استدلت بعض الكتابات الصحفية على حالة الأفلان "غير المرضية" بما أسمته "الملاسنة العلنية الساخنة"• وكما يبدو فإن "المجادلة" التي دارت بين بلخادم وحجار إذا كانت دليلا على وجود "معارضة" -حسب تلك الآراء- فإنها في المنظور الآخر شاهد على أن الأفلان ليس حزب التصفيق• تكلم بوعلام بن حمودة، وهو أمين عام سابق للحزب، عما يراه مفيدا وقام بمرافعة لصالح ما يؤمن به، حيث استنكر "التفرقة المبنية على مسائل أكثرها وهمية وتافهة وشخصية وأنانية" وطالب بنبذ ما أسماه "عبادة الشخصية" في إشارة إلى ضرورة الالتزام ب "الدراسة النقدية لأي برنامج" ودعا إلى أن يكون الأفلان سباقا في "ضمان نزاهة الانتخابات وحريتها وصحتها"• من جهته كان عبد القادر حجار حريصا على صورة الأفلان القوي، وهو حين يقول:"لسنا حزب مجاراة ولسنا حزبا انبطاحيا" فإنما يؤكد حرص الحزب على الاستقلالية، التي هي عنوان القوة الذاتية• عبد القادر حجار وبوعلام بن حمودة وغيرهما من القيادات، كانوا يتحدثون من منبر الأفلان وفي اجتماع هيئة رسمية، ومن منطلق الحرص على مصلحة الحزب، لم يتكلموا خارج ذلك الإطار، لم يلقوا على حزبهم قنابل عنقودية أو إبادية ولم تكن تصريحاتهم بدافع التموقع أو البروز أو الطعن في شرعية القيادة أو التشكيك في مهمتها والدور الذي تضطلع به• تكلم من تكلم وانتقد من انتقد وأثنى من أثنى، وكانت ردود الأمين العام توضح ما التبس، في إطار من الاحترام المتبادل، بعيدا عن نصب كيل الاتهامات والفخاخ أو زرع الألغام، مؤكدا بأن "ليس في الأفلان عبادة الأشخاص" وأن "الأفلان ليس حزبا منبطحا ولا مسايرا"• إذن، ما جرى من "مجادلة" ليس أكثر من نقاش بين قيادات مسكونة بالغيرة على الأفلان، حتى وإن اختفلت المواقع وتعددت زوايا النظر، فإن الهدف يظل واحدا وهو تمكين الأفلان من الريادة المستحقة التي يمنحها الشعب وحده• إن الاختلاف مطلوب في كل حين، وهو عنوان صحة وليس عنوان أزمة، وهو دليل على أن الأفلان ليس من فصيلة الأحزاب التي لا دور لمناضليها إلا التصفيق ورفع الأيدي ومباركة قرارات الزعيم الذي لا يعلو صوت على صوته• وبالتأكيد فإن "المجادلة" أو "الملاسنة" -حسب تعبيرات بعض الصحف- التي جرت بين بلخادم وحجار قد توحي بأن الأفلان يوجد فوق صفيح ساخن! والحمد لله أن هذا الصفيح ليس باردا أو متجمدا حتى لا تصاب مفاصل الحزب بالهزال والضمور• ذلك صحيح، لكن الصحيح أيضا، هو أنه لا اختلاف أن الأفلان ليس بالصورة التي ينشدها أمينه العام وقيادته ومناضلوه، ولا تلك التي يحلم بها أنصاره ومحبوه• قد يقول قائل: إن جبهة التحرير ليست ككل الأحزاب، فقد اختلف مناضلوها ومع ذلك لم نعرف لهؤلاء المناضلين "هجرة" إلى هناك أو إعلان "طلاق" مع الأفلان، بل على العكس كانت تحدو الجميع قناعة واحدة بأن جبهة التحرير ليست ملكا لأحد ولن تخضع لأحد• قد يقول قائل: إن الضربات التي توالت على جبهة التحرير كانت قاتلة، ومع ذلك فإن الضربة التي لا تقتلك تقويك، وهذا هو حال الأفلان، إذ أن الهزات التي تعرض لها على مدار عمره الطويل، لم تزده إلا تماسكا وقوة، وكم يبدو هنا أشبه ما يكون بطائر العنقاء الذي ينبعث من رماده• قد يقول قائل: إن جبهة التحرير حزب متحرك لا يتعايش مع الجمود ويرى في "الحركة بركة" سواء كان ذلك عن طريق "المؤامرة العلمية" أو "الانقلاب الأبيض" أو سحب البساط من تحت الأقدام، لكن المهم أن هناك تداولا وأن الصندوق حاضر وأن الأفلان في حركية دائمة تجعل حالة "الغليان" جزءا فيه أو شيئا منه• وقد يقول قائل: إن جبهة التحرير ليست حزب زعامات أو أعيان، وليست حزب جهة دون أخرى، وقد أكدت دوما بأنها هي الباقية وأن الأشخاص إلى غياب وزوال، وما أكبرها القائمة بأولئك الرجال الذين مروا من هنا وقد أصبحوا في حكم التاريخ• وقد يقول قائل: بعد كل هذا العمر الطويل لم تفقد جبهة التحرير مؤهلات القوة لديها، رغم أحداث أكتوبر، إقرار التعددية السياسية، و"الحروب" الداخلية، إلا أن الأفلان ما يزال يمثل تلك "التوليفة" العجيبة التي يلتقي حولها الجزائريون ويرون فيها الملاذ الأخير، بالرغم مما قد يبدو في المسيرة من انحراف وانكسار• إن "الملاسنة" - هذا إن صح هذا التعبير- تترجم حرص بلخادم وحجار وبن حمودة وكل الإطارات والمناضلين على رؤية الأفلان أكثر تماسكا وقوة وانسجاما وأكثر قدرة على لعب دور "القوة الجامعة" الذي لا يستطيع أي حزب آخر النهوض به، وبلوغ هذا الهدف يقع على مناضلي الأفلان وحدهم، وهم الذين باستطاعتهم أن يثبتوا أن الأفلان له دور يبرر بقاءه واستمرارية رسالته• هذا الدور المؤثر والفاعل في الساحة السياسية لا يمكن أن يضطلع به الأفلان إلا وهو موحد الصف، لا تتنازعه خلافات داخلية أو تقسيمات شخصية، حريص على إبراز هويته، قادر على التكيف بإيجابية مع المستجدات ومواكبة الأحداث بمواقف واضحة وصارمة، لصيق بقاعدته الاجتماعية التي هي سر وجوده ومصدر قوته والضامن لاستمراريته• لذلك يجب وضع "المجادلة" أو "الملاسنة" في إطارها العادي والطبيعي، بعيدا عن التهويل أو التوظيف، إذ أنها لا تعدو أن تكون إقرارا من المناضلين، من القمة إلى القاعدة، بأن الأفلان القوي بوحدته وتماسكه واستقلالية قراره هو عنصر قوة للديمقراطية وللدولة وللاستحقاق الرئاسي المقبل• أحلى الكلام كتب إليها يقول: أتدركين، يا فرحة العمر، بأني كلما هربت منك وجدتني لاجئا إليك•• أنت ظالمتي حبا وجمالا وخنجرا يغوص في أعماق القلب• تعرفين، يا سيدة أقداري، بأنه ليس لي سواك، كيف لي أن أقول لك وداعا، كيف لي أن أتنكر لحبي أو أنسى عينيك اللتين عشقتهما يوما ولا أزال أو أمزق ذكرياتي وفيها يسكن حبي الجميل• تتلاحق الأيام وليس لي غير حبيبتي، غيرك أنت، يا من حين لا أراك، حين لا أسمع صوتك، حين لا يصلني همسك، تصبح حياتي مجرد أيام تلتهم العمر وتمضي•• فهل تدركين بأنك دمي وهوائي وماء الحياة• تذكرين، يا روح قلبي، يوم التقينا رأيتك صبحي وجنتي وفرحي وحلمي•• بربك أخبريني، ماذا في قلبك، كيف غابت بسمة الفجر فيك، كلما نظرت في عينيك رأيتك تبتعدين، كيف تغرب قلبك عني، كيف اكتسى وجهك بكل هذا الجفاء، فإذا أنت لست أنت، وإذا شعلة الحب تنطفىء بأنفاس من كانت هي الحب• أنا، يا روح الروح، لولاك ما عرفت الحب، أنا الذي انتظرتك عمرا•• بدونك من أكون؟•• كيف أفكر وأنت عقلي، كيف أحيى وأنت عمري، كيف أبصر النور وأنت ضوء عيوني•• من لي في الكون غيرك، أيتها الرقيقة الناعمة•• معك حبيبتي، لا شيء يقلقني، سوى فراقك، آه كم هو عميق وجعي! أرجوك، يا أحلى حب•• ضعي رأسك على قلبي، تحسسي ظمئي، شوقي، لهفتي وجنوني•• إن ما أخشاه، يا ملاكي، هو أن قلبك قد ينساني، إني أخاف أن يخبو بريق حبك، أنت التي أعانق عينيك عشقا وأنطق اسمك وحدك، يا أول الأسماء• تعالي، أحبك أكثر، يا من لن تغريني عيون أخرى، إني أقترب منك، أعلن لك حبي، أحتويك في حنايا قلبي، أتوسل إليك بحبنا الكبير أن تغفري لي جنوني•• سامحيني، يا صاحبة القلب الجميل، فإن من الحب ما قتل• دعيني في حضن قلبك، لا تطفئي لهفة الشوق فيك•• ومهما ابتعدت، فإن أشواقي ترحل إليك وعيوني تحتضن عينيك• لن أقول وداعا•• كل عام وأنت أحلى، وها أنا أهديك وردة مشتاقة تهفو إليك، يا أحلى وردة• "التطرف يقتل الحقيقة، يخاف الحوار ويطلق النار على الأفكار••"