بعد انتظار وإعداد وكذلك سجالات بين القادة العرب انعقدت القمة العربية الدورية في الدوحة، وهي قمة جاءت محاصرة بنتائج ما سبقها من قمم في الكويت والدوحة أيضا وشرم الشيخ بعضها حضره القادة وبعضها قاطعه البعض منهم بما في ذلك عمرو موسى• بماذا جاءت القمة للقضية العربية، في الحقيقة ومن منظور متجرد أقول بأن "قمة الدوحة" جاءت لاستعراض بعض العرب لمواقف شخصية ولحزازات تاريخية ولتنافس سياسي أنسى الجميع القضية المركزية وهي القضية الفلسطينية وما جرى من جرائم في الحرب على غزة وما أرادت إسرائيل أن تتحدى به العرب والمسلمين والمجتمع الدولي في تلك الحرب بإمعانها في القتل والتدمير واستعمال كل الأسلحة المحظورة• يدل الوقوف عند هذه المجازر المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني واتخاذ القرارات الملزمة للجميع والتي تعبر عن موقف عربي قوي وثابت يردع إسرائيل ويدفع الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا إلى الضغط على الصهاينة لينصاعوا إلى مسار السلام، راحت كل الجهود في إصلاح ذات البين بين القادة، والتمني لأن يتوصل الفلسطينيون إلى مصالحة وطنية تنهي حالة الصراع والانشقاق الذي يتواصل لأكثر من ثلاث سنوات• وتعالج قضية محكمة الجرائم الدولية ضد الرئيس السوداني وربما تفاصيل أخرى أقل من ذلك لتأتي التصريحات سواء الفردية أو عبر الندوات الصحفية وكأنها تزف خبرا مميزا حيث تم الإعلان مثلا على أن القمة إتخذت قرارا بإعطاء الصهاينة فرصة ليبدوا مواقفهم من عملية السلام في أجل أقصاه نهاية السنة الجارية، مؤكدين من ناحية أخرى على أنهم لا يزالون متمسكين بالسلام كخيار إستراتيجي، ولم يوضحوا ما الذي سيجري بعد هذه المهلة، وما هي المواقف العربية عندئذ!! أو الخيارات الأخرى؟ العرب أو القادة الخالدون في كراسيهم على ماذا يختصمون؟ هل من أجل فلسطين ووسيلة تحريرها، أم من أجل الجولان وكيفية استعادتها من الإحتلال الإسرائيلي، أم من أجل ما تبقى من مزارع شبعا اللبنانية أم من أجل العراق الذي يرزخ تحت الإحتلال؟ كل هذه القضايا ليست سببا في الخصام، بل السبب في الخصام هو كيف يمكن الإنصياع للمشروع الأمريكي - الصهيوني لضياع فلسطين، وإنهاء المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق، وعدم التعاطي مع القوى الحليفة التي تؤيد القضايا العربية وتقدم الدعم المادي والمعنوي وفي المحافل الدولية• لقد كشفت حرب تموز جويلية 2006، والحرب على غزة الكثير من الواقع العربي المؤلم وهو الواقع الذي لم يتغير في حقيقته منذ 1948، ولذلك تأتي القمم وتليها أخرى والعرب يدورون في حلقة مفرغة لأنه لا يوجد لديهم البديل وغير قادرين على اتخاذ أي قرار يستعيد لهم شيئا من الاعتبار مع أن ما لديهم من إمكانيات قادرة على صنع المستحيل واحداث التغيير حتى في أشد المواقف تصلبا• مع الأسف هذه قمة مضت وأصبحت بكل ما جرى فيها من الماضي لكن لو أردنا إحصاء نتائجها لن نجد سوى الكلام الذي لن يتجاوز قاعة الاجتماع، أما المعالجات فلن تكون بل ستبقى ورقة جديدة تضاف إلى جدول أعمال القمم الى جانب التمسك بالسلام كغطاء للعجز العربي المزمن !