ووري ظهر أمس الجمعة، جثمان الرئيس الراحل أحمد بن بلة، التراب بمربع الشهداء بمقبرة العالية، حيث حضر آلاف من المواطنين وكذا الشخصيات الوطنية والأجنبية لإلقاء النظرة الأخيرة على أول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة، الذي وفاته المنية يوم الأربعاء الماضي عن عمر يناهز 96 سنة. الموكب الجنائزي كان مرفوقا برئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، إلى جانب الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي ورئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران وكذا مستشار الملك محمد السادس طيب فاسي فهري. كانوا بالآلاف ينتظرون قدوم الموكب الجنائزي، قدموا من كل حدب وصوب لتوديع، أول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة، ولم تمنعهم غزارة الأمطار من ملازمة مقبرة العالية بالحراش، وانتظار الموكب الرئاسي، رجالا ونساء، شيوخا وشبابا وحتى الأطفال، كانوا يتزاحمون ولم يكن بوسع أعوان الشرطة إلى محاولة وقف هذا المد البشري، لكن لمدة قصيرة فقط، فبمجرد وصول جثمان الرئيس الراحل احمد بن بلة، حتى تعالت الهتافات وبات الجميع يردد »الله أكبر...الله أكبر«، فيما كانت زغاريد النساء تدوي المكان. وعلى وقع مد بشري كان في انتظار أول رئيس للجزائر، ليس إلا لإلقاء نظرة أخيرة والتشرف بمرافقة الموكب الجنائزي لهذا الرجل المناضل في صفوف الحركة الوطني ومن ثم الثائر في وجه الاستعمار، ليقود الجزائر بعد الاستقلال ويصبح بعدها حكيما للقارة الإفريقية بل لكل الأمة العربية. كانت الساعة تشير إلى الثالثة بعد الزوال عندما قدم نعش الرئيس فوق دبابة عسكرية، مزينة بالورود، ويقف عليها حماة الوطن من الجيش الشعبي الوطني، علامات كلها رمزية عن عمق، وتجذر روح الوطنية التي نضال من أجلها هذا الرجل، والتي يأبى أبناء الجزائر إلا التمسك بها، فحتى من لم يعرفوا بن بلة عندما كان حاضرا، كانت قصص الشيوخ والعجائز التي طالما ترددت على مسامعهن كفيلة بأن توقظ ذلك الفضول والحماس في القوت ذاته ليجدوا أنفسهم واقفين أمام مقبرة العالية في انتظار رئيس الجزائر الأسبق. مواطنون قدموا من كل ولايات الوطن، تبللوا بمياه المطر، ولكنهم صمدوا ولمدة ساعات ينتظرون بكل شغف وحزن قدوم الموكب الجنائزي، الحاجة الضاوية »لونيس الضاوية«، قالت إن بن بلة هو فخرنا وفخر الجزائر وحضرنا الجنازة للترحم عليه، وبدورها السيدة سامي فطيمة قالت إنها ما تزال تتذكر الرئيس بن بلة ومنذ 20 سنة عندما حل بمطار هواري بومدين، كانت حينها موظفة بسيطة، وإذا به يفاجئها وسط الجمهور ويقبل جبينها تكريما لها على المهمة التي كانت تؤديها، أما محناك دليلة، فقد قدمت من باريس أول أمس بمجرد أن سمعت خبر وفاة الرئيس، وكذلك هو الحال للسيدة ناجمي مسعودة التي قررت أن تكون حاضرة في هذه الجنازة مهما كان الثمن. بعد دخول الموكب إلى المقبرة تبعته أفواج المواطنين وعج مربع الشهداء بالجنرالات والوزراء والمواطنين وكأن الجزائر كلها كانت هناك، حينها تمت صلاة الجنازة على روح الفقيد، والتي كانت متبوعة بدعوات بالرحمة والغفران والإشادة بنضال وخصال الرجل. وقد حضر تشييع الجنازة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة والرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد وعلي كافي الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة ومسؤولون سامون في الدولة. كما تم تشييع الفقيد إلى مثواه الأخير بحضور كل من الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي والرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز، إضافة إلى الوزير الأول الموريتاني مولاي ولد محمد الأغدس ورئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران ومستشار الملك محمد السادس طيب فاسي فهري، ونجل أمير دولة قطر جوعان بن خليفة آل ثاني والوزير الأول السابق المغربي عبد الرحمان يوسفي. وقد حضر الجنازة أيضا رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي وممثل رئيس اللجنة الإفريقية مفتاح مصباح أزوان، وكذا الأمين العام المساعد للجامعة العربية السيد محمد صبيح، فضلا عن ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر. كما حضر التشييع أيضا العديد من ممثلي الأحزاب على غررا الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم، الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيي، رئيس جبهة الجزائرالجديدة جمال بن عبد السلام، رئيس حزب التجديد الجزائري كمال بن سالم، وكذا تنظيمات المجتمع المدني وشخصيات وطنية، إضافة إلى جمع غفير من المواطنين.