احتشد عدة آلاف من المتظاهرين أمام مقر البرلمان اليوناني في العاصمة أثينا، في استمرار للاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ خمسة أيام عقب مقتل فتى برصاص شرطي، ويتزامن ذلك مع إضراب عام دعت إليه الأحزاب العمالية احتجاجا على سياسات الحكومة الاقتصادية. وتجاوزت مطالب المعارضة المطالبة باستقالة الحكومة إلى إحداث إصلاحات جذرية في جهاز الشرطة اليوناني ووضع قوانين من شأنها أن تضع حدا لاعتداءات رجال الشرطة المتكررة على المواطنين. كما أن عدم وجود آلية محاسبة ورقابة على تصرفات الشرطة شجع العديد من رجالها على تكرار اعتداءاتهم ضد المواطنين، وهو الأمر الذي أثار غضبا واسعا في الشارع اليوناني. ويرى مراقبون أن حجم الضرر الذي لحق بالممتلكات العامة والمملوكة للأجانب والخاصة والبنوك والمطاعم خلال الأيام الماضية يدل على نقمة وغضب اجتماعي عارم على سياسات الحكومة. وقد شملت الاحتجاجات أمس نحو عشر مدن يونانية، وتحولت جنازة الفتى لميدان مواجهات بين المشيعين ورجال مكافحة الشغب، كما أضرمت النيران في العديد من المباني والحافلات الرسمية والخاصة، وتعرضت محال تجارية للسلب والنهب. وطالب الحزب الاشتراكي –الذي زادت شعبيته حسب استطلاعات نظمت قبل الاضطرابات- باستقالة الحكومة المحافظة وتنظيم انتخابات مبكرة، وقال زعيم الحزب جورج باباندريو "الحكومة فقدت ثقة الشعب، الشيء الوحيد الذي يمكن أن تقدمه هو أن تستقيل وتتجه للشعب لطلب رأيه"، وينتشر نحو 1500 شرطي في أثينا وحدها واعتقل أكثر من مائتي شخص بعضهم بدعوى ارتكابهم نهبا أثناء الاحتجاجات. وفي تطور من شأنه أن يزيد حدة تأزم الوضع بالبلاد، نفذت النقابات العمالية اليوم الإضراب العام الذي دعت إليه منذ عدة أيام احتجاجا على سياسات الحكومة الاقتصادية، ومن شأن هذا الإضراب أن يشل الحياة بالبلاد، إذ إنه سيشمل –كما هو مقرر- كافة وسائل النقل والمواصلات وكذلك مراقبي حركة الطيران. ويأتي هذا الإضراب احتجاجا على عجز الحكومة عن مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية والتهرب من مسؤولياتها حسب اتهام النقابات العمالية، وكذلك للتنديد بسياساتها الاقتصادية خاصة المتعلقة بالخصخصة والضمان الاجتماعي ودمجها بعض الصناديق الاجتماعية، الأمر الذي أدى لإفلاس العديد من هذه الصناديق، وكان رئيس الوزراء كوستاس كارامنليس قد طالب أمس النقابات بالتراجع عن الإضراب، لكن المسؤولين النقابيين رفضوا مطلبه، وأكدوا أن الإصلاحات الحكومية فاقمت الأوضاع لدى خمس المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر. ومن جانبها طالبت منظمة العفو الدولية (أمنستي) التي تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرا لها، بإجراء تحقيق سريع في حادثة القتل. وقالت المنظمة إن الشرطة اليونانية دأبت على ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وإن نظام تطبيق القانون يتعين تغييره، وكان الشرطي الذي اعتقل بتهمة قتل الفتى قد قال إنه أطلق فقط عيارات تحذيرية عندما هاجم الفتى ورفاقه سيارة شرطة بالحجارة في حي إسكارخيا السبت الماضي. لكن أحد الشهود قال إنه رآه وهو يصوب مسدسه نحو الضحية.