فتح أحمد أويحيى الأمين العام للأرندي أمس النار على دعاة المقاطعة والذين نعتهم ب"عدم التبصر السياسي" وقال إنهم يعودون إلى الساحة الوطنية عشية كل استحقاق سياسي من أجل "المزايدات السياسوية"، وخاطبهم أويحيى بالقول "إن الجزائر ليست صالونات سياسية ولا مصالح مالية قذرة"، مضيفا بأنه كان ينتظر من هذه الأطراف استخلاص العبر من رئاسيات 2004، وبما أن ذلك لم يحدث من وجهة نظر المتحدث فقد ارتأى أن يضرب لهم موعدا آخر في أفريل المقبل. اليوم البرلماني الذي نظمه أمس التحالف الرئاسي حول موضوع المصالحة الوطنية، كان فرصة حرص أويحيى على استغلالها لتوجيه رسائل سياسية قوية لدعاة المقاطعة وفي مقدمتهم حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، ودون ذكر هذا الأخير بالاسم، اختار الأمين العام للأرندي التلميح لهذه الأطراف من خلال الحديث عن ما اصطلح على تسميته "عدم التبصر السياسي"، والذي قال إنه يعود مجددا للظهور في الساحة الوطنية عشية كل استحقاق سياسي في محاولة للمزايدة السياسية والسياسوية، مشددا على ضرورة التصدي لهؤلاء الذين خاطبهم بالقول "إن الجزائر ليست صالونات سياسية ولا مصالح مالية قذرة"، كرد صريح على ما يروج له دعا المقاطعة والحملة التي يخوضونها ضد الحكومة في الداخل كما في الخارج. وذهب أويحيى بعيدا في خطابه الموجه لدعاة المقاطعة بالقول "إن الشعب هو مصدر الديمقراطية وهو صاحب القرار" وأضاف كنا نعتقد أنهم استخلصوا جيدا الدروس من استحقاقات أفريل 2004، وبما أنهم لم يفعلوا من وجهة نظر المتحدث، فإنه فضل أن يضرب لهم موعدا في الرئاسيات المقبلة"، قائلا"موعدنا أفريل المقبل". وفي تصريح أدلى به للصحافة بعد مغادرته القاعة، اختار أويحيى اللغة الشعبية للرد على الأرسيدي ومن سار في فلكه من دعاة المقاطعة، واختصر إجابته في مثل شعبي يقول" الي خانو السعد يقول بيا السحور"، في إشارة واضحة منه إلى أن هؤلاء يبحثون عن الحجج التي تبرر فشلهم السياسي وعجزهم عن خوض المنافسة الانتخابية، وأضاف أويحيى في رده أن المنافسة السباق الرئاسي حر ومفتوح أمام الجميع ومن يرغب في خوض المنافسة الانتخابية له ذلك ومن اختار المقاطعة له ذلك أيضا، وأن من له مشاكل داخلية في حزبه لا يفترض فيه البحث الرئاسيات ليجعل منها حجة. وفي حديثه عن المصالحة الوطنية أشاد أويحيى بصناع المصالحة الوطنية الذين حددهم في: ضحايا الإرهاب وضحايا وشهداء الواجب الوطني، وقوات الأمن الذين دافعوا عن الجمهورية، والرئيس بوتفليقة الذي كانت له الشجاعة السياسية المطلوبة لتحويل هدنة 1997 إلى وئام مدني سنة 1999 ثم إلى مصالحة وطنية سنة 2005، إلى جانب الشعب الجزائري الذي كان ضحية المأساة الوطنية والذي سمح للجزائر بالعودة إلى فضاء الأمن والدخول في مسار المصالحة ومن وجهة نظر أويحيى فإن المصالحة الوطنية ليست حساب ملفات كما أنها ليست سجل سياسي للمزايدة أو المضاربة بل هي خيار استراتيجي للشعب الجزائري يهدف في أبعاده إلى تحقيق مصالحة الجزائريين فيما بينهم و مع الذات والوطن، وأضاف أن مسار المصالحة الوطنية كان رهانه إنقاذ الجزائر وعلاج جراح الجزائريين، أما اليوم ومستقبلا فإن الرهان هو جمع الجزائريين والجزائريات، مشيرا إلى أن الدولة وفي إطار تطبيق هذا الخيار الاستراتيجي التزمت من خلال مؤسساتها بالتصدي بثبات للإرهاب وإقناع بقايا الجماعات الضالة بالعودة إلى جادة الطريق. كما اعتبر أويحيى أن مسار المصالحة الوطنية جد ايجابي في الجانب الخاص بمعالجة الملفات من الناحية القانونية والتكفل بالحالات الاجتماعية على غرار ملفات المفقودين وأقارب الإرهابيين الذين قتلوا، إلا أن ما يتعلق بروح مفهوم ورسالة ميثاق السلم من اجل المصالحة الوطنية التي تكمن في مصالحة الجزائريين مع الذات والوطن فان المسار لا زال طويلا. وفي رده على سؤال يتعلق بصعوبة تطبيق بنود الميثاق على بعض الحالات أجاب أويحيى أن القوانين التي تضمنها ميثاق السلم و المصالحة الوطنية جد مرنة في معالجة كل الحالات، مستبعدا في المقابل وجود إجراءات تكميلية لمسار المصالحة الوطنية في الظرف الراهن. كما تطرق اويحيى في رده على أسئلة الصحفيين إلى ظاهرة "الحراقة" وقال إنها ليست مجرد "أزمة" بل "مأساة وطنية" كما أنها ضربة عميقة موجهة للمجتمع الجزائري في قيمه، وفي سؤال حول دور الدولة في التكفل ب "الحراقة" خارج تراب الوطن أشار اويحيى إلى أن الدولة تؤدي واجبها القنصلي، متأسفا في المقابل لكون البعض يقومون بإتلاف الوثائق التي تثبت هويتهم عند الالتحاق بالضفة الأخرى للمتوسط.