علّقت إحدى الصحف الإسرائيلية على الزيارة التي يقوم بها هذه الأيام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، بما مفاده، أن إسرائيل لا يهمّها ما يقوله رئيس الوزراء نتنياهو على مسمع من الإدارة الأمريكية * ولكن الذي يهمّها هو ما يفعله على أرض الواقع عندما يعود إلى إسرائيل ..، مثل هذا التعليق يعطي الانطباع الأوليّ التالي وهو، أن الآلة الإعلامية الإسرائيلية، ومن ورائها الآلة السياسية، لا تعطي موضوع هذه الزيارة الأهمية التي تستحقها، وأن نتنياهو، وإن استمع إلى محاورين من إدارة الرئيس الأمريكي، وإلى باراك أوباما شخصيا، فسيستمع إليهم بأذن من طين وأخرى من عجين، ذلك أن إسرائيل في ما يبدو، غير مستعدّة حاليا للتعاطي مع الضغوط الأمريكية بشأن حلّ الدولتين فلسطينية وإسرائيلية جنبا إلى جنب، وبالتالي فإنها مصمّمة على أن تزيد في حجم تورط الإدارة الأمريكية الحالية المطالبة أساسا بحلّ عدد من القضايا الشائكة، التي يقف على رأسها عقبة حقيقية في طريق حلحلتها القضية الفلسطينية..، ويبدو أن الإدارة الأمريكية واعية بأن النووي الإيراني يمرّ حتما عبر بوابة القضية الفلسطينية، ضف إلى ذلك التداعيات التي تعرفها الأحداث في باكستان وأفغانستان، وهي البؤر التي تغاضت عنها أعين إدارة الرئيس الراحل جورج بوش الابن، بل ساهمت في بعض الأحيان في تغذيتها، ما جعل إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما تعجز، على الأقل فيما يبدو، في الوصول إلى حلّ، أو بالأحرى، دفع الأطراف في هذه القضايا العالقة إلى الاقتناع بحلّ يرضى عنه الجميع.. * والغريب في كلّ هذه المسرحية، التي تلعب فيها إسرائيل دور البطولة، ولعبت فيها الإدارة الأمريكية دور المخرج، ولو أنّها تظهر على عهد أوباما أنها تتقمّص دور المتفرج الناقد، الغريب في كلّ هذا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية بجلال قدرها ، تظهر إلى حدّ الساعة، وكأنّها عاجزة عن إقناع إسرائيل بضرورة الالتزام بالقرارات الدولية، مع أن أمريكا تملك سلاح المساعدات التي تقدمها سنويا لإسرائيل من فوق الطاولة ومن تحتها، وتستطيع أن تستعمله في أي وقت، مثلما لا تتردّد في استعماله عندما يتعلق الأمر بتوجيه السياسة المصرية والتأثير فيها، إلى الدرجة التي توحي بأنّ أمريكا تتعامل بأكثر من مكيال، عندما يتعلق الأمر بصناعة السياسة في الشرق الأوسط.. * معضلة التعنّت الإسرائيلي، التي تقف دونها الإدارة الأمريكية عاجزة عن التحرك واقعيا، قد تعصف بأحلام هذه الإدارة في التغيير، وإحداث التقارب باتجاه العالمين العربي والإسلامي، لمحو آثار الآثام والكلوم التي اجترحتها الإدارة الأمريكية الراحلة، تاركة وراءها دماء نازفة في أكثر من بقعة في العالم..