تبنت الحركة الانقلابية التي أطاحت بنظام أمادو توماني توري في مالي خطا وسطا في التعاطي مع التمرد الترقي في الشمال، من خلال دعوة حركة تحرير أزواد للدخول في مفاوضات في أقرب وقت ممكن ووقف ما أسمته ب »العمليات العدائية«، وفيما حذر المتتبعون من خطورة الأوضاع في مالي واستفادة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي من الانفلات الأمني الحاصل، كشفت مصادر أن القيادي في إمارة الصحراء مختار بلمختار المدعو أبو العباس، حضر العرض العسكري الذي قامت به سرايا من »الثوار« الليبيين التابعين لتنظيم القاعدة بمدينة سيرت. وجه أمس قائد الانقلابيين في مالي النقيب أمادو سانوغو نداءا إلى المتمردين التوارق لوقف ما أسماه ب »العمليات العدائية« والتفاوض »في أقرب وقت ممكن«، وأوضح الناطق باسم الحركة الانقلابية في مالي والتي تسمي نفسها ب »اللجنة الوطنية لإقامة الديمقراطية«، في كلمة ألقاها عبر التلفزيون، أن المجلس العسكري الذي أطاح بنظام الرئيس أمادو توماني توري »عازم على فتح حوار خلال فترة قصيرة مع الحركات المسلحة في شمال بلادنا، لقد طلبنا منهم وقف العمليات العدائية والانضمام في أسرع وقت ممكن إلى طاولة المفاوضات«، وواصل يقول: »كل شيء قابل للتفاوض باستثناء سيادة الأراضي الوطنية ووحدة بلدنا« وأكد زعيم الانقلابيين »أحث الطبقة السياسية المالية على سرعة الانضمام إلينا لرسم الطريق الأقصر لعودة النظام الدستوري«، وبدا ذلك كرد مباشر على لقاء باماكو الذي جمع حوالي 12 حزبا، فضلا عن عدد من الجمعيات وتشكيل »الجبهة الموحدة لحماية الجمهورية والديمقراطية«، حيث طالبوا بضرورة استقالة المتمردين العسكريين الذين استولوا على السلطة، والعودة إلى النظام الدستوري. ويحذر الكثير من المراقبين والمهتمين بالملف الأمني، من مغبة التساهل مع تداعيات العملية الانقلابية في مالي، بالنظر إلى أثارها الكارثية على أمن واستقرار هذا البلد ومنطقة الساحل عامة، فالمجموعات الإرهابية التي استفادت كثيرا من الانفلات الأمني في ليبيا، وحتى تونس، وحصلت بالمقابل على الكثير من الأسلحة، استفادت أيضا من ضعف مالي في السابق، وتستغل اليوم الانقلاب في مالي لتوسيع نفوذها في شمال هذا البلد وبمنطقة الساحل عامة. وكشفت مصادر متطابقة بأن القيادي في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، والمسؤول السابق على »إمارة الصحراء«، مختار بلمختار، المكنى بابي العباس وبالأعور، يكون قد حضر العرض العسكري الذي نظمه متطرفون من »الثوار الليبيين« التابعين للقاعدة بمدينة سيرت، الجمعة المنصرم، وكان هذا العرض غير المسبوق قد فسر على أنه محاولة لتأكيد الوجود الفعلي للقاعدة على الأرض في ليبيا، ويتزعم هذا التنظيم في ليبيا وسام حميد من مدينة درنة ويبلغ من العمر 35 سنة وتعمل تحت إمرته وحدات كبيرة في الشرق الليبي تضاف إليها كتيبة أحمد عبد الجليل أبو دربالة، في قاعدة براك الجوية بوادي الشاطئ حيث يعتبر هذا الأخير ذراعهم في الجنوب الليبي والسبب في تهريب العديد من الأسلحة والذخائر إلى تنظيم القاعد في بلاد المغرب الإسلامي في الصحراء.