يبدو من غير المشرّف أخلاقيا على الأقل أن تتعامل بعض الفضائيات العربية وبعض الصحف مع القضية الأولى للعرب كأنها قضية نزاع بين إسرائيل والفلسطينيين لا غير. بل يبدو من السخف وقلة الالتزام المهني تنشئ هذه الصحف والفضائيات وحتى الإذاعات خطابا يفتقد لأي توجيه أو خط تنافح عنه ويشكل الحدّ الأدنى من المصلحة القومية للأمة. ربما هو انعدام إستراتيجية إعلامية في هذه الدول أو هو غياب الوعي بضرورة وجودها ناهيك عن نقص الخبرة والحرفية في الاشتغال على ملفات القضية الفلسطينية التي تبقى قضية مركزية مهما غرقت بعض هذه الدول والحكومات في النزعة القطرية ضمن الشعار الأخرق:"البلد قبل كل شيء"..! أجل من غير المشرّف أن تتحدّث تقارير نشراتنا الإخبارية التلفزيونية والإذاعية وكذا الصحف عن إسرائيل بدل الكيان الصهيوني، أو عن إسرائيل بدل فلسطينالمحتلة.. أدرك أن هناك من يقول بأن الأمور تغيرت وأن العرب تخلّو عن الحرب وتوسّلوا بالتفاوض، لكن هذا مرحلة فقذ من الصراع، كما أن المبدأ لن يتغيّر لأن الحق واحد وإدارة الصراع لها عدة أوجه ولا تحتمل الميوعة والارتباك.. من المهنية تماما أن نقول فلسطينالمحتلة وليس إسرائيل لأن هذه الأخيرة قامت على اغتصاب أرض وإخراج أهلها عنوة ولا يزالون ينتظرون، وليس هناك حرج في الإشارة إلى الكيان ضمن الخبر، وأما حينما يتعلّق الأمر بالصراع وحق المقاومة فالاصطلاح واضح لا لبس فيه وهو المقاومة المشروعة والعمليات الاستشهادية وليس الانتحارية أو الإرهابية في مواجهة جيش الاحتلال والكيان الصهيوني وإيديولوجيته العنصرية التي يتغذّى منها. ما من خطاب إعلامي آخر غير هذا يقنع الناس ويجعلنا ننسجم مع أنفسنا ونكون أوفياء لتاريخ الأمة وتضحياتها، وليس بعض المثقفين والمبدعين الغربيين أكثر إنصافا وموضوعية والتزاما منّا، فمن المخجل مثلا أن يصحّح إسحق لاِؤور وهو أهم الأصوات الشعرية الإسرائيلية للشعراء العرب والإعلاميين بمناسبة مهرجان لوديف لشعراء المتوسط قائلا لهم بقوة: "أنا لم أولد في إسرائيل بل في فلسطينالمحتلة"..؟ ! ربما لا نغالي إذا اعتبرنا هذه المسألة شكلا من أشكال مقاومة التطبيع والخضوع لمشاريع الهيمنة الأمريكية الصهيونية. أما بعد: "أقلب الغريب كقلب أخيك؟! أعيناه عينا أخيك؟! وهل تتساوى يد.. سيفها كان لك بيد سيفها أثكلك"؟