عاش سكان زموري البحري شرق بومرداس ليلة أول أمس رعبا وهلعا كبيرين إثر سماعهم لدوي انفجار عنيف عقب انفجار سيارة معبأة بالمتفجرات كان يقودها انتحاري اقتحم بها مقر حراس الشواطئ بالميناء، وهو ما أدى إلى سقوط 8 قتلى و19 جريحا حسب الحصيلة الرسمية، منهم أربع ضحايا ما يزالون في المستشفى أحدهم تم نقله إلى المستشفى العسكري بعين النعجة نظرا لخطورة حالته. الاعتداء الإرهابي الذي نفذه انتحاري شاب حسب ما رواه شهود عيان يقطنون بالقرب من موقع الانفجار، وقع بعد صلاة العشاء مباشرة حيث كانت الساعة تشير إلى العاشرة إلا ربع ليلا، وكانت وجهة الانتحاري مقر ثكنة حراس السواحل الواقعة بالضبط بمدخل الميناء، وقد كان الانتحاري يقود سيارة من نوع " تيوتا هيلوكس" جديدة حسب روايات بعض الشهود الذين قالوا إنه سلك طريق المسجد وهي طريق صغيرة معزولة، وقد تقدم بها بسرعة جنونية نحو مقر الثكنة العسكرية غير أن أحد عناصر الدرك الوطني المكلفين بالأمن بالشاطئ المحاذي للميناء تفطن له وأطلق عيارات نارية صوبه إلا أن الانتحاري واصل سيره لتنفجر سيارته بالقرب من بوابة الثكنة مخلفة دمارا كبيرا للبنى التحتية لكل من مقر ثكنة حراس السواحل والبنايات المجاورة لها. وقد سقط إثر هذا الاعتداء الإرهابي ثمانية قتلى زيادة على الانتحاري، وقدر عدد الجرحى حسب الأرقام المقدمة من طرف وزير الداخلية يزيد زرهوني ب13 جريحا كلهم من المدنيين ما عدا جريحان من عناصر الدرك الوطني، وأفادت حصيلة رسمية فيما بعد أن عدد الجرحى وصل إلى 19 شخصا، وعلمنا من مصادر طبية بمصلحة الاستعجالات ببومرداس، أن جميع الجرحى غادروا المستشفى إلا أربعة فقط إصاباتهم بليغة، منهم ثلاثة مدنين ودركي حول على جناح السرعة إلى مستشفى عين النعجة العسكري، فيما حوّل اثنان آخران إلى مستشفى الثنية، هذا في وقت كانت مصادر طبية صرحت ل"صوت الأحرار" أن حوالى 20 جريحا أصيبوا بجروح خفيفة جراء الانفجار لكنهم غادروا المستشفى في تلك الليلة. وكانت "صوت الأحرار" قد وصلت في ساعة مبكرة من صباح أمس إلى ميناء الصيد بزموري البحري، هذه المدينة الصغيرة الهادئة كانت ساعات قبل الانفجار تعج بالمصطافين والسياح الذين قدموا من مناطق مختلفة للاستمتاع بشواطئ زموري الخلابة وبسمكها الطازج الذي تخرجه يوميا عشرات الزوارق والبواخر إلى الميناء، الأمن والاستقرار الذي عهده هؤلاء تحول فجأة وبعد صلاة العشاء مباشرة مساء السبت إلى هلع ورعب آنساهم متعة البحر والسهر، فد احدث دوي الانفجار صوتا قويا سمعه حتى سكان بلديات الولاية الواقعة بالجهة الغربية كبلدية خميس الخشنة. كما ظن العديد من سكان زموري الذين تحدثت إليهم "صوت الأحرار" قرب موقع الحدث، أن الأمر يتعلق بهزة أرضية، وهم الذين شهدوا واقعة زلزال 21 ماي 2003 باعتبار زموري مركز الهزة الأرضية آنذاك، آخرون ممن كانوا هناك قالوا " عند سماعنا دوي الانفجار اعتقدنا أنها قنبلة وكفا ولم نفكر أبدا في كون العملية هي اعتداء انتحاري..."، كما روى البعض ممن كانوا بالميناء أنهم رأوا الضحايا وهم يتطايرون في السماء، غير أن آخرين ممن أصيبوا بجروح خفيفة قالوا "..لم نر غير الدخان في السماء وحجبت الرؤية بحيث أصبحنا لا نرى بعضنا البعض وسط برك من الدماء جراء سقوط قتلى من المدنين الذين اعتادوا على السهر بالمقهى القريب من الثكنة العسكرية". قتيلان من زموري وآخران من جيجل مشينا وسط ركام من الغبار والرماد بموقع الانفجار في وقت شهد المكان توافد العديد من سكان المنطقة من أسر الضحايا وأصدقائهم وحتى الفضوليين الذين قدموا لرؤية مشاهد الدمار والخراب الذي طال حتى المقهى القريب من الثكنة والسكنات المجاورة لها، استمعنا لبعضهم وهم يستنكرون الاعتداء وينعتون منفذيه بالدمويين المفسدين لراحة وأمن الغير. ونحن نتفقد آثار الانفجار، رأينا سيارة تشبه "رونو ميقان" لم يبق منها إلا الهيكل، سألنا عنها فقيل لنا إن صاحبها كان ساعة الانفجار يغسل فيها، ولم يتسن لنا التأكد من سقوط صاحبها في صفوف الجرحى أو القتلى، غير إننا تمكنا من التعرف على هويات بعض الضحايا من القتلى، حيث تبين أن اثنين منهم هما من مدينة زموري، احدهما يدعى "ريال" والأخر" اراميس"، كما صرح لنا بعض من معارف الضحايا أن اثنين آخرين هما شابان في مقتبل العمر يعملان حلاقين بمدينة زموري وقد قدما من ولاية جيجل، وكانا يستأجران بيتا بالمدينة ومحلا للحلاقة بحي جيني سيدار. "كنت بالميناء.. فتحت عيناي وجدت نفسي بالمستشفى" روى أحد الجرحى، ممن أصيبوا بجروح بليغة لما التقت به "صوت الأحرار" أثناء تفقد وزير الداخلية للجرحى بمصلحة الاستعجالات الطبية ببومرداس، أنه كان يتجول في ميناء الصيد بزموري البحري كعادته في جو من الأمن والاستقرار غير أنه فجأة وجد نفسه محلقا في السماء فقال "طرت في السماء من غير وعي من شدة قوة الانفجار وبعدها وقعت على الأرض وأغمي علي، وعندما استفقت وفتحت عيناي وجدت نفسي بالمستشفى.."، الضحية يدعى" فخارجي رابح" وهو شاب يقارب سنه ال 25 سنة، لم يستطع التحدث إلينا بعد إصابته بجروح على مستوى الرجل واليدين وبعض الإصابات الخفيفة على مستوى الوجه. الانفجار يلحق أضرارا بست بنايات أدت العملية الانتحارية التي نفذتها فلول القاعدة التابعة حسب ما رجحت به مصادرنا، إلى كتيبة الأرقم الناشطة بمحور زموري وسي مصطفى إلى تعرض حوالي 20 بناية إلى أضرار، منها ست بنايات نسبة الأضرار بها كانت جسيمة، وقد روى أحد المصطافين ممن استأجروا سكنات لقضاء عطلة الصيف أنه فور الانفجار سقطت حبة قرميد على رأس ابنه البالغ من العمر خمس سنوات غير أنه لم يصب بإصابة بليغة، وقد أغمي على الصبي الذي كان في حالة من الذهول مثله مثل والده الذي قال أن الاعتداء الإرهابي اخلط عليهم الأوراق في ما إذا كانوا سيكملون العطلة أم يقفلوا راجعين. هلع ورعب وسط المصطافين واصلنا استطلاعنا لأثار الاعتداء الإرهابي وتأثيره على نفسيات العائلات والسياح الذين ألفوا زموري البحري لسنوات كانت كلها امن وأمان على حد قول بعض العائلات التي وجدناها تهم بالرحيل وعلامات الأسى والذهول بادية على وجهها، ثم اقتربنا من إحدى العائلات وسألنا سيدة كانت رفقة بناتها غير أنها رفضت الحديث إلينا بعد أن عرفت أننا من الصحافة، لكن ابنتها قالت لنا "لقد سئمنا من هذا المكان ..أفسد هؤلاء الإرهابيون متعتنا في قضاء العطلة...سنرحل حالا.."، هذا الكلام ترجمه الغياب التام للمصطافين عن الشاطئ المسمى" الدزيرة" وهو اقرب شاطئ للميناء، كما أنه قبلة العديد من السياح بالنظر إلى جماله والهدوء الدائم للبحر كونه محاط بجدار الميناء مما يصد الرياح الشرقية عنه. هذا الأمر أثار فينا الفضول لاكتشاف هذا الشاطئ، لكن دهشتنا كانت كبيرة فور وصولنا، حيث لم نجد غير بعض شظايا القنبلة متناثرة على رمال الشاطئ، ولم نعثر على أي مصطاف حتى بعد الظهيرة وهو الوقت الذي اعتاد المصطافون المجيء للاستحمام بمياه البحر. مصطافو المركب السياحي "أديم" متخوفون انتقلنا إلى الجهة الشرقية من زموري البحري والتي تدعى" الساحل"، حيث حاولنا معرفة ما إذا كان المصطافون بتلك الجهة ينوون الرحيل مثل نظرائهم بالجهة الغربية من المدينة، لكننا لاحظنا تواجد العديد من العائلات بمحاذاة الشاطئ، وهم من العائلات المقيمة بالمركب السياحي"أديم" وبالرغم من عدم مغادرتها زموري البحري عقب عملية أول أمس إلا أنها بدت متخوفة بعض الشيء وعلامات الهلع والذهول كانت مرسومة على أوجه الكثيرين. وحتى الأطفال فقدوا متعة السباحة بعد الهزة التي أحدثها دوي الانفجار. أما مسيرو المركب السياحي فوجدناهم في قلق وهستيريا شديدة متأثريين بما وقع من جهة، ومتخوفين على امن وسلامة نزلاء المركب، حيث قاموا بتعزيزات أمنية لطمأنة المصطافين. قبل مغادرتنا ارتأينا القيام بجولة قصيرة بشوارع المدينة الصغيرة المعروفة بمطاعمها الشعبية بأطباق سمك السردين ، غير أننا لم نعثر لا على السردين ولا على صاحب المطعم الذي لم يستقبل زبائنه كالمعتاد جراء عدم خروج الصيادين للصيد وهم الذين اعتادوا على الخروج ليلا، وكان سبب ذلك الصدمة التي تركتها العملية الانتحارية في نفوسهم. عناصر مسلحة تطلق النار على سيارات الدرك وعلمت "صوت الأحرار" من مصادر أمنية أن جماعة مسلحة أطلقت النار على أفراد الدرك الوطني لحظات بعد العملية التي استهدفت الثكنة العسكرية بميناء زموري، وقد كانت دورية الدرك الوطني ترافق سيارة الإسعاف التي كانت تقل الجرحى نحو مصلحة الاستعجالات الطبية ببومرداس، وقد وقع اشتباك بالقرب من حي الكرمة وهو المكان الذي كان قد سجل به اعتداء مماثل على الدرك الوطني ، وأسفر الاشتباك عن سقوط جريحين قيل أنهما من أفراد الحماية المدنية، فيما قالت مصادر أخرى أنهم من الجرحى ضحايا الانفجار.