رد أمس وزير الخارجية مراد مدلسي من العاصمة التركية أنقرة الاتهامات التي وجهها العاهل المغربي للجزائر نهاية الأسبوع الماضي، مؤكدا أن الجزائر تولي أهمية بالغة للسلام في المغرب العربي، مشيرا إلى أن تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره هو الحل لإعطاء اتحاد المغرب العربي ما يليق به من دفع. في ثاني رد فعل رسمي للجزائر على خطاب العاهل المغربي محمد السادس الذي ألقاه بمناسبة مرور الذكرى الثالثة والثلاثين ل "مسيرة العار"، والذي اتهم فيه الجزائر بالوقوف وراء زعزعة استقرار المغرب العربي، أوضح وزير الخارجية في تصريح للصحفيين على هامش زيارته الرسمية التي تستغرق يومين إلى تركيا بدعوة من نظيره التركي "علي باباكان" أن الجزائر لطالما أولت أهمية بالغة للسلام خاصة في منطقة المغرب العربي"مشيرا إلى أنه "لن نقوم في أي حال من الأحوال بأية مبادرة ولن ندلي بتصريحات منافية لهذه القناعة العميقة للجزائر ألا وهي السلام في المنطقة. وتطرق مدلسي لدى رده على محمد السادس إلى مسألة الصحراء الغربية التي حاول الطرف المغربي استغلالها للتحامل على الجزائر، مشيرا إلى أن المسائل التي تطرق إليها العاهل المغربي يتم معالجتها على مستوى مناسب لاسيما مسألة الصحراء الغربية، في إشارة واضحة إلى الجزائر لا تتدخل في سير المفاوضات بين طرفي النزاع، وأن هذه المسألة متروكة لهيئة الأممالمتحدة، وأضاف مدلسي أن الجزائر وبصفتها بلدا ملاحظا في مفاوضات منهاست ستبدل كل الجهود من أجل دفع المفاوضات وضمان نجاحها. وانتهى مدلسي إلى الإعراب عن قناعة الجزائر بأن التسوية الدائمة لهذا المشكل تكمن في التوصل إلى حل عادل ومنصف يصون حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وهو الحل الذي يهم الجميع من أجل إعطاء اتحاد المغرب العربي ما يليق به من دفع لما ندركه من طاقاته ومزاياه، تصريحات مدلسي جاءت بعد 3 أيام من رد وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني على خطاب محمد السادس الذي أكد فيه أن لا أحد يحق له اتهام الجزائر ب "محاولة بلقنة المغرب العربي"موضحا أن التاريخ يثبت أن مثل هذه الاتهامات باطلة. وعلى صعيد آخر، أجرى مدلسي محادثات على انفراد مع نظيره التركي علي باباكان، خلال الزيارة الرسمية التي قام بها أمس إلى تركيا والتي تستغرق يومين يلتقي خلالها مع رئيس جمهورية تركيا عبد الله غول و رئيس الجمعية الوطنية التركية الكبرى كوكسال توبتان، وأوضح مساهل أن هذه الزيارة تندرج بشكل طبيعي في إطار تطبيق معاهدة الصداقة والتعاون المبرمة (من طرف البلدين) بالجزائر سنة 2006 والتي تنص على تكثيف المشاورات على جميع المستويات بما في ذلك المجال السياسي مضيفا أنه منذ التوقيع على معاهدة الصداقة هذه تسنى للعديد من المسؤولين "من البلدين" إجراء عدة لقاءات بمناسبة مؤتمرات دولية مذكرا بأنه سبق لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أن التقى بنظيره التركي عبد الله غول على هامش أشغال ندوة دكار (منظمة المؤتمر الإسلامي) في شهر مارس الماضي، كما التقى رئيس الحكومة السابق عبد العزيز بلخادم بنظيره التركي إردوغان في إسبانيا خلال ندوة حول حوار الحضارات، واعتبر مدلسي أن هذه اللقاءات تواصلت على المستوى الوزاري فيما يخص القطاعات المعنية أكثر بهذا التعاون سواء في الميدان الاقتصادي أو في مجال التعاون العسكري والقضائي. معربا عن ارتياحه لتبادل الوفود الوزارية بين البلدين، كما وصف مدلسي تركيا بالبلد يتسم بديناميكية كبيرة على الصعيد الاقتصادي ويتمتع بمكانة هامة في مخططات التنمية الهامة التي تطبقها الجزائر حاليا، وبأنها تعد من ضمن المتعاملين التجاريين "الأكثر نجاعة" في حوض المتوسط وأن تركيا ما فتئت تزداد تطورا سنة بعد سنة، وقال وزير الخارجية "لقد بلغنا في السداسي الأول لسنة 2008 مستوى المبادلات التجارية المسجل خلال سنة 2006. وحسب مدلسي فإن اللقاءات المبرمجة مع المسؤولين التركيين بمناسبة هذه الزيارة الرسمية التي يقوم بها إلى تركيا ستسمح ب"تقييم العلاقات وتحديد كافة الأعمال التي قد يتم القيام بها أو تعزيزها من أجل الدخول بشكل كامل في سياق تطبيق معاهدة الصداقة والتعاون التي سيتم استكمال كافة جوانبها التطبيقية سنة 2009 في جميع المجالات التي تطرقت إليها الوثيقة، وترأس وزير الشؤون الخارجية مدلسي بمعية نظيره التركي علي باباكان محادثات موسعة إلى أعضاء وفدي البلدين، بحضور مولود حماي مدير دائرة أوروبا بوزارة الشؤون الخارجية وإسماعيل علاوة سفير الجزائربأنقرة.