كشف وزير التكوين والتعليم المهنيين الهادي خالدي ل"صوت الأحرار" مدى اهتمام رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بتكوين وتأهيل الشباب الذين يراهن عليهم، مؤكدا على ضرورة إيصال فرص التكوين إلى المناطق التي عرفت حرمانا وعايشت الظروف القاسية في العشرية السوداء وفتح وحدات منتدبة للتكوين، حيث أشار في حوار خص به "صوت الأحرار" إلى توظيف 3000 إطار جديد وتطبيق 60% من مدونة التكوين. أجرى الحوار/ محمد سعيدي *حددتم 25 أكتوبر كموعد للدخول المهني مسجلين تأخرا مقارنة بالسنوات الفارطة، ما سبب هذا التأخير؟ ابتداء من هذه السنة قررت وزارة التكوين والتعليم المهنيين أن يكون لها دخول خاص بها ويجب أن يكون تباعد بين دخول وزارة التربية ووزارة التكوين، وذلك من أجل إعطاء فرصة للتلاميذ وأوليائهم الأجل والمدة الكافية للقيام بعملية الطعون لدى وزارة التربية من أجل الإدماج، وكما تعلمون أنه من غير المعقول أن يكون الدخول المدرسي والمهني في نفس اليوم، وعليه فإن المباعدة تعطي فرصا أكبر للتلاميذ للتعليم أو التكوين حتى لا يضيع فرصة التكوين، ومن ثمة فإن تاريخ 25 أكتوبر يسمح لجميع الشباب الالتحاق بمراكز ومعاهد التكوين، وهذا هو الهدف من الفصل بين الدخول المدرسي والمهني، إضافة إلى أنه ابتداء من السنة الجارية سيكون التباعد بينهما بحوالي شهر. *هل وزارتكم مستعدة للدخول المهني خاصة وأن قطاعكم يشهد إقبالا كبيرا؟ في الحقيقة عندنا الدخول المهني يبدأ مبكرا لأن اللجنة المكلفة بالدخول شرعت في عملها منذ مارس الفارط، ونحن مستعدون لهذا الموعد من حيث عدد المرافق الذي وصل إلى 1035 مؤسسة و 13 ألف و500 أستاذ يشرف على تكوين الشباب، وقد وفرنا 200 ألف مقعد بيداغوجي جديد، وإذا تجاوز الطلب هذا العدد هذا لا يمنعنا من العمل بنظام الدوامين، كما أحيطكم علما أن عدد المتربصين يفوق 600 ألف متربص ومتربصة. *أبدى رئيس الجمهورية مؤخرا اهتماما كبيرا بقطاع التكوين والتعليم المهنيين وطالب من الحكومة تقديم إجراءات تحفيزية للمؤسسات والمستثمرين لترقية التكوين، ما هي هذه الإجراءات؟ رئيس الجمهورية فعلا يراهن على قطاع التكوين المهني لإفراز جيل مؤهل ومكون، حيث طالب من الحكومة باتخاذ عدة إجراءات تتعلق أساسا بإنشاء فوج عمل لمراجعة المنح التي تمت مراجعتها في 2007، حيث يرى الرئيس أنها غير كافية لاستقطاب المتربصين في مختلف التخصصات المهمة ويشجع كذلك التلاميذ للالتحاق بمسار التكوين والتعليم المهنيين. أما الإجراء الثاني الواجب اتخاذه فيتمثل في إعطاء الأولوية إلى حاملي شهادات التكوين المهني وركز عليه كثيرا، إضافة إلى الإجراء الثالث والخاص بالقضاء على التكوين السلبي وغير المجدي الذي لايحتاجه الاقتصاد الوطني وسوق التشغيل كما قال الرئيس بأنه لا حاجة له لتكوين البطالين. كما كلف الرئيس محافظة التخطيط التابعة لوزارة المالية التي تعد فضاء لبورصة المهن والتمهين بالتنسيق مع وزارة التكوين المهني، وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي مع إشراك الدوائر الوزارية التي لها صلة بسوق الشغل للقيام بعملية جرد وإحصاء للاحتياجات الوطنية من اليد العاملة المؤهلة، ومن ثمة يمكن لهذه القطاعات المشاركة الإيجابية لتحقيق الهدف. أما الإجراء الأخير فيتعلق بالاستمرار في أنسنة القطاع بالتأكيد على التكفل بالمشاكل التي طرحها المتربصون في الندوة الوطنية الأولى للسياسة القطاعية للشباب، حيث قررنا تنظيم الندوة الثانية شهر جانفي المقبل للتكفل بقضايا الشباب. *من بين الإجراءات التي اتخذتموها فتح مناصب تكوين جديدة للشباب الذين لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة، هل لديكم معطيات عن حجم هذه الفئة وما هي أهم التخصصات التي توجهونهم إليها؟ اتضح أن التسرب المدرسي في الجزائر يتراوح ما بين 5.2 و 3 بالمائة حسب إحصائيات وزارة التربية الوطنية، حيث طلب رئيس الجمهورية منا العمل على إدماج هذه الفئة التي حرمت من مقاعد الدراسة ، وفي اعتقادي أن هذه الفئة هم من ضحايا المأساة الوطنية الذين هاجروا قراهم ومداشرهم في العشرية السوداء، وبعد تطبيق ميثاق السلم والمصالحة وقانون الوئام المدني قبله، حيث استرجعت العائلات الأمل وعادت إلى قراها وهو ما أفرز بعض الآثار السلبية من بينها أن هناك العديد من العائلات الذين دفعوا بأبنائهم إلى التخلي عن الدراسة في سن مبكرة. وفي دراسة قام بها فوج عمل بوزارتنا، قسمنا هذه الفئة إلى 3 أقسام، الشريحة الأولى وهم الذين غادروا مقاعد الدراسة في الطور الثالث ويجب التعامل معهم بطريقة خاصة لتأهيلهم وإدماجهم في مدة زمنية تتراوح ما بين 6 و12 شهرا، أما الشريحة الثانية فهم الذين غادروا الدراسة في الابتدائي، إضافة إلى الشريحة الثالثة وهم من لم يلتحقوا أصلا بمقاعد الدراسة. *وماذا عن برنامج "محو الأمية- تأهيل"؟ حدد فوج العمل التابع لوزارتنا 80 تخصصا في مدونة 2007 التي تضم 301 تخصص، إلا أن الشريحة 2 و3 تحتاج إلى تكفل أكثر تركيز بمساهمة وزارة التضامن الوطني وبالتعاون مع وزارة التربية باعتبارها الوزارة الوصية عن الديوان الوطني لمحو الأمية، وهذا البرنامج يدخل فيما أسميناه ب"محو الأمية – تأهيل"، وهنا دور الديوان يتمثل في توفير البرامج وحتى المؤطرين وستتم العملية داخل مراكز التكوين المهني مرافقة لعمليات التكوين. وهذه العملية هي محل اهتمام وزارتنا، وسوف نوجه مذكرة إلى الولاة من أجل إصدار تعليمات إلى المجالس البلدية لتشكيل لجان للتحسيس والإحصاء والتسجيل بالمراكز المنتشرة، وهي عملية وطنية تستدعي مشاركة الجميع. *قلتم سابقا أنكم ستفتحون مراكز حتى في قمم الجبال، كيف يمكن لكم ذلك؟ نعم قلت ذلك، حيث فتحنا 300 وحدة منتدبة بالمناطق التي لا توجد بها مراكز التكوين المهني، وهي ورشات يتم توفيرها من طرف المجالس البلدية الراغبة في توفير التكوين وتلتزم الوزارة بتجهيزها وتأطيرها، وإلى يومنا هذا وافقنا على فتح 300 وحدة في الوسط الريفي وهي مجهزة ويؤطرها شباب في إطار عقود ما قبل التشغيل. وأضيف هنا أننا مستعدون لمواصلة فتح الوحدات إذا قدرنا أنها ضرورية، وسينجم عنها تنشيط ومساعدة العائلات على العودة إلى قراهم وذلك في إطار المجهودات المبذولة من طرف الدولة في هذا الشأن، كما أننا سنفتح وحدات في قمم وأعالي الجبال لفك العزلة ونوازن الفرص بين سكان المناطق الريفية والمدن. *قطع سلك التكوين المهني أشواطا مهمة لترقيته، ومع ذلك يبقى التعليم العالي من أولى الخيارات للحائزين على البكالوريا، كيف يمكن لكم أن تضعوا التعليم المهني في مستوى التعليم العالي؟ في الحقيقة هذا المشكل يعود إلى فترة الاستقلال أين كان هدف وطموح أي جزائر الحصول على شهادة البكالوريا ودخول الجامعة، وبقي الأمر على حاله، لكن المعطيات تغيرت في الوقت الراهن، إذ أنه من خلال برنامج دعم النمو المسطر من طرف السيد رئيس الجمهورية والذي خصص له غلاف مالي ضخم، فتحنا عدة ورشات من بينها الطريق السيار، مليون وحدة سكنية، الميترو وغيرها من المشاريع التي تحتاج إلى يد عاملة مكونة ومؤهلة. وهنا ظهر العجز في اليد العاملة المؤهلة وأهمية التكوين المهني ووظيفته الأساسية التي حددت له مهامه، وهنا أستطيع القول أن التكوين المهني سيقول كلمته وستكون له مكانة وخيارات جديدة. *وضعتم مدونة جديدة للقطاع، هل ستتطلع وواقع سوق الشغل في الجزائر؟ وضعنا مدونة جديدة لقطاع التكوين المهني في العام الفارط وتأتي استجابة لرغبة الرئيس في تأهيل وتكوين الشباب في المجالات والتخصصات المطلوبة بكثرة والتي تأتي كاستجابة للمشاريع الحيوية التي تعرفها الجزائر، فالمدونة اعتمدناها لشطب التخصصات التي لا ترقى لمتطلبات سوق التشغيل، من جهة، ومن جهة تحديد التخصصات والحرف الأكثر طلبا في سوق العمل. وفي هذا الجانب أشير هنا إلى أن هذه المدونة طبقت في حدود 60% ، ومع تنصيب المرصد ومجلس الشراكة اللذين حددهما القانون التوجيهي لقطاع التكوين المهني الصادر في فيفري 2008 سيتكفلان بالمدونة وسيسهران على موائمة التكوين باحتياجات السوق الوطنية. ومن جهة أخرى فتحنا 3000 منصب شغل جديد خاصة بالنسبة لأساتذة التكوين المهني. *فتحتم مناصب تكوين جديدة للجامعيين حاملي الشهادات، ما الهدف من ذلك؟ إذا كانت هناك رغبة في لدى المتحصلين على الشهادات من أجل الالتحاق بالتكوين المهني، فإن وزارة التكوين والتعليم المهنيين في هذه الحالة مستعدة وأبوابها مفتوحة للجميع دون استثناء ومساعدتهم على التكوين والحصول على حرفة، كما يجب الإشارة هنا إلى أنه في الموسم الفارط سجل ما يزيد عن 8000 جامعي. صح عيدكم وكل عام والجزائر بخير.