يؤم اليوم الجزائريون والجزائريات مكاتب الاقتراع لانتخاب ممثليهم في الهيئة التشريعية، وهو الانتخاب الذي لا يشبه أي انتخابات قد جرت من قبل، إن من حيث القانون الذي يحكمها، أو من حيث صمامات الأمان المرفقة، أو من جانب الانفتاح على المحيط الإقليمي والخارجي. فالانتخابات هذه المرة تتم وفق فضاء واسع وسقف عال، بالنظر إلى أنها تجري بمشاركة أزيد من 40 حزبا، فضلا عن قوائم الأحرار، مما يؤشر على أن كل الأطياف السياسية أو تكاد، حاضرة، وقد دخلت بالفعل المنافسة السياسية، لقناعة لديها بأن الانتخابات هذه المرة مغايرة، كما قال السيد دحو ولد قابلية. الأحزاب المتنافسة، أما الإدارة التي طالما اشتكى منها البعض، فيقتصر دورها على التنظيم والإسناد المادي لا غير... ولأن الجزائر، لا تعيش في عزلة عن العالم، وإنما تتحرك ضمن فضاء إقليمي ودولي معلوم، فقد اختارت طوعا وبكل سيادة، الانفتاح على المحيط الخارجي، ولذلك استقدمت مراقبين محايدين من منظمات وهيئات دولية مشهود لها بالخبرة، لمعايشة العرس الانتخابي الجزائري، وملامسة التجربة الجزائرية في الديمقراطية الانتخابية، وفي إشراك المواطن مشاركة كاملة في بناء مؤسسات الدولة الجزائرية. إن كل هذه الآليات والميكانيزمات التي تؤطر العملية الانتخابية، إنما قد تمخضت عن اللقاء التشاوري المنظم السنة الفارطة، وعن الإصلاحات التي أعقبته، والتي كان حزبنا، حزب جبهة التحرير الوطني، من أوائل الداعين إليها، ومن أشد الأحزاب المدافعة عن الإصلاح والتغيير، بما يضمن مسايرة التطور الحاصل في البلاد، ويتوافق مع روح وأهداف ثوابتنا، ومن بينها بيان ثورة الفاتح من نوفمبر. وإن حزب جبهة التحرير الوطني الذي كان سباقا في الدعوة إلى إصلاحات شاملة وجذرية، يقف اليوم مفعما بالحماس وروح الانتصار والتحدي، لأن المرحلة الأولى من رؤيته وبرنامجه الإصلاحي، نعيش فصولها اليوم من خلال هذه الانتخابات، التي تجري باعتراف الجميع، في أجواء مغايرة وفي ظل تنافس شديد، لاقتناع الأحزاب، بأن الحياة السياسية في الجزائر، ستعرف إقلاعا حقيقيا ونقلة نوعية بموجب هذه الانتخابات. ولو أن أحزابا عديدة، والحديثة النشأة بوجه خاص، قد تعاملت مع الحدث بروح انتقامية، وكثيرا ما وجهت سهامها لحزب جبهة التحرير الوطني ظلما، وحملته ما لا طاقة له به، فإن الأفلان، وطوال مرحلة الحملة الانتخابية، بقي هادئا مطمئنا، ليقينه الراسخ بأنه عندما تحين ساعة الحقيقة "ما ينفع غير الصّح"، وحزب جبهة التحرير الوطني لم يعمد أبدا سوى إلى ما ينفع الجزائر، ويبقيها حصينة عزيزة، وفي منأى عن المغامرة وعن الذين لا يضمرون له غير الشر. إن حزب جبهة التحرير الوطني، الذي صدق مع مناضليه ومناصريه وقاعدته العريضة الوفية، لا ينتظر من الناخبين اليوم، وهم يتوجهون إلى صناديق الاقتراع، إلا أن يصدقوا معه بمثل ما صدق معهم، لأن معركة الإصلاحات المبشرة، ما تزال في بدايتها الواعدة، ويتعين على كل قوى الإصلاح والتطوير والتجديد والتحسين، أن تلتف في هذه الأيام حول برنامج السيد الرئيس ورجالات الإصلاح في الأفلان، الذين أثبتوا على الدوام، استعدادهم للذهاب بعيدا، في التفاني والتضحية، من أجل مصلحة الشعب والوطن والدولة. التحرير