يقول أطباء فلسطينيون أنه رغم المساعدات الضئيلة التي وصلت إلى وزارة الصحة في غزة إلا أن المستشفيات، مازالت عاجزة عن مواكبة الإعداد الكبيرة من الجرحى والمصابين بينما تتزايد حصيلتهم بشكل يومي. وقال مسؤولون بوزارة الصحة الفلسطينية أن القطاع الصحي "منهك أصلا منذ بدء الحصار الإسرائيلي الذي استمر 18 شهرا وهو الآن يوشك على الانهيار في ظل تصاعد الغارات الجوية الإسرائيلية على القطاع". وقال طبيب في مستشفى الشفاء إننا نواجه "أوضاعا صعبة والأطباء يعملون لساعات طويلة وهذا استنزاف كامل لطاقات الوزارة". وأشار الطبيب أن "طفلة تبلغ من العمر 13 عاما تدعى سجود الدردساوي وصلت إلى المستشفى مع عدد من أفراد عائلتها وهي بحالة صعبة وقد مزق جسدها وبتر جزء من أطرافها لكن لم نتمكن من إنقاذ حياتها مثل هذه الإصابات صعبة وخطيرة لا يمكن النجاة منها وقد توفيت للأسف". وأشار إلى "إن المستشفيات تجاري الوضع بأقصى إمكانياتها، لكن ما تواجهه قطعا عبء يفوق طاقتها". ويضطر الأطباء للتعامل مع الجرحى الذين يصلون للمستشفى من باب الاستعجال بدون تخدير واستخدام أدوات إيقاف النزيف وخيوط الجروح خاصة في قسمي الاستقبال والطوارئ والعمليات بهدف إنقاذ حياة المصابين على ما أفاد الطبيب نفسه. وقامت إدارة مستشفى الشفاء المركزي في غزة وهي كبرى المستشفيات الفلسطينية بزيادة غرف العمليات وتخصيص 11 غرفة لهذا الغرض ومع ذلك لا يوجد سيطرة كاملة بسبب حجم الإصابات. وأعلنت مصادر طبية فلسطينية أن 465 فلسطينيا على الأقل بينهم 75 طفلا و21 امرأة استشهدوا في أكثر من 700 غارة على أهداف في قطاع غزة في إطار المجازر الوحشية التي ترتكبها إسرائيل منذ أسبوع على قطاع غزة. وأشارت إلى أن "غزة بحاجة اكبر للمساعدات الآن وعلى الجهات الدولية والعربية التحرك العاجل لإيصال المزيد من اللوازم الطبية إلى المستشفيات، بشكل فوري ومن الضروري أن يسمح بدخول هذه المساعدة الإنسانية الملحة إلى غزة". وتعاني مستشفيات القطاع أيضا نقصا خطيرا في عدد الأسرة لاستقبال جرحى جدد. وأكد الناطق باسم وزارة الصحة همام نسمان أن عدد الأسرة في مستشفيات القطاع لا يتجاوز 1200 سرير من بينها 530 سريرا في مستشفى الشفاء ، مضيفا أن الطواقم الطبية في المستشفيات والعيادات غالبا ما تضع الجرحى الجدد على الأرض بسبب الأعداد الكبيرة من الجرحى التي تصل في أعقاب عمليات القصف الجوي. وطالب مسؤولوا الوزارة بوصول طواقم طبية عربية وبمستشفيات ميدانية للمساعدة في علاج الجرحى عند اللحظات الأولى لوصولهم، وحثوا الدول العربية على إرسال أدوية ومواد طبية عاجلة. وقال معاوية حسنين مدير عام الإسعاف والطوارئ في قطاع غزة إن هناك نقصا شديدا في عدد سيارات الإسعاف المجهزة للتعامل مع الغارات الإسرائيلية المتلاحقة. وأضاف أن نصف سيارات الإسعاف البالغ عددها 58 سيارة موجودة لدى وزارة الصحة باتت متهالكة. وعلى الرغم من أن افراد الطواقم الطبية يعرفون هذه الحقيقة إلا أنهم يتحاملون على أنفسهم ويقومون بجهود مضنية لإنقاذ الجرحى وانتشالهم للمستشفيات، بيد أن كثافة الضربات الجوية وتزامنها في مناطق متعددة تحد من قدرتهم على إستعاب الأمور. وقال مسعفون فلسطينيون انه أحيانا قد لا يجد الجرحى من يقوم بمهام إسعافهم ونقلهم إلى المستشفيات ويضطر السكان المدنيون إلي نقلهم بسيارات خاصة بطريقة قد تزيد من صعوبة جراحهم. ولم يتمكن ضابط الإسعاف عيد رمضان في غزة من السفر إلى منزله ورؤية أطفاله منذ ثلاثة أيام بسبب كثافة العمل ويقول رمضان أن أكثر خطر يتهددهم يتمثل في قيام الطيران الإسرائيلي بقصف المكان الذي يكون بداخله المسعفون مرة ثانية. ويشير رمضان بذلك إلى استشهاد اثنين من طواقم الإسعاف قبل أيام وهما المسعف محمد أبو حصيرة ومعه الطبيب إيهاب المدهون، حيث كانا بداخل احد المنازل الذي قصفته الطائرات وقام طيران الاحتلال بقصفة مرة ثانية عندما كانوا يهمون بالخروج من المنزل برفقة احد المصابين. ويقول رمضان أن الطاقم كان يضع شارات فسفورية متعارف عليها دوليا كما أن سيارات الإسعاف وفق القانون الدولي تقوم بعمل إنساني. وأوضح "عمليات الإنقاذ هنا مغامرة، لكن علي أن أخاطر بحياتي لان هناك أشخاصا لا ذنب لهم".