أكد رئيس حركة مجتمع السلم، أبو جرة سلطاني، أن وزراء »حمس« لن ينسحبوا من الجهاز التنفيذي إلا إذا قرّر رئيس الجمهورية »تسريحهم«، معترفا بأن بين الأسباب التي دفعته الحركة إلى فكّ الارتباط مع التحالف الرئاسي »حرمانه من رئاسة الحكومة«، وزعم أن هذا الأمر كان ضمن أبرز بنود وثيقة 16 فيفري 2004، كما نفى أن يكون هناك خلاف مع الرئيس بوتفليقة بهذا الخصوص. حرص أبو جرة سلطاني على التأكيد بأن القرار الأخير الذي خرج به مجلس شورى حركة مجتمع السلم كان »فك ارتباط« مع التحالف الرئاسي وليس أمرا آخر، مبرّرا ذلك بالكثير من الأسباب التي جاء منها »جمود هذا الائتلاف على مستوى الأفق لأنه بعد تسع سنوات لم يستطع أن يكون تحالفا عموديا«، إضافة إلى »رفض شريكي التحالف طلب حركتنا بترقيته إلى شراكة سياسية..«. وذكر رئيس »حمس« في الندوة الصحفية التي عقدها أمس بمقر الحركة أن ما يراه »ضُعف التنسيق المنصوص عليه في وثيقة 16 فيفري 2004« دفع حزبه إلى تبني قراره الأخير، مشيرا إلى أن هذا الضُعف شمل الكثير من القضايا بما فيها »قوانين الإصلاح التي كان ينبغي فيها تعميق المشورة بيننا لبلورة رؤية وطنية«. ومن بين المبّررات التي ساقها - لأوّل مرة- تلك المتعلقة ب »انفراد الأفلان والأرندي في التداول على رئاسة الحكومة رغم أن وثيقة التحالف تنصّ على التداول الثلاثي«. وفسّر الصحفيون هذا الانطباع الذي تركه سلطاني بأن خلافه، بهذا المفهوم، يكون مع رئيس الجمهورية الذي له صلاحيات التعيين وليس مع شريكيه سابقا، واللافت أنه بدا مرتبكا عندما سُئل على مرتين حول هذه النقطة بالذات فرّد بالقول: »ليس لدينا مشكلة مع الرئيس وليس لدينا اعتراض، ونحن لا نلومه ولا نحتجّ إنما ندعو إلى ترسيخ ثقافة جديدة في المجتمع..«، قبل أن يُضيف: »لا أحد طالب بالوزارة الأولى لأننا لا نؤمن بالمحاصصة وإنما نؤمن بإرادة الشعب.. ونحن لا نستعدي لا الأفلان ولا الأرندي كوننا متأكدون بأننا سنتقاطع في محطات أخرى«. وبعد تأكيده أن التحالف الحقيقي كان مع برنامج رئيس الجمهورية ليس مع حزبين، أوضح أن وثيقة 16 فيفري تتضمن 11 بندا في حين »لم يُطبّق منها خلال السنوات الماضية سوى بند واحد وهو دعم البرنامج الرئاسي«، وذهب أبعد من ذلك بتصريحه: »لقد صارت حمس تقدّم خدمات مجانية للأفلان والأرندي لجني المكاسب السياسية«، مستدلا بما حصل في انتخابات التجديد الجزئي لأعضاء مجلس الأمة. كما اعتبر قرار »فكّ الارتباط« بمثابة »تبرئة للذمة مع شريكينا دون الإخلال بالتزاماتنا تجاه رئيس الجمهورية حتى لا يكون التحالف عقبة أمام الديمقراطية أو يُفهم على أنه غلق للساحة..«، زيادة على ما أسماه »تحرير قرارنا بعد أن حُمّلنا مسؤوليات كثيرة مثل تمرير الكثير من المشاريع من غير نقاش ودونما تعديل«، ليُقدّر بأن ما حصل مؤخرا هو »تمييع للإصلاحات وتحزيبها لحسابات متعلقة برئاسيات 2014«. أما عن مسألة بقاء وزراء »حمس« في الحكومة وردّا على من قرؤوا ذلك بأنه تناقض مع »فكّ الارتباط«، أجاب أبو جرة سلطاني بالإشارة إلى أن شعار الحركة أنها »طرف في الحل وليست طرفا في الأزمة«، وأحال المتسائلين للعودة إلى صريح المادتين 77 و87 من الدستور بما معناهما أن »الحكومة لا صلة لها بالمهمة الحزبية، وصلاحيات التعيين وإقالة الوزراء معطاة لرئيس الجمهورية وليس للوزير الأوّل«. وبخصوص تصريحات أحمد أويحيى الأخيرة ذكّر المتحدّث أنه »لما قدّم برنامجه أمام البرلمان لم يكن برنامجا وإنما مخطّطا تنفيذيا لأنه في الواقع برنامج رئيس الجمهورية، وهو )أويحيى( يقوم فقط بتنسيق العمل والجهود بين الوزراء«، ثم شدّد على أن »الوزراء تابعون لرئيس الجمهورية وليس للأرندي أو الأفلان أو حمس، وبالتالي فإن إعطاء المهام من صلاحياته«، مضيفا بأكثر تفصيل: »وزراؤنا إذا خرجوا من الحكومة سيخرجون معزّزين مكرّمين في إطار عفو شامل وتسريح«. وعلى هذا الأساس جدّد تمسك الحركة بضرورة تعيين »حكومة تكنوقراطية« للإشراف على التشريعيات المقبلة لأنه »منذ 1997 لاحظنا أنه كلّما أشرف الوزير الأول على الانتخابات كلّما حصل حزبه على الأغلبية«، ولذلك »دعونا لتخليص الجهاز التنفيذي من الألوان السياسية«. ثم عاد للتأكيد بأن »حمس كانت في كل مرة شعرة الميزان في الساحة السياسية مثلما حصل في انتخابات 2004 التي حسمناها بموقفنا«، ليواصل حديثه: »خروجنا اليوم ليس حزبيا وإنما جاء لتحرير الحرية وإعطاء أمل بانفتاح الساحة.. فنحن لم نُغيّر الخط ولكننا غيّرنا الخطة«. وفي إجابته عن سؤال عن احتمال تحالفه مع أحزاب إسلامية أخرى على شاكلة النهضة، أورد أن »حمس« على استعداد للتكتل مع أي تيار دون عقدة، سواء كان وطنيا أو ديمقراطيا أو إسلاميا، مجدّدا بالمناسبة موقفه بوجوب استقالة »الوزراء المرشحين«، دون أن يُخفي مطامحه في الترشح لرئاسيات 2014 »إذا ما قرّرت مؤسّسات الحركة ذلك«.