر الأخوة والتضامن التي تعود إلى فترة الكفاح ضد المستعمر والتي تتواصل في الحاضر كامتداد طبيعي لما تكنه دولة قطر وشعبها من معزة وتقدير للشعب الجزائري• فقد كان سمو أمير البلاد سباقا في شبابه في مساندة الثورة الجزائرية وكفاح الشعب الجزائري لنيل الاستقلال ويشهد التاريخ حماس سموه الفياض وهو يلقي الخطب في الأماكن العامة لتطوير أشكال دعم ومساندة الشعب القطري للثورة الجزائرية وتشجيعه على إنشاء الجمعيات من أجل جمع التبرعات للمجاهدين حتى تم توقيع إتفاقية " إيفيان" في مارس 1962 بالقصر المملوك لدولة قطر بالعاصمة الفرنسية باريس• ولا شك أن عمق علاقات الأخوة والتعاون الطيبة بين دولة قطر والجزائر الشقيقة تبقى النموذج الحي الذي يشهد على ما يمكن أن تحققه الإرادة السياسية الصادقة والنوايا المخلصة من أجل دعم جهود العمل العربي المشترك من أجل مستقبل أفضل وهو ما تؤكده لقاءات القمة المباركة لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر (حفظه الله) وأخيه فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين في البلدين التي عززت العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين بالكثير من اتفاقيات التعاون في مختلف مجالات النشاط على نحو جعل هذه العلاقات متميزة• إن الحرص الكبير على توجيه الكثير من الاستثمارات القطرية نحو الجزائر يعني القناعة الراسخة بحتمية مد جسور التواصل والتلاحم من خلال تحرك واع وعلاقات تعاون متميزة كما يؤكد الثقة التامة في مدى ما تتمتع به الجزائر من أسباب الأمن والسلام ومن إمكانيات خلق مناخ استثماري جيد• تمضي مسيرة البناء، مسيرة الخير والعطاء في قطر بخطى واسعة واثقة في تناسق تام وانسجام كامل من أجل قطر وإنسان قطر ومستقبل قطر الواعد بالمزيد من النماء والرخاء والتقدم بإذن الله• عبد الله بن ناصر الحميدي سفير دولة قطر