ينتهي نهار اليوم الإضراب الوطني الذي شنه الاستشفائيون الجامعيون (الأساتذة والأساتذة المساعدون في العلوم الطبية و"الدوسانت") بداية من يوم السبت المنصرم، وينتظر مثلما جرت العادة أن تعقد صباح اليوم جمعية عامة لتقييم الإضراب، واتخاذ الموقف الجديد المناسب، على ضوء ما تم حتى الآن مع وزارتي الصحة والتعليم العالي، والسلطات العمومية الأخرى المعنية بشأن مطلب الأجر التكميلي، ونظام التعويضات. شنت حتى الآن هذه الشرائح الطبية الثلاث عددا معتبرا من الإضرابات المتقطعة، المحددة بثلاثة أيام لكل إضراب، وهي حتى هذه اللحظة مازالت مصرة على مواصلة السير في هذا الخيار، ولن تتوقف عنه مثلما صرحت بذلك قياداتها النقابية إلا عندما يفتح معها حوارا مسؤولا وجادا، يستجاب فيه للمطالب المهنية الاجتماعية المعبر عنها، وفي مقدمتها مطلب رفع الأجر التكميلي، والإفصاح عنه بصورة نهائية، وهذا الأجر هو ذاك المتعلق بالمقابل المادي للخدمات الصحية التي يقدمها هؤلاء عبر مختلف الهياكل والمؤسسات التابعة لوزارة الصحة، إلى جانب مسألة نظام التعويضات، الذي لم يفتح بعد أي نقاش حوله، وهو كذلك بالنسبة لهذه الشرائح الثلاث أمر هام، وعليه مثلما قال بعضهم يتوقف مصير توجهاتنا الاحتجاجية. الاستشفائيون الجامعيون يرون أن وزارة التعليم العالي هي الأخرى لم تنصفهم في ما يتقاضونه من ميزانيتها، رغم أن هذه الشرائح الثلاث قد استفادت من التصنيفات الجديدة التي تضمنتها شبكة الأجور الجديدة، والتي جاءت مباشرة عقب سياقات احتجاجية طويلة، خاضها هم أنفسهم وأساتذة التعليم العالي الآخرين، عبر كافة الجامعات والمراكز الجامعية، والهياكل الأخرى، تحت لواء نقابة المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم العالي (كناس)، والفروع النقابية المنشقة عنها، وعلى هذا الأساس هم اليوم في مقاطعة متواصلة لامتحانات طلبة العلوم الطبية الذين هم طلاب علم عندهم. لكن الغريب في أمر هؤلاء الأساتذة والأساتذة المساعدين في العلوم الطبية و"الدوسانت"، أنهم من جهة يطالبون في الدرجة الأولى بإعادة النظر في الأجر التكميلي والزيادة فيه، وهو أمر تحت وصاية وزارة الصحة، ويرتبونه في مقدمة كل المطالب، ولكنهم مع ذلك إضراباتهم واحتجاجاتهم عدديا ونوعيا هي كلها تقريبا مركزة حول مقاطعة امتحانات طلبة العلوم الطبية، وأن القسط الأكبر من كل الإضرابات والاحتجاجات المشنة، كان ومازال لوزارة التعليم العالي، في الوقت الذي مثلما هو ملاحظ، أن مطلبهم الأساسي الفقري هو من اختصاص وزارة الصحة. بناء على هذا الوضع، فإن تساؤلات كبيرة تطرح حول التركيز في الإضراب فقط على امتحانات الطلبة دون أن يوازيها تركيز مماثل حول الخدمات الصحية عبر المستشفيات والهياكل الصحية الأخرى، ومن دون قصد سيء في هذا السياق، نذكر أنه منذ حوالي شهر كانت نقابتا الأساتذة والأساتذة المساعدين في العلوم الطبية في حوار وتفاوض مباشر مع وزارة الصحة حول الأجر التكميلي، الذي هو من اختصاصها، وقد خاضتا إضرابا وطنيا من أجله، لكن المدهش الغريب أن هذا الإضراب آنذاك مس فقط مقاطعة امتحانات الطلبة، التي هي من اختصاص وزارة التعليم العالي، ولم يمس الخدمات الصحية بالمستشفيات والهياكل الصحية الأخرى، التي هي من اختصاص وزارة الصحة، في الوقت الذي كان ومازال يعرف فيه الجميع بمن فيهم الأساتذة المضربون، أن الوزارة الأولى المعنية بهذا المطلب الفقري الكبير هي وزارة الصحة، لا وزارة التعليم العالي، وهذا بالضبط ما نبه إليه بنوع من الاستغراب أحد الأساتذة المتدخلين في جمعية عامة سابقة، عقدت بمستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة. وحسب التوقعات المحتملة والأجواء التي تنعقد فيها نهار اليوم الجمعية العامة، فإن كل الاحتمالات المطروحة ترجح توجه الأغلبية المطلقة نحو إقرار إضراب آخر، ذلك مثلما يقولون، لأن الوزارتين المعنيتين لم تبديا حتى الآن أية استجابة حقيقية إزاء ما يطالب به الاستشفائيون الجامعيون.